أبها: تكشف الكتب الدراسية المقررة على التعليم العام في إسرائيل عن مزج وخلط الحقائق التاريخية والجغرافية بالأساطير التوراتية والأهداف الصهيونية، بغية تكوين مفاهيم في وجدان الطلاب اليهود تخدم التوجهات اليهودية والصهيونية، مع تجاهل تام للتاريخ العربي والإسلامي.
وقد قام فريق بحثي يرأسه وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للدراسات والبحوث التربوية الدكتور علي بن صالح الخبتي بدراسة هذه التوجهات المعادية للعرب والمسلمين من خلال تحليل المحتوى والخطاب لعينة من الكتب الدراسية المقررة في التعليم العام والديني في إسرائيل، والتي بلغت 23 كتاباً.
و"الوطن" إذ تنشر ملخص هذا البحث قبل طباعته في كتاب، إنما تسعى لكشف الاعتداء السافر على العرب والمسلمين، في المناهج التعليمية الإسرائيلية، إلى الحد الذي وصفت فيه الإسلام بأنه مجرد أفكار ومفاهيم يهودية استطاع الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يقدمها للعرب في صورة تناسبهم، وأن معجزة الإسراء والمعراج ما هي إلاّ أسطورة خرافية ابتدعها الرسول وصدقها أهله وأتباعه، وغير ذلك من العبارات التي تصف الشريعة الإسلامية بأنها عادات وثنية قديمة، وتتهم العرب والمسلمين بالعنف والإرهاب، وبأنهم أغيار ينبغي قتل أطفالهم ونسائهم وشرب دمائهم.
وقد تم عرض نتائج هذه الدراسة وتحليلها وفقاً لخمسة محاور هي: "البعد الإسلامي"، و"البعد القومي"، و"البعد الصهيوني"، و"البعد السياسي"، و"النتائج والتوصيات"، مع التركيز على الموضوعات الرئيسة التي انتظمت في معظم الكتب المحللة؛ تلك الموضوعات التي تكاد تشكل معظم ما يمكن أن يسمى بـ (مكونات الهيكل المفاهيمي والقيمي) الذي أنتجه الخطاب التربوي بكافة تجلياته المختلفة في الكتب الدراسية التي خضعت للتحليل.
البعد الإسلامي
تناول تحليل محتوى الكتب الدراسية بعض الموضوعات مثل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وأركان الإسلام والجهاد والإرهاب بالإضافة إلى الإسلام من حيث هو دين.
1- الدين:
أظهرت نتائج التحليل أن الكتب الدراسية في إسرائيل ربطت بين الدين الإسلامي والعنف، مدعية أن انتشاره تم بالسيف. وفي هذا السياق عرض أحد الكتب صورة لمسجد وبجانبه "الجيش الإسلامي" وأسفل الصورة شعار الحرب عند المسلمين وهو عبارة عن سيفين يتوسطهما هلال من أعلى، ثم يورد الكتاب تعليقاً على الصورة الواردة جاء فيه: "الإسلام دين المحاربين".
وتأكيداً على الربط بين الدين الإسلامي والعنف سميت الفتوحات الإسلامية بـ"الحملات الحربية الإسلامية"، وورد في نصوص الكتب: "إن عمليات الاحتلال الإسلامي كانت تمثل أكبر الحملات الحربية في تاريخ البشرية، فلم يشهد مثلها العالم منذ عهد الإسكندر المقدوني في القرن الرابع قبل الميلاد"، فوصف العرب بالمحتلين، والفتوحات الإسلامية بمثابة اجتياح عسكري هدفه الاحتلال. وتتحدث بعض هذه الكتب الدراسية عن أن الدين الإسلامي ليس من عند الله ولكنه مفروض على قبائل شبه الجزيرة العربية من قبل الرسول محمد وأن مجيء الإسلام قد سبب مشاكل كثيرة للمسلمين؛ فقد جعلت العقيدة الجديدة حياة الناس في الصحراء صعبة.
2- الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
لم تعترف الكتب الدراسية في إسرائيل بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وبأنه رسول مرسل من الله العلي العظيم. بل تقدم محمداً على أنه ادعى من ذاته أن الله اختاره نبيًّا، وأنه قرر من ذات نفسه أن يصبح رسولاً، ولذلك يتم ذكر اسمه (محمد) فقط دون تقدير لمكانة النبوة.
وتقول الكتب إن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو مؤسس الدين الإسلامي، وإنه أقام بمكة حتى 622م، وإن الله تعالى قد تجلى له، وعلى إثر هذا التجلي الإلهي دعا محمد سكان مكة للإيمان بالله إلهاً واحداً، وعارض سكان مكة محمداً لأنهم كانوا يخشون من إلحاق الأذى بمصدر رزقهم ومعتقداتهم، إذا توقفت عبادتهم حول الكعبة في مكة، التي كانت تستخدم مكاناً لعبادة الأصنام من قِبل سكان شبه الجزيرة العربية. وخوفاً على حياته هرب محمد مع أسرته إلى يثرب، وهناك تقبل المواطنون عقيدة الإسلام. هذا الهروب أطلق عليه اسم الهجرة، وهي بداية التقويم عند المسلمين، وقد كانت عام 622م. منذ تلك اللحظة انتشرت عقيدة محمد في أرض شبه الجزيرة العربية، ونجح محمد في تجميع المسلمين وتوحيدهم في إطار طائفة واحدة، وذلك من خلال قدرته على الإقناع تارة وطريق القوة تارة أخرى. وهكذا أسس محمد الأمة وحظر عليهم أن يحارب بعضهم بعضاً. وبالمقابل طلب محمد من المؤمنين به الانطلاق بحملات احتلال في العالم من أجل نشر الإسلام في العالم بأسره. ويلاحظ أن المؤلفين يتجاهلون الآيات القرآنية التي تحرم الاعتداء على الآخرين أو إكراه أحد على اعتناق الإسلام.
أما معجزة الإسراء والمعراج، فتقدمها على أنها أسطورة خرافية ابتدعها الإسلام ورسوله ويؤمن بها المسلمون لأن الرسول محمد قصها على أهله وأصحابه.
وتقدم بعض الكتب الدراسية وصفاً للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ينطوي على خصال سلبية، وتصف الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالغارق في أحلام اليقظة، والمحارب، والمبتدع للدين الإسلامي، وتعرض صورته بمظهر يبتعد عن حياة التقشف والتواضع والتسامح التي تعرف عنه وعن بقية الأنبياء.
ثم إن بعض الكتب يحاول التقليل من مكانة النبي صلى الله عليه وسلم من حيث هو نبي، وكأن دعوته دنيوية وليست دينية، كما يبين بعض الكتب أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتعامل مع الخلفاء على أنهم أشبه بموظفين في نظام حكومي، يتولون منصب النائب أو القائم بأعمال الرئيس. والمعروف تاريخيا أن انتخاب أبي بكر أول خليفة للمسلمين يمثل قمة الديمقراطية في عالم اليوم.
ويلاحظ أيضاً من تحليل نصوص هذه الكتب أنها تهدف إلى تشكيل ذهنية الطالب اليهودي في اتجاه واضح يرمي إلى تثبيت عدم الاعتراف بأن محمداً نبي ورسول، وبأن الإسلام ما هو إلا أفكار ومفاهيم أخذها محمد من اليهود والنصارى وقدمها للعرب في صورة تناسبهم.
3- النظرة إلى القرآن:
كشفت الكتب الدراسية في إسرائيل عن ترسيخ أفكار تتعلق بعدم قدسية القرآن الكريم؛ لأنه من - على حد زعمهم - نسج خيال لمحمد (صلى الله عليه وسلم)، وأنه يعتمد في جزء كبير منه على ما ورد في الكتب الدينية اليهودية. وتربط بعض هذه الكتب بين لغة القرآن ولغة التوراة؛ للتدليل على أن القرآن مستوحى من التوراة. وفي إطار هذا التصور الخاطئ تشير بعض الكتب إلى أن محمداً أنزل القرآن من السماء بعد معجزة الإسراء والمعراج، في إشارة إلى دحض حقيقة أن القرآن وحي من الله. وتستخدم بعض الكتب الدراسية في إسرائيل المفردات الدينية اليهودية للتعبير عن المكونات والمفردات الإسلامية؛ فالقرآن يقدم على أنه توراة محمد، ويقدم الحديث النبوي والسنة الشريفة على أنها التوراة الشفهية التي تكمل القرآن.
أركان الإسلام
تسعى الكتب الدراسية لمراحل التعليم العام والديني في إسرائيل لتشويه الشعائر الإسلامية الحالية بتسميتها بالعادات الوثنية القديمة التي أدخل عليها النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعديلاً طفيفاً. كما تزعم هذه الكتب أن أركان الإسلام حددت من قبل أتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، ولم تحدد من عند الله، وأن الرسول لم يُبلغ بها. هذا بالإضافة إلى الخلط بين معتقدات الديانة اليهودية والديانة الإسلامية، من خلال ترديد فكرة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تأثر باليهود والنصارى الذين قابلهم خلال رحلاته.
وتحرص هذه الكتب على تأكيد أن الإسلام ما هو إلا نسخة معدلة لليهودية وما جاء في التوراة، وأن النبي محمداً بذل جهداً مضنياً لمطابقة دينه وجعله متفقاً مع اليهودية؛ فقد أمر أتباعه بصيام يوم الغفران والتوجه في الصلاة نحو القدس. وعندما واجه مقاومة اليهود لدينه توقف عن تقليد اليهودية، وأمر أتباعه بصيام شهر رمضان والإكثار من الصلاة والصدقة فيه والاحتفال بعيد الفطر في نهايته لمدة ثلاثة أيام مع أن عيد الفطر يوم واحد، وتزعم الكتب أن الهدف من ذلك التكفير عن الخطايا والذنوب التي ارتكبت خلال هذا الشهر. وهذا القول يتنافى مع اتفاق علماء المسلمين على أن صيام رمضان عبادة روحية وفيه تضامن مع الفقراء. وتزعم الكتب الدراسية أن محمداً أمر أتباعه بتغيير موعد صلاة نهاية الأسبوع من يوم السبت إلى يوم الجمعة.
ثم إن بعض الكتب أوردت معلومات مغلوطة عن الحج، منها أن ذبح الأضحية شعيرة تنتهي بها مراسم الحج. وتبين تلك الكتب "أن محمداً أعد نصًّا دينيًّا جديدًا يتفق والعقيدة الجديدة" وأنه كان من الصعب عليه إلغاء عادة قديمة هي الحج، تلك العادة التي كانت شائعة في أنحاء الجزيرة العربية. لذا لم يغير الطقس الوثني القديم (الحج)، وإن وضع فيه مضامين جديدة. كيف يصعب على الرسول محمد إلغاء عادة وثنية قديمة وقد قضى على عبادة الأوثان؟!.
4- الجهاد:
يتضح من تحليل محتوى الكتب الدراسية أنها لا تفرق بين مفهوم الجهاد في الإسلام والعنف، بل تحاول في بعض الأحيان تقديم الجهاد على أنه صورة من صور العنف والاحتلال، وأن الحرب الدينية تعد ركناً آخر يضاف إلى أركان الإسلام الخمسة، وأن "من يخرج إلى الحرب سيحظى بالثناء والثراء، والمحارب الذي يلقى حتفه في الحرب سيحظى بلقب شهيد (قديس)؛ لأنه مات في سبيل الرب". ويلاحظ مما سبق استخدام تعبيرات مستمدة من التراث الديني اليهودي والمسيحي في محاولة لفرضها على الدين الإسلامي، مثل كلمة "قديس".
5- الإرهاب:
تتضمن هذه الكتب نصوصاً تربط بين الإسلام والمسلمين والعنف، تمهيداً لربطهما بالإرهاب. ويتم ذلك من خلال تشويه مفهوم الجهاد من ناحية، وتقديم الفتوحات الإسلامية على أنها أعمال عنف تقترب من الإرهاب، وذلك عن طريق الربط بين الدين الإسلامي والسيف، ورفض أعمال مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بعد وصفها بهذه الصفة.
كما تتضمن أيضاً نصوصاً عن الفتوحات الإسلامية تعرضها على أنها تعبير عن روح العداء والعنف لدى العرب، فقد ورد فيها النص الآتي: "وجّه الخلفاء، نواب محمد، غرائز الحرب لدى العرب تجاه الكفار الموجودين خارج الجزيرة العربية، وقادوا العرب إلى حرب ضد سكان المملكة الفارسية، وضد المسيحيين الذين قطنوا الإمبراطورية البيزنطية".
ثانياً: البعد القومي:
تسعى هذه الكتب سعياً حثيثاً نحو البحث عن أطر إقليمية بديلة عن الإطار العربي، فتتحدث عن إطارين محددين يمكن أن تدخل فيهما إسرائيل وهما: (دول البحر الأبيض المتوسط) و(الشرق الأوسط) ليضما داخلهما دولاً غير عربية، ويكون لها فيهما موطئ قدم. ويمكن لهذين الإطارين استبعاد بعض الدول العربية. ففي موضوعات عن الشرق الأوسط، تم إدراج دول العالم العربي في آسيا العربية وإفريقيا العربية تحت اسم "الشرق الأوسط" وليس وفقاً لمسمى الدول العربية في شمال إفريقيا وآسيا، وأُدرجت دول المملكة العربية السعودية واليمن وسلطنة عمان والكويت والعراق والأردن وسوريا وإسرائيل (بهدف ضمها إلى هذه المنظومة الشرق أوسطية) ومعها تركيا وإيران ومصر وقبرص لوضعها في إطار الإقليم الجغرافي "الشرق الأوسط". وهكذا كان إطار الشرق الأوسط إطاراً يمكن أن يضم إسرائيل جنباً إلى جنب مع الدول العربية. ولذلك لم تنسب هذه الدول إلى مسمياتها الإقليمية القومية وفقاً لما هو متعارف عليه عالمياً كالوطن العربي ودول آسيا العربية ودول إفريقيا العربية والمغرب العربي وما إلى ذلك، بل استبدلت أسماء غير متفق عليها جغرافياً وإقليمياً بأسمائها الإقليمية الدولية، فمثلاً أطلق اسم حوض النيل على جمهوريتي مصر والسودان، وتم خلط دول آسيا العربية بدول إفريقيا العربية من قبل تجاهل انتمائها القومي العربي. ووضعت هذه الأقطار العربية في شقيها الآسيوي والإفريقي تحت اسم الشرق الأوسط دون أي اعتبار لاسم القارة.
وتستخدم الكتب الدراسية الأسماء الحديثة - مثل الشرق الأوسط - عند تناول أحداث تاريخية قديمة وقعت قبل أن تظهر هذه الأسماء بقرون عدة. ويلاحظ أيضاً أن الكتب تتضمن خريطة لرحلة سيدنا إبراهيم الخليل انطلاقا من أور الكلدانية إلى حاران والنزول في أرض كنعان. وأعطى الكتاب وصفاً جغرافياً لهذه الخريطة بأن سماها أقطار الشرق الأوسط مع أن هذا التعبير لم يكن مستخدماً مطلقاً في القرن التاسع عشر قبل الميلاد.
البعد الصهيوني
تشير نتائج تحليل محتوى الكتب الدراسية في إسرائيل إلى حرصها على وضع خريطة جديدة لفلسطين وأطالس مختلقة تثبت بدورها يهودية المكان والزمان، من خلال إبراز الأماكن والمدن والقرى القديمة بأسمائها اليهودية التوراتية، وإلباس أسماء يهودية للمدن والقرى الحديثة. وقد باتت هذه الكتب تؤكد ضرورة وأهمية استبعاد الإنسان العربي من تاريخ فلسطين، والادعاء بالوجود الدائم والمتواصل لليهود في فلسطين.
وفي أطر القيم الصهيونية تتضمن الكتب الدراسية نصوصاً تحرّض على قتل الآخر، وتربط ذلك بالنصوص الدينية، والأمثلة التاريخية، وفتاوى الحاخامات؛ حتى تحول القتل إلى عبادة، لبناء جيل عسكري يؤمن باليهود وخصوصيتهم، وأنهم (شعب الله المختار) ويؤمن (بأرض الميعاد) و(بناء الهيكل) و(المسيحانية التي تعني ظهور المسيح اليهودي المخلص)، إضافة إلى المحافظة على روح الكراهية اليهودية للأمم والمجتمعات الأخرى. ويلاحظ أنها تتحدث عن المستوطنات والهجرة و"أرض الأجداد" والقدس والحدود الآمنة و"قانون العودة" و"الحق التاريخي" و"إسرائيل الكبرى"، وتقدم الحرب على أنها ضرورة حتمية للمحافظة على اليهودية واليهود، وتغفل في كثير من المواطن القيم الإنسانية الشاملة، ولغة الخير والحوار والمحبة. فالفلسطينيون في نظر الطفل اليهودي أشرار متعطشون للدماء، يفضلون أن يموت أطفال اليهود بالإيدز، وهم يحرقون الغابات ويجرحون الأطفال بالحجارة. وتؤكد المواضيع المقررة التي تمس العلاقة بين اليهود والآخرين قناعتهم بأن "إسرائيل مولود رباني لاهوتي ناشئ عن المرويات التوراتية"، وأن "الشعب اليهودي" لم يولد ولادة طبيعية، أي لم تكن هناك مشاركة وتفاعل بين عامل الجنس والأرض، بل بتفاعل التوراة والعهد الإلهي، ومن خلال نتائج النصوص التي تناولت هذا الجانب يمكن تحديد أهم القيم الصهيونية المتضمنة فيها وهي:
1- وحدة الجماعات اليهودية:
تؤكد الكتب الدراسية أن اليهود في العالم يشكلون وحدة واحدة مهما تعددت أماكن إقامتهم؛ فتتكرر العبارات التي تؤكد وحدة الجماعات اليهودية في مختلف أنحاء العالم القديم، وهو مفهوم معاصر تحاول الصهيونية ترسيخه دون أي اعتبار للمكان والزمان واللغة.
2- تأكيد أحقية اليهود فيما يسمى "أرض إسرائيل":
يلاحظ من خلال تحليل الكتب تضمينها "الخريطة الطبيعية لإسرائيل"، وهي تتكون من أربعة قطاعات جغرافية طبيعية تمتد على طولها من الشمال إلى الجنوب، وهذه القطاعات هي: قطاع ساحل البحر، قطاع الجبال، قطاع الوديان، قطاع هضبة الجولان وجبل الشيخ (الحرمون).
ثم إنه يلاحظ أن الكتب الدراسية تستعين بالنصوص الدينية المستمدة من التوراة لتأكيد تلك المفاهيم، وتورد من النصوص ما يؤكد هذه الأمور، مثل: "وقال الرب لإبرام (اسم لنبي الله إبراهيم عليه السلام قبل العهد): "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريكَ، فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة، وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض".
3- الارتباط الدائم بـ "أرض إسرائيل":
تغرس الكتب الدراسية الإسرائيلية في عقل الطالب أنه رغم ابتعاد اليهود عن فلسطين لقرون طوال فإنها كانت في قلوبهم وعقولهم، وتؤكد النصوص الواردة في تلك الكتب أن أتباع الحركة الحسيدية (فريق خاص من اليهود شديدو التمسك باليهودية وتحقيق أطماع اليهود والصهيونية) ربطوا تقديس التوراة بتقديس أرض إسرائيل.
4 - استمرار الوجود اليهودي في أرض إسرائيل:
تتضمن الكتب الدراسية الكثير من النصوص التي تشدد على أن القدس يهودية مقدسة منذ التاريخ اليهودي القديم؛ للتأكيد على أن الوجود اليهودي في هذه البلاد متواصل ومستمر ولم ينقطع، وتورد من النصوص الدينية ما يؤكد هذه القدسية. والنص الآتي يعبر عن ذلك: "قدسية أورشاليم قديمة جداً، ونحن نعرفها في مخطوطات منذ عهد ملكي صادق، الذي كان معاصراً لإبراهيم أبينا. وهذا التراث استمر منذ ذلك التاريخ حتى الآن".
5- اعتزال المجتمعات الأخرى:
تحرص هذه الكتب على "خصوصية اليهود وتفردهم" وهو الأمر الذي يستدعي أن يكونوا منعزلين عن الآخرين؛ لأن الاقتراب من الآخرين يعد مفسدة لهم، والابتعاد عنهم منفعة وعصمة لهم. ولتأكيد هذه الخصوصية كان أول إجراء لتحقيق هذا الاعتزال هو فك الارتباط بين اليهود والأغيار، وقد تمثل هذا في تطليق الزوجات الأجنبيات اللاتي تزوجهن اليهود، والتعهد باجتناب الزواج من الأجنبيات، فكان هذا بمثابة تطهير من الآثام". وهذه الأفكار والممارسات ليس لها اسم سوى العنصرية التي يرفضها المجتمع الدولي وترفضها القوانين الدولية.
6 - الإحساس اليهودي بالتفوق والتميز:
تحاول الكتب الدراسية في إسرائيل غرس فكرة تفوق اليهود وتميزهم. وأخذ هذا التفوق والنبوغ عدة صور: منها الادعاء بأن كتابهم الديني "التوراة" هو نفسه مصدر الإنجيل والقرآن، وأنه لنبوغهم لجأ إليهم المسلمون لإدارة شؤون دولتهم. وتشير ا لنصوص الواردة في الكتب إلى "أن الخلفاء قد استعانوا برعايا الإمبراطورية اليهود والنصارى؛ فقد كان اليهود والنصارى يعرفون القراءة والكتابة، فاعتمد المحتلون المسلمون على إخلاصهم وأوكلوا لهم أعمالاً إدارية كثيرة. وأدار هؤلاء الموظفون شؤون الإمبراطورية بلغة المكان الذي قطنوا فيه: اليونانية في دمشق بسوريا، والفارسية في العراق وفارس".
7- الأغيار وعداؤهم لليهود:
يلاحظ أن هذه الكتب تعرض لعلاقات اليهود بالأغيار على أنها سلسلة من مظاهر الكراهية والعداء لليهود بدءاً من السبي البابلي ودمار الهيكل الأول، مروراً بالمواجهات مع اليونان، وانتهاءً بخراب الهيكل الثاني والسبي الروماني.
وتعدد الكتب بعض مظاهر هذا العداء في نصوصها، "فبدلاً من التعلم من اليهود، نهض الأغيار ليصبوا كراهيتهم عليهم لإيمانهم الطاهر ونمط حياتهم المتفرد. وهكذا انتشرت كراهية اليهود بين الأغيار". ويتأكد هذا التصور اليهودي إذا عرفنا أن اليهود ربطوا أعيادهم الدينية بما يعتبرونه اضطهاد الأغيار لهم. فعيد الفصح مرتبط بخروج اليهود من مصر، أرض العبودية والذل، ويوم التاسع من آب يوم حريق الهيكل، وعيد يوم التاسع من تموز احترقت فيه أسوار القدس، ويوم الثالث من تشرين يوم مقتل الملك جدلياهو.