القدس المحتلة من وديع عواودة: حمّل رئيس السلطة الوطنية المنتخب محمود عباس (أبومازن)، في تصريح خاص ل “الخليج”، الاحتلال مسؤولية دوّامة العنف وسقوط الضحايا في عملية معبر كارني. واشار الى انها جاءت رد فعل على قيام الجنود “الاسرائيليين” بقتل تسعة مواطنين فلسطينيين قبل العملية بيوم. لكن عباس رأى ان مصلحة الشعب الفلسطيني تستدعي وقف ما سماه “دوامة العنف” والامتناع عن منح الاحتلال الذرائع للمضي في عمليات قتل البشر والشجر وهدم البيوت في الاراضي المحتلة.
واضاف “من غير المعقول ان تقوم جهات فلسطينية باستخدام صواريخ محدودة الجدوى من جهة لتتحمل السلطة الوطنية من جهة اخرى مسؤولية تعويض من تهدم بيوتهم خلال الرد “الاسرائيلي”. فصاحب البيت المتهدم يتلقى منا 1500 دولار فقط عوضا عنه وعن تحويشة العمر وهذه مأساة وعبثية ينبغي وضع حد لها”. وردا على سؤال حول كيفية اخراج ذلك الى حيز التنفيذ، شدد أبومازن على ان الدم الفلسطيني بالنسبة له سيكون “خطاً احمر”، ودعا الفصائل كافة الى “عدم استغلال هذا الموقف للاستمرار في المس بمصالح الشعب الفلسطيني من خلال عمليات لا طائل منها”.
وحول سلم اولوياته لتسيير مركب السلطة الوطنية بعد تسلمه القيادة رسميا اليوم، قال أبومازن انه يستعد لتأمين العيش الكريم للفلسطينيين ومنحهم الحق بالحياة الآمنة ومكافحة الفساد وذلك من خلال فرض سلطة القانون، وترتيب البيت الفلسطيني اولا الذي اعتبره “الجهاد الاكبر”. وكشف ابو مازن عن ان رئيس دولة “اسرائيل” موشيه كاتساف الذي هاتفه لتقديم التهاني ذهل لسماعه كلمة “الجهاد الاكبر” فسارع الى توضيح الامر. واضاف “كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ينوه الى بدء الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس بعد انتهاء كل معركة، ولا احد يحارب من اجل الموت، وانما من اجل حياة أفضل”.
وفي شأن توقعاته للمستقبل قال أبومازن انه يعرف ارييل شارون جيدا من خلال تاريخه، واللقاءات السابقة معه، ويريد إلقاء الكرة بالملعب “الاسرائيلي” من خلال حرمانه من تصدير ازماته للجانب الفلسطيني، وسحب كل الذرائع من يديه بضبط الامن والنظام، واضاف “إذا واصل شارون اعتداءاته فسيكون واضحا لشعبه وللاسرة الدولية انه هو العائق الحقيقي امام السلام فتمارس الضغوط عليه، لا علينا”. واشار أبومازن الى أن السلطة الفلسطينية ستحترم التزاماتها الامنية الان وستطالب “اسرائيل” باستحقاقات خريطة الطريق التي باتت الامم المتحدة مرجعيتها، وبوقف بناء الجدران ومطاردة المناضلين الفلسطينيين، مشددا على انه متمسك بانهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية على الاراضي المحتلة العام 1967. واضاف: “على “اسرائيل” ان تفهم اننا لم نعد نطالب باراضي 1948 انما بدولة على 22% من اراضي فلسطين التاريخية كما عليها ان تمنحنا الوقت الكافي لترتيب اوراقنا، سيما وان هناك من يريد التخريب على مساعينا بدلا من تكرار المطالبة بالمزيد وفحص النيات ووضعنا امام الامتحانات”.
وردا على سؤال حول صحة التقولات بانه سيستبعد المقربين إلى الرئيس الراحل ياسر عرفات من الحكومة الفلسطينية الجديدة، اكتفى أبومازن بالقول “لم تشكل بعد”. وكان مسؤول فلسطيني كبير قال ل “الخليج” ان الرئيس المنتخب سيقصي ستة وزراء من الحكومة الجديدة وسيدخل وجوها جديدة منها ناصر القدوة في حقيبة الخارجية، ونبيل عمرو في الاعلام، ونصر يوسف في وزارة الامن الداخلي. ونوه المصدر الى ان ابو مازن عازم على اجراء تغييرات اوسع بكثير بعد الانتخابات التشريعية. وتعقيبا على تدشين “الليكود” بيته في صفد المحتلة عام 48 مقراً لها، قال أبومازن “سأطالب بالتعويض والاجرة”.
وكان وفد من فلسطينيي 48 نظمه “الحزب الديمقراطي العربي” قد زار مقر رئاسة السلطة الوطنية بعد ظهر أمس (الجمعة) وقدم التهاني بانتخاب أبومازن الذي استقبلهم بحضور روحي فتوح رئيس المجلس التشريعي، وامين سر الرئاسة احمد عبد الرحمن والوزير السابق محمد دحلان. وفي كلمته أمام الوفد اشاد رئيس السلطة الوطنية بنزاهة الانتخابات وبما سماه “العرس الديمقراطي” الفلسطيني، معتبرا ان “الهفوات” التي حصلت في بعض الاماكن غير جوهرية، ويمكن ان تحدث في دول اسكندنافيا. ونوه الى مضي السلطة في الديمقراطية من خلال استكمال الانتخابات المحلية في قطاع غزة والضفة الغربية، والانتخابات للمجلس التشريعي في 17 يوليو/ تموز المقبل والتي ستجري وفق الطريقتين النسبية والمنطقية.
واشار ابو مازن الى عقد مؤتمر لحركة “فتح” في 4 أغسطس/آب المقبل لاعطاء الشباب الفرصة لقيادة المجتمع “كجزء من سنة الحياة”. ولفت أبومازن الى انه حرص على مكاشفة جمهور الناخبين بكل قناعاته كما تجلى في قضية الاعتذار للكويت وبشأن عدم جدوى استخدام الصواريخ. وأضاف “ان احصل على 62% بصدق افضل من 80% بالكذب والمخادعة.
وقال أبومازن انه يرجو ان يساعده الله على اداء مهماته لان أياما صعبة تنتظره، خصوصاً ان توقعات الشعب الفلسطيني منه عالية جدا والخزينة الفلسطينية شبه خاوية والدول المانحة تشترط الدعم بالتقدم بالمسيرة السلمية. ولفت الى انه مع ذلك يدرك من اين سينطلق والى اين سيسير. وانهى ابو مازن كلمته امام وفد فلسطينيي 48 الذي استهل زيارته بوضع اكاليل الزهور على ضريح الرئيس الراحل عرفات بالتأكيد على انه لن يتراجع عن كلمة واحدة صدرت عنه قبيل الانتخابات لرئاسة السلطة الوطنية.