القاهرة ـ حمدي رزق: قبل شهر واحد تقريباً، كانت القاهرة تحتفي ببلوغ شيخ الرواية العربية نجيب محفوظ، عامه الثالث بعد التسعين، وهي هذه الأيام تحتفي بمئوية ميلاد اسم كبير آخر، من جيل محفوظ أيضاً، غير أنه مثل في عالم الأدب والنقد وما اتصل بهما من الجوانب الإنسانية، إسماً فريداً، ومدرسة قائمة بذاتها لها مريدوها وأتباعها، ولها نكهتها المغايرة للنكهة المحفوظية.
لثلاثة أيام تحتفي مؤسسات ثقافية مصرية، رسمية وأهلية، بمئوية الأديب الكاتب الراحل يحيى حقي، ابتداء من الجمعة 7 كانون الثاني، يوم مولده، حتى ليل التاسع منه.
الاحتفاليات تشمل المجلس الأعلى للثقافة، تحت إشراف د. جابر عصفور "أمينه العام، وهيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة (وجميعها من مؤسسات وزارة الثقافة) وجمعية محبي "يحيى حقي" التي تأسست بعد وفاته (توفي في 9 كانون الأول 1992، وتأسست الجمعية في أيار 1993 برئاسة ابنته المخرجة التلفزيونية نهى حقي...) حيث تقيم الجمعية احتفالها السنوي بذكرى حقي داعية عدداً من الأدباء والنقاد، ليتحدثوا عنه كاتباً وفناناً وإنساناً. وسيقام الاحتفال بإحدى قاعات دار الأوبرا المصرية (مساء الجمعة، في ذكرى يوم الوفاة)... هذا عدا ما أفردته ـ وما ستفرده ـ الصحف والمجلات المصرية والعربية من ملفات عامرة عن حقي في مئويته.
يحيى حقي ليس مجرد كاتب كبير، غزير الإنتاج (صدرت أعماله الكاملة في 28 مجلداً كاملاً عن هيئة الكتاب، صدر آخرها عام 1991 قبل وفاته بعام واحد ) بل هو رمز لتيار ثقافي مصري كان زاهراً صاخباً في النصف الأول من القرن العشرين، وشاء القدر أن يعيش طويلاً في النصف الثاني لذلك القرن، حتى يوشك أن يشهد آخره، فيعيش مصارعاً ـ أحياناً ـ ومحاوراً ـ في أحيان أخرى ـ لتيارات ثقافية مصرية وعربية أخرى، ويعيش شاهداً عليها ـ وحدها في الساحة ـ في نصف عمره الثاني، كما أنه نموذج لشخصية "المصري" بصفاته المعروفة ـ وفي مقدمتها خفة الظل وسرعة البديهة والأفق المفتوح ـ والتي تضاءلت بمرور الزمن في الأجيال التالية، وإن كان حقي ظل متمسكاً بها إلى آخر أيام حياته في ليلة باردة من ليالي كانون الأول قبل 12 عاماً.
ليس حقي شاهداً على عصر بأكمله عبر عمره المديد وحسب (88 عاماً)، ولا هو مجرد نموذج فريد باق لشخصية المصري، ابن الطبقة الوسطى، بل هو ـ إلى ذلك ـ صاحب مدرسة في الأدب، له فيها كثير من المريدين، لازالوا يشكلون أسماء كبيرة في الرواية والقصة القصيرة.
في الحارة
ولد يحيى حقي في السابع من كانون الثاني 1905، في أحد بيوت "حارة الميضة"، خلف مقام السيدة زينب بقلب القاهرة. وبرغم مغادرة أسرة حقي هذا الحي العتيق في بواكير طفولته، فإن تأثيره على تكوينه النفسي والفني استمر فاعلاً نشيطاً طوال حياته.
كان حقي الابن الثالث بين إخوته، وانتمى ـ حقاً ـ للبيئة التي نشأ فيها، كانت والدته متدينة مغرمة بقراءة القرآن الكريم، وكتب الحديث والسيرة، واختارت أسماء أبنائها من صفحات القرآن الكريم، فكان اسم أول أبنائها إبراهيم ثم إسماعيل ثم يحيى ثم زكريا فموسى فابنتها مريم.
أما أبوه ـ ذو الأصل التركي ـ فكان عاشقاً لروائع الأدب العربي القديم، التحق بالأزهر لسنوات عدة ثم التحق بإحدى المدارس الفرنسية، والتحق بإحدى وظائف "وزارة الأوقاف".
إذن، أثر في يحيى حقي ـ من بدايته ـ عنصرا التدين والأدب العربي القديم، وظلا حاضرين في إبداعاته إلى آخرها، وهو ما يجعله ممثلاً وحيداً لتيار فريد في الأدب... ففيما كان نجيب محفوظ يمثل تيار المثقف المصري الليبرالي، الابن الشرعي لثورة 1919 الشعبية، بمبادئها العلمانية الخالصة التي تبشر بتدين سَمِح، وكان مصطفى صادق الرافعي ممثلاً لتيار إسلامي معتدل يبشر بالروحانية والرومانتيكية في الأدب (لم يكن الرافعي من الاخوان بل كان إسلامياً مستقلاً ومنفتحاً)، كان حقي ليبرالياً كمحفوظ، لكنه امتلك حساً صوفياً متجذراً في تكوينه الأدبي ربما استمده من تلك الساعات التي قضاها في "تكية المولوية" المجاورة لبيت عائلته الأول في حي السيدة زينب، والتي تأثر فيها بتلك الطريقة الصوفية التركية التي وردت إلى مصر في العصر العثماني (من القرن السادس عشر إلى مطلع القرن التاسع عشر)، كما ظهر جليا في أدبه ـ ونقده وصحافته الأدبية أيضاً ـ تأثره الشديد بذخائر الأدب العربي القديم، فاستمد منها بعض أدوات التعبير والسياق اللغوي، وصنع مزجاً عبقرياً بينها وبين لغته البسيطة المعاصرة، وتفوق حقي ـ بشكل خاص ـ في نحت لغته الخاصة به، ونجح في ذلك ربما أكثر من زملائه أبناء جيله.
كرة أرضية
الروائي والقاص خيري شلبي يشبه حقي بـ"كرة أرضية تمشي على الأرض"، فهو يملك تفاصيل العالم كله بداخل رأسه، والضمير الذي نعرفه معنى وشعاراً نراه شاخصاً في عيني حقي... وتفيض منها مشاعر إنسانية وعواطف أبوية ومسؤولية وطنية. ويؤكد شلبي أنه دون رجال عصره من الأدباء والمفكرين والمسؤولين عن المؤسسات الثقافية، تميز حقي بالانفتاح على الحياة الشعبية بكل مفرداتها وبجميع مستوياتها الاجتماعية والتاريخية والمكانية.
كان حقي يعرف تاريخ كل حجر في بنايات القاهرة العتيقة، وعلى كل شبر من القاهرة آثار قدمي يحي حقى، الذي جاب البلاد طولاً وعرضاً وذاب في دروب القاهرة سيراً، وأخلص لأهل هذه البلاد فكرّس أدبه لمهمة التحديث والتطوير والليبرالية، دون التخلي عن الخصوصية المصرية والعروبية.
ويرى شلبي أن يحيى حقي كان "صاحب رسالة نورانية مقدسة"، وأفنى حياته في إعادة صوغ البشر وغسل أنفسهم وعلاجها من سوء التنشئة. يحيى حقي وطه حسين هما الرمزان اللذان أغدق عليهما الناس فيضاً من الحب، لأن كتاباتهما اقتربت بصورة حميمية من هموم القارئ، وتجاوزت المحلية المصرية إلى الصيغة العربية... ومن أواخر الأربعينات إلى السبعينات، نضجت ملامح مشروع يحيى حقي الأدبي، وأصبح بفضله أدب القصة مصرياً بمعنى الكلمة، يعكس المزاج المصري واللسان المصري ـ من غير شوفينية ـ ويرصد الواقع ـ بتأمل ـ بزخمه وصخبه وأوجاعه ومعتقداته حتى أغوار حضارته البعيدة.
ويؤكد شلبي تفرد حقي عن أبناء جيله من كتّاب القصة. يقول: "في جيله، كان القاصون يقلدون أحد ثلاثة كتاب عالميين غي دي موباسان من فرنسا، أو الروسي تشيخوف أو الأميركي إدغار آلان بو، فجاءت قصصهم أقرب إلى الأدب المترجم البارد المستعار والصوت، لا يعرفه ولا يهضمه القارئ المصري، حتى جاء حقي ليمصِّر القصة وتبدأ عهداً جديداً.
فنان ومفكر
الشاعر أحمد تيمور ـ أحد مريدي مدرسة حقي ـ يقول: "كان يحيى حقي مفكراً وفناناً، يغلب الفنان على المفكر فيه مرة فيقدم القصة القصيرة أو الرواية، ويغلب المفكر على الفنان فيه فيكتب اللوحة الأدبية والمقالة، ويقود مجلة أدبية زاهرة ترأس تحريرها في الستينات وفتحها على كل التيارات الثقافية والاتجاهات الأدبية (مجلة "المجلة" التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة وتوقف صدورها...).
ولنأخذ ـ كمثال ـ روايته "صح النوم"، والتي لا يتكرر فيها اللفظ الواحد لأكثر من مرة في الصفحة، وهذا ليس من قبيل الصنعة أو التكلف الفني ولكن من قبيل الثراء اللغوي يقابله ثراء في الإحساس.
وأراد يحيى حقي للإنسان في الشرق أن يكون محملاً بالعلم، كما عاد بطل روايته "قنديل أم هاشم" ـ إسماعيل ـ من أوروبا لينقي زيت قنديل جامع السيدة زينب من شوائب الخرافات ومزايدات المدعين، لأن حقي عمل ـ عبر مشروعه الأدبي ـ على المزج بين الأصالة والمعاصرة، فاستقل بمشروعه
الأدبي عن الليبرالية العادية التي أغرق فيها زملاؤه من الجيل نفسه، وصبغها بطابع مصري شرقي وصوفي من دون ردة للوراء.
"إن حقي ـ يقول تيمور ـ جمع صلابة هوغو وواقعية بلزاك وحزن جوركي وتبشير تولستوي، وأخلص لقضية واحدة هي خلاص الإنسان، أي إنسان وليس المصري أو العربي وحده!".
ولأحمد تيمور دراسة نقدية لأعمال حقي بعنوان "تواصل التراسل مع يحي حقي" ويذكر فيها أن حقي كان شغوفاً بالتحليل النفسي لأبطال قصصه، شديد الاعتناء بمفارقات الحياة، مستمداً من هذا المعين الذي لا تنضب مادته التي لا تنتهي من السخرية.
المغامر الأكبر
على الرغم من إيمانه بحقي يقول الروائي يوسف القعيد: المصريون والعرب لديهم براعة خاصة في النسيان، ومع الأسف فإن سوق النشر وبيع الكتب طوت ذكرى إبداعات يحيى حقي، برغم أن الأعمال الكاملة صدرت له في حياته ـ كاملة ـ إلا أن توزيعها الآن لم يعد كما كان بالأمس، لأن عادة النسيان ـ وانخفاض نسبة القراءة عموماً ـ أهدرت كنوز يحيى حقي.
"وأعتقد، يقول القعيد، أن حقي صاحب أكبر مغامرة فنية في الأدب العربي"، ويرى أنه كاتب نجح في تطويع اللغة الفصحى وتطعيمها بالعامية برغم أصوله التركية.
وأهم ما يميز يحيى حقي في أدبه، يقول القعيد، أنه كان يتعاطى مع الواقع بطفولة شديدة وإحساس بالاندهاش معه، ومجده الأدبي يكمن في عينه السحرية ورؤيته كل التفاصيل حوله.
ويقول القعيد إن حقي كان مترجماً فذاً بقدر براعته في الكتابة الأدبية، وكان يميل إلى ترجمة ما يفضل أن يقرأه فقط، ولم يكن ينظر إلى متطلبات سوق الترجمة من الكتب.
ويذكر القعيد أن له تجربة مع حقي، ويقول عنها : في أواخر الستينيات قدمت له قصة عن قاتل، لينشرها في مجلة (المجلة) التي كان يرأس تحريرها، فرفض أن ينشرها، لأن رأيه كان أنه لا يجوز للأدب أن يمجد قاتلاً، وقتها حزنت.. لكن بعد سنوات وبعدما نضجت تجربتي اكتشفت مدى صحة ما قاله لي يحيى حقي.. وكل من اقترب من يحيى حقي ذاب داخل توهجه، لأن قوة موهبته تطمس مواهب كل من يحاول أن يعيش في ظلاله، والدليل على ذلك أن معظم تلاميذه لم يلمعوا برغم قوة مواهبهم أمثال كمال ممدوح حمدي ومحمد روميش وسامي فريد.
أديب الطبقة الوسطى
الناقد فاروق عبد القادر يقول: "كان يحيى حقي سعيداً باكتمال صدور أعماله الكاملة وهو على قيد الحياة، وأخبرني بذلك في مكالمة هاتفية وكان أطلق على مجلده الأخير من هذه الأعمال عنوان "كناسة الدكان". وأخبرني أن الفضل في ذلك يرجع للناقد فؤاد دوارة ولولاه لما اكتملت. والحق أن دوارة عمل بهمة ومحبة وحماسة، ورجع إلى الصحف والمجلات التي نشرت أعمال يحيى حقي منذ سنة 1926، التي نشرت فيها أول أعماله وصولاً لسيرته الذاتية (أشجان عضو منتسب) في العام 1974 ثم صنفها قدر الإمكان إلى أنواعها، التي تشمل الرواية والقصة القصيرة والكتابات النقدية في المسرح والسينما والفن الشعبي والأدب، وكذلك المقالات الأدبية التي كان ينطلق فيها حراً يحدث قارئه عما رأى وشهد وقرأ وعرف من أحداث وبشر (وهي حدها تشمل 9 مجلدات من أعماله الكاملة..)".
ويضيف عبد القادر: "وإبداعات حقي التي لا أول لها ولا آخر لا يمكن الوقوف على ميزة بعينها فيها، فمزاياها كثيرة.. لكن الأبرز فيها هو أنه أديب الطبقة الوسطى، اتخذ من المدينة إطارا ومادة لها فتقف حيناً عند تصوير جانب من أحيائها الشعبية بمن فيها ـ كقصص "قنديل أم هاشم" و"أم العواجز" و"احتجاج" و"تنوعت الأسباب" و"ذكريات" ـ في مجموعة أم العواجز ـ و"السرير النحاس" في مجموعة (عنتر وجولييت)، وهي في أحيان ثالثة تتجاوز الواقع بكل تفاصيله وتقدم قطعاً من القصص الرمزي الخالص (كما في "القديس لا يحار" في "قنديل أم هاشم" و"مرآة بغير زجاج"..).
لقد كان حقي مولعاً بالطبقة الوسطى وممارساتها وتقاليدها وتفاصيل حياتها وأحاديثها، حتى في نزواتها وصور ضعفها لا تلقى منه سوى الفهم والإشفاق، هم (ملح الأرض)، يصنعون حياة ويعيشونها، مقبلين على حلوها ويشفقون من مرها، وهو ـ رغم انتمائه للطبقة الوسطى ـ صديق الفقراء والضائعين والمسحوقين والمجاذيب والدراويش، كل تلك الثمار التي سقطت من شجرة الحياة، وأخذت في قلبه أعز الأماكن.
ونظراً لانتمائه للطبقة الوسطى فإن يحيى حقي كان كاتباً "أخلاقياً" وإن كان ينأى بنفسه عن مساحات الوعظ والخطاب المباشر، لكنه برع في سوق الأحداث في قصصه بحيث تحقق "المغزى الأخلاقي" الذي يهدف إليه! وهذا ما نجده واضحاً جلياً في "صعيديات" يحيى حقي، مثل قصته "البوسطجي"، التي يصور الخطيئة فيها قدراً يهبط على الخلائق لا فرار منه فهو قدر محتوم، وإن كان لا ينسى أن يخصص عقوبة لكل من يخطئ أخلاقياً، حتى لو كان خطؤه هذا غير مقصود".
الإبنة الوحيدة
نهى ابنة يحيى حقي الوحيدة تصف علاقتها بأبيها بأنها "علاقة عجيبة". تقول: "توفيت والدتي وعمري ستة أشهر فقط، فغاص أبي بداخلي وصادقني، وعلمني أن الأفعال ـ لا الأقوال ـ هي أساس العلاقة الإنسانية، وعلمني أن الكلمة الصادقة تخرج من القلب لتستقر في القلب ببساطة".
وتعلمت منه كذلك أنه من الضروري أن يجيد الإنسان اختيار كلماته وهي من أهم سمات كتاباته، وبرغم كل ما تعلمته عنه فإنني لم أصل إلى أي درجة من درجاته في الإبداع .. وهو شجعني وقرأ لي لكن ثمة فارقاً كبيراً بين ما أقدمه وما قدمه يحيى حقي.
وتؤكد نهى حقي أن والدها كان يبدي الحزن لأن الناس لم يلتفتوا إلى الأعمال التي قام بترجمتها مثل "القاهرة" و"الطائر الأزرق"، وكان يضيق بإعجاب الناس بـ(قنديل أم هاشم) ـ 1944 ـ وكأنها عمله الأدبي الوحيد، فيما كان يرى أن درة التاج في أعماله هي روايته "صح النوم" (1955)، التي اعتبرها خلاصة فكره وثقافته، التي أيد فيها طريق الثورة والتطوير. وكان يقول لي دائماً: "لو انتزعوا قلبي وعصروه لوجدوا كل قطرة في دمي مصرية عربية شرقية".
وكان أبي ـ تقول نهى ـ يطلق على مدرسته الأدبية اصطلاح "مدرسة الأسلوب العلمي الحديث" في الكتابة، وبالإضافة إلى عشقه اللغة العربية الفصحى، فهو لا ينكر العامية الرقيقة المتمثلة عنده في الأمثال والأغاني الشعبية، وولعه الكبير بأصوات الباعة الجوالين الذين ينادون على بضائعهم بكلمات يطرب لها بإعجاب شديد.
لذلك، فهو عالج في كتاباته معظم فنون القول من قصة قصيرة ورواية ونقد ودراسة أدبية وسيرة ذاتية ومقال أدبي، كما ترجم عدة مسرحيات وروايات وقصص إلى العربية، وإن ظلت القصة القصيرة عشقه الأول لأنها تقوم ـ كما قال لي غير مرة ـ على تجارب ذاتية أو على مشاهدة مباشرة، كما أن عنصر الخيال فيها محدود جداً.
والعلم في نظر أبي، كان معركة كبيرة، والسلاح الأول الذي يستخدمه فيها الإنسان هو الإرادة، وعادة ما قدم الشخصيات الضعيفة الإرادة في قصصه تذبح ذبحاً تحت وطأة التطور الاجتماعي والأطراف الأقوى.
أما المرأة عنده فكان رقيقاً معها ويحترمها ويعاملها بصورة شديدة التحضر، وكان يحب والدته حباً بلا حدود، ويصفها بأنها كانت "المحرك الذي يدير البيت والأم التي تعشّش على الأبناء وتعمل كل ما في وسعها لأجلهم، واحترم المرأة وفكرها وإنسانيتها.. وفي مئويته لا أملك إلا أن أردد قوله الذي كان على لسانه دائماً: "أكره الأبواب الموصدة، والنوافذ المغلقة، والأدراج المعصلجة والشفاه المطبقة.. وأحب نجم الحفلة الذي من أجله ذهبت إليها وعدت مرتوياً من فيضه ولكن قلبي مع الكومبارس الواقف إلى الوراء.. في الظل"!