واشنطن من جويس كرم: من حديقة «لافاييت» المحاذية للبيت الأبيض مروراً بـ«ساحة الحرية» والمسرح الوطني ووصولاً إلى مبنى الكابيتول، تستعد جادة بنسلفانيا في العاصمة الأميركية واشنطن، لاستقبال تناقضات الولايات الخمسين في أكبر حشد متوقع منذ 1973 لتنصيب الرئيس جورج بوش لولاية ثانية، وفي ظل حضور أمني غير مسبوق وتبرعات سخية من موالين، لتأريخ الحدث وأخرى من معارضين للتظاهر ضده.
وتعهدت وزارة الأمن الداخلي نشر 6000 شرطي و2500 عسكري أميركي في الجادة الخميس المقبل، معززين بآلاف الكلاب البوليسية، في مراسم تجاوزت كلفتها الـ17.3 مليون دولار لأول حفلة تنصيب رئاسية بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 . ويشارك في الاحتفال الذي بدأ تاريخياً في العام 1789، 250 ألف أميركي ويواكبهم نصف مليون في المسيرة الوطنية داخل الجادة التاريخية، فيما يتوقع توافد أعداد مماثلة من 50 مجموعة معارضة تستعد للتظاهر خارج الجادة.
وبلغت كلفة التحضيرات 40 مليون دولار أي عشرة أضعاف مراسم تنصيب الرئيس ريتشارد نيكسون في 1973 وضعف ما صرفه الرئيس الراحل رونالد ريغان في 1985 . كما فاق المبلغ تكاليف مراسم تنصيب الرئيس السابق بيل كيلنتون في 1997 والتي بلغت 30 مليون دولار، في ظل انتعاش اقتصادي أميركي يعاكس الوضع الحالي. وجاءت معظم التبرعات من كبار عمالقة الشركات الأميركية والتي لها مصلحة اقتصادية مباشرة في انتخاب بوش، أو قوانين عالقة في الكونغرس الأميركي.
وتعتبر حفلة التنصيب الفرصة الوحيدة المتوفرة لهذه الشركات للتبرع في شكل غير محدود وغير مراقب قانونيًا للبيت الأبيض. وساهمت شركات: «أكسون موبيل» و«شيفرون» بتقديم نصف مليون دولار، و100 ألف دولار ريعاً للحفلات الرسمية التي تبدأ أول الأسبوع. وتسعى الشركتان إلى الضغط على نواب في الكونغرس لتمرير مشروع ضخ النفط في ولاية آلاسكا والذي يواجه معارضة شعبية قوية من الحزب الديموقراطي ومنظمات بيئية.
وإلى جانب شركات النفط، قدمت شركة «تايم وارنر» الإعلامية ربع مليون أيضاً، وقابلها تسهيلات من عملاقة الاكترونيات «جنرال إلكتريك» والتي ستفتح مكاتبها في الجادة لاستقبال الجماهير. ونفدت التذاكر في احتفال التنصيب الـ55 والتي وصل سعر بعضها إلى 100 ألف دولار للطاولة الواحدة، و250 ألفاً لطاولتين سيتمكنون من رؤية الرئيس بوش في سهرة الأربعاء النخبوية.
وتخوفت وزارة الأمن الداخلي من شغب أمني الأسبوع المقبل، وعمدت إلى مواجهته بفرض طوق عسكري حول الجادة، التي ينتظر أن يتوجه إليها المتظاهرون من الساعة التاسعة صباحاً في الـ20 الجاري. وسيرتدي بعض المتظاهرين الأكفان ويحملون يافطات معارضة لسياسة الرئيس بوش الخارجية والداخلية، كما سيمارس بعضهم حالات عصيان مدني بقطع الطرقات في الجادة 16 وبجانب الكابيتول. كما أعلنت مجموعات أخرى إضراباً عن الطعام ومقاطعة اقتصادية طوال اليوم. وستعمد الفرق الأمنية إلى نشر حواجز تفتيش إلكترونية حول المنطقة وستمنع أي مدني من التوجه إلى الجادة من دون بطاقة تعريف شرعية.