لام كوتا (إندونيسيا) من كين مورتيسوغو: حين انطلقت موجة الطوفان العاتية من جوف المحيط، وشكلت جداراً من الماء قصد اليابسة بسرعة لا تُدانى، أمسك يوسنادي (38 عاماً) المعلم في إحدى المدارس الابتدائية أطفاله الثلاثة وأردفهم فوق دراجته النارية وانطلق هارباً من وحش البحر. لكن الأخير كان أسرع، فقد اجتاحته موجة تحمل جذوع الأشجار وحطام المنازل المطلة على الساحل وضربت الدراجة من الخلف، وسحبته المياه الهائجة قرابة ثلاثة كيلومترات. لكنه نجا. غير أنه لم ير أطفاله وزوجته مرة أخرى.
مثل قصة يوسنادي تتكرر في غالبية قرى الساحل الإندونيسي. كثير من الرجال يسردون قصصاً مرعبة لنجاتهم من براثن الموج العاتي الهائج ليكتشفوا أنهم فقدوا صغارهم وزوجاتهم. لكنها ليست حكايات مأساوية يقصها أفراد مكلومون. إذ يعتقد مسؤولو منظمات الإغاثة العاملون في المناطق الآسيوية المنكوبة بأنه قد تستحيل إعادة إعمار القرى التي محاها الطوفان عن ظهر الوجود لأنه لم يعد ثمة عدد كافٍ من الأطفال والنساء.
ففي قرية لام كوتا - مسقط رأس يوسنادي التي تبعد نحو 48 كيلومتراً من مدينة باندا اتشيه - لم تكتب حياة سوى ل 48 من السكان الذين كان عددهم قبل الطوفان 600 شخص. ومن هؤلاء الأحياء لم تبق سوى 4 نساء ولا يوجد أطفال. ولا يوجد تفسير علمي لسبب نجاة الرجال، سوى ترجيح الاعتقاد بأنهم ربما بقوا لأنهم أقوى وأكثر قدرة على السباحة.
ويقول مهدي افندي رئيس مجلس منطقة لونج التي تقع قرية لام كوتا ضمن أعمالها إن فقدان عدد كبير من السكان يعني أن بعض القرى لن يتم إعمارها مطلقاً، وذكر أن أربعاً فقط من القرى ال 28 التابعة للمنطقة هي التي كتبت لها النجاة من وحش الطوفان. وأضاف ان نصف عدد السكان الذين قدره ب 11812 نسمة ماتوا أو يعتبرون في عداد الأموات. وقال إنه يتوقع بعد استقرار الأوضاع أن ينحسر عدد قرى المنطقة إلى 10 فقط.
ولاحظ فريق “كي. آر. تي.” الذي تفقد المنطقة أن موجة ال “تسونامي” الهائجة قطعت ستة كيلومترات داخل اليابسة، ولم يبقَ حتى حطام المنازل التي لم يعد يحدد مكانها سوى أساساتها الخرسانية. وفي قرية لام كوتا - على وجه التحديد - لم يبقَ شيء يمكن استعادته أو إنقاذه.