محمد سلماوي: وجدت الأستاذ نجيب محفوظ صامتا حزينا فسألته عما به فقال‏:‏ لقد رحل عن عالمنا ناشر كبير كان له فضل لا ينكر علي نشر الأدب والثقافة منذ الأربعينيات والخمسينيات الماضية وحتي الآن‏,‏ إنه سعيد جودة السحار صاحب مكتبة مصر‏,‏ وقد ربطتني علاقات وثيقة بشقيقه الأصغر الكاتب الراحل عبدالحميد جودة السحار الذي كان يأتي إلينا في مقهي عرابي مع بعض الأصدقاء‏,‏ وكنا جميعا مؤلفين لايجدون وسيلة لنشر أعمالهم‏,‏ وأنا علي سبيل المثال كنت أكتب الرواية وأقوم بتبييضها ثم أودعها درج مكتبي‏,‏ لكن عبدالحميد جودة السحار فكر أن ينشيء ما سماه لجنة النشر للجامعيين ولولا وجود شقيقه الأكبر سعيد معه في هذا المشروع ومساندته له لما وجد المشروع‏,‏ فالفضل في إنشاء هذه اللجنة يعود بالدرجة الأولي إلي سعيد جودة السحار رحمه الله والذي أفرج أزمة النشر عند جيل كامل من الأدباء هو الجيل الذي أنتسب إليه‏,‏ ومنه عادل كامل وعلي أحمد باكثير وأمين يوسف غراب وغيرهم رغم أن مثل هذا المشروع لم يكن مربحا‏,‏ لدرجة أننا اتفقنا في ذلك الوقت علي ألا يتقاضي أي منا أي أجر علي الكتاب الأول‏,‏ فإذا نجح الكتاب وتم نشر كتاب ثان كان للمؤلف أجر‏,‏ وأذكر أن أول مانشرت عندهم كانت رواية رادوبيس ثم كفاح طيبة ثم خان الخليلي إلخ‏,‏ وكانت بعض دور النشر الأخري قد عرضت علي بعد نوبل أن أنشر عندهم بشروط أفضل لكني لم أستطع أن أنسي فضل آل السحار علي في بداية حياتي فلم أتركهم حتي الآن‏.‏