محمد غانم: في الطريق إلي قرية سنديون التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية وبرغم لافتات الاستقبال الحافل التي تحاول أن تمنحك بعضا من التفاؤل والسعادة‏,‏ إلا أنك لاتملك سوي الشعور بالرثاء لحال الأهالي في هذه القرية الصغيرة التي لاتتعدي مساحتها عدة كيلو مترات‏!‏
أما لماذا الرثاء؟ فلانهم يعيشون كوارث بيئية محققة تبدأ من الترعة ذات اللون الأحمر القاني الغارق في دماء المجزر الآلي‏,‏ والتي تصرف فيها بلا هوادة‏,‏ وتنتهي بتلال القمامة والحيوانات النافقة والملاهي الخاصة غير الآمنة‏,‏ والتي افتتحت إلي جوار المدارس‏,‏ أما الكارثة الأكبر فهي أن المسئولين عن القرية أو المدينة وربما المحافظة لايدرون عن هذه الكوارث شيئا‏!‏
أول مايلفت انتباهك في قرية سنديون ذلك اللون الأحمر البشع الذي تغرق فيه بأكملها طول ترعة خليج الشامي والسبب ماسورة صرف لايزيد قطرها علي بضعة سنتيمترات خاصة بأحد المجازر الآلية فأصحابها لايعبأون بقوانين البيئة أو أي قانون آخر بالاضافة لسيارات الكسح التي تلقي بمخلفاتها ايضا في الترعة‏!‏ وهو مايؤكده قول أحد أبناء القرية‏:‏ نحن نخشي علي أنفسنا بل علي حيواناتنا من مجرد الاقتراب من هذه الترعة حتي لاتصيبنا الأوبئة والأمراض‏,‏ والكارثة أن هذه الترعة تروي منها الأراضي الزراعية التي نأكل حصادها وكأننا نتناول السم والأمراض بأيدينا‏!‏
السيد أبو ساقية ـ مهندس زراعي من أبناء القرية يطرح علينا مشهدا آخر قائلا‏:‏ طرحنا العديد من الحلول للتخلص من هذه الترعة التي أصبحت مأوي دائما للحيوانات النافقة ودماء وبقايا ملوثات المجزر الآلي وهربت منه جميع الكائنات الحية‏,‏ وبالفعل تم تنفيذ أحد هذه الحلول التي رأيناها صالحة وبمثابة طوق النجاة وهي تغطية مساحات من الترعة مع زرع مواسير الصرف الضخمة أسفل الردم وبالفعل بدأ العمل من خلال المقاول بكل همة ونشاط‏,‏ وكان الاشتراط الوحيد في مجلس المدينة أن تنتهي أعمال الردم والتغطية بالتشجير وعمل حدائق عليها محددة بأسوار جمالية واضاءتها لتكون متنفسا لأبناء القرية‏,‏ فإذا بها تتحول بعد انتهاء عمليات التغطية إلي تلال من القمامة يصعب التخلص منها بعد أن طنش المقاول أعمال التجميل واكتفي بأعمال الردم الجزئي‏.‏
ويضيف النقيب طارق صلاح أن المشكلة لاتكمن فقط في الترعة وحدها أو في لونها الأحمر الذي يشعر كل من يقترب من القرية بالخوف فهو بالتأكيد لايعلم أنها مجرد دماء لمجزر آلي يسبب الأمراض والأوبئة التي قد يسببها للأهالي ومن خلال مياه الشرب التي أصبحت سيئة وغير صالحة للشرب أو حتي للاستهلاك الآدمي حتي الحيوانات تعزف عن الشرب منها وفيها نسبة الشوائب عالية وترتفع نسبة الملوحة‏.‏
وأضاف‏:‏ أعتقد أنه ليس في طاقتنا نحن أبناء القرية من محدودي الدخل الاكتفاء بالمياه المعدنية أو الغازية إذا كان ذلك هو مايقصده المسئولون‏!‏ فالحجم الحقيقي للمشكلة أو الكارثة أكبر‏.‏
محمد السيد ـ موظف يقول‏:‏ اتجهنا إلي السيد محمد سعد رئيس مدينة قليوب لكي نشكو له مأساتنا فأكد أنه لايعلم شيئا عن الموضوع أو مايحدث في القرية‏,‏ فأصابتنا نحن وفد القرية خيبة أمل ودهشة‏,‏ وفي محاولة لاخراجنا من حالة اليأس التي انتابتنا أرسل في طلب وكيل المجلس المحلي ورئيس قريتنا السيد إبراهيم آدم حيث التبريرات بأن قلة الاعتمادات والامكانات هي السبب وهنا لم يجد رئيس المدينة وسيلة لرفع الحرج سوي اعطائنا وعدا بحل هذه المشكلات خلال أسبوع ومرت أسابيع ومازال الوضع علي ماهو عليه‏!‏
وقال إن الأمر لايتوقف فقط عند ترعة الدماء التي تهدد القرية بأمراض لاقبل لهم بها أو بتلال القمامة والحيوانات النافقة التي تحاصر المنازل بلا هوادة ولكن إلي قطعان الماشية والأغنام التي تحاصر المدارس وأحيانا تتسرب إلي داخلها لتأكل الأوراق والقمامة وهناك مدن الملاهي الخاصة غير الآمنة التي تحاصر ايضا المدارس ويفضلها الصغار علي مدارسهم المكدسة‏.‏
*‏ هل هناك من يعيد إلي هذه القرية رونقها وجمالها؟ وهل يهب رجل العدل عدلي حسين محافظ القليوبية لإنقاذ أهالي سنديون وهو من عرف بانحيازه الدائم للمواطن البسيط وجولاته التي لا تنقطع بانحاء محافظته لإعادة الانضباط‏.‏
الدكتور فتحي النواوي أستاذ الرقابة علي الأغذية بطب بيطري القاهرة ـ يؤكد أنه يجب أولا إيقاف أي نوع من أنواع التعامل مع مثل هذه المياه الدموية الخطيرة علي صحة الإنسان‏,‏ حتي ترسل وزارة البيئة فريقا من خبرائها لبحث الأمر والوقوف علي أسبابه ومعاقبة المسئولين عنه في محاولة لانقاذ مايمكن إنقاذه‏!‏