قبل ثلاثة أيام أعلن الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رئيس جائزة مؤسسة الملك فيصل عن منح جائزة خدمة الإسلام لهذا العام لأحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية، ومؤسسة الحريري. وقد دأبت مؤسسة الملك فيصل للدراسات الإسلامية منذ مطلع الثمانينينات، على منح جوائز في العلوم الإسلامية والإنسانية والبحتة والتطبيقية، وفي خدمة الإسلام. وتمنح الجوائز في العادة لأفراد قدموا إسهامات في المجالات السالفة الذكر، لكنها المرة الأولى التي تُمنح فيها الجائزة لمؤسسة أو جهة قدمت إنجازات في المجال التنموي الإسلامي، بما يتجاوز الأمور الشعائرية والدينية إلى المشروع الحضاري العربي والإسلامي.
وقد جاء في حيثيات لجنة الجائزة ان مؤسسة الحريري العاملة منذ أكثر من عقدين، انفردت بتعليم أكثر من ثلاثين ألف طالبة وطالب، كما أسهمت في أعمال إعمارية وصحية واجتماعية وإنمائية في لبنان والخارج.
قرنت الجائزة بين رئيس البنك الإسلامي للتنمية ومؤسسة الحريري إشارة إلى المعنى التنموي الكبير الجامع بين المؤسستين، فمؤسسة الحريري عملت منذ الثمانينات على استيعاب المتغيرات في مجال الخير والعمل العام، ودخلت في عمليات التطوير التنموي، وتعظيم الموارد والنتائج، والدخول في النشاطات النوعية لمؤسسات المجتمع المدني، والإقبال على شراكات مع المؤسسات العربية والعالمية، وهي عندما قامت بتطوير نشاطاتها بالاتجاه التنموي ما كانت تبتدع جديداً وحداثياً، بقدر ما كانت تستجيب لدواعي العراقة والأصالة من جهة، والانفتاح على المتغيرات العالمية من جهة أخرى. فالمعروف ان المسلمين كانوا يفرّقون منذ القديم بين مصارف الزكاة التي تعني الاستجابة للضروريات، وموارد الوقف التي تستجيب للحاجات الاستراتيجية والمسائل التنموية الكبرى. ولذلك ففي الوقت الذي كانت فيه المؤسسة ولا تزال احدى كبرى جهات المجتمع المدني العربي، اتجهت لوصل القديم بالحديث والمتقدم في نطاق العمل على المجتمع المدني الإسلامي، الذي لا يدخل في جداليات الأهلي والمدني، بل يضع قضايا النمو والتقدم والتمكين الإنساني والاجتماعي في رأس أولوياته.
مؤسسة الملك فيصل العريقة في أكاديميتها وسمعتها العالية، والتي حصل عدد كبير من مجازيها على جوائز نوبل وجوائز عالمية أخرى، تضيف إلى سجلها الحافل التقدير الرزين والجاد للفكرة التنموية الإسلامية من خلال مؤسستي الحريري والبنك الإسلامي.