اختلاف الفضائح! سألت جريدة »اخبار الادب« المصرية اديبا فرنسيا شهيرا هو »ديديه ديكوا« عن مسألة »حصار الادب او التعامل معه وكأنه شيء فائض عن حاجة العالم«، سألت الجريدة السؤال وتوقعت ان تكون الاجابة اعترافا بتلك الحقيقة او على الاقل تبريرا لها، او تحسرا من نوع ما. غير ان اجابة الاديب الفرنسي كانت اكثر من مدهشة حيث قال بصراحة: »في فرنسا؟!! لا اظن. الفرنسيون متفقون على اننا لا نستطيع تحقيق اي تقدم سياسي اذا لم تكن الأولوية للادب، هذه القناعة لدى الجميع بما في ذلك الرؤساء الذين يمتلكون دائما علاقة قوية بالادب. شارل ديجول كتب مذكراته بنفس طريقة شاتوبريان. اندرو ميللر كان وزير ثقافة وكاتبا كبيرا. جيسكار ديستان كتب رواية رائعة. الفرنسيون لا ينتخبون رئيساً ليس كاتبا، لكن »ضاحكا« هناك استثناء يؤكد القاعدة عندما صرح وزير الثقافة فرنسوا لوكو بأنه لا ينام كل ليلة دون ان يقرأ في مذكرات فلوبير. وكانت فضيحة قضت على مستقبله السياسي، لان فلوبير في الواقع لم يكتب مذكرات«! وعندما سألت الجريدة ايضا كاتبا فرنسيا آخر هو »روبير كوب« عن تأثير سياسات نشر الكتب على حرية الكاتب في فرنسا. كانت الاجابة هي: »بكل صراحة لا يوجد انسان في فرنسا كلها يستطيع التأثير على الكاتب، كل ما يهم الناشر هو نشر عدد اكبر من الكتب، لان ذلك يكلفه القليل، لم اسمع مطلقا عن دار نشر رفضت كتابا، عادة ما يأتي التعليق بعد النشر وليس قبله، ولنأخذ على سبيل المثال الكتاب الذي نشره جنرال سابق اعترف فيه باشتراكه في عمليات التعذيب التي قام بها في حرب الجزائر. بالطبع اصيب الفرنسيون بالقرف والتوجس من الكتاب. ولكن هذا لا يهم الناشر على الاطلاق. بعد النشر تمت ملاحقة الكاتب على الجرائم التي اعترف بها«. بصراحة هذا الكلام »الفرنسي« ليس جميلا فقط بل هو ايضا مهم جدا ليسمعه السياسيون واصحاب الحكم عندنا في العالم العربي كله، الذين يشعرون دائما ان الادب والثقافة عموما تعيق تحقيق اي تقدم! وانها فعلا زوائد واشياء لا معنى لها. وياليت يكتفي السياسيون عندنا بذلك بل ان احتقار وازدراء الادب والثقافة والفنون عموما صار واجبا عليهم مكافحته وازالته من خارطة عقول الناس كي يتفرغوا لملء تلك العقول بكل مآسي وكوارث السياسة. واذا كانت فضائح الفرنسيين ان احدهم لم يعرف كاتبا ما، فان الفضائح المجلجة عندنا تأتي ببساطة اذا ضبط احدهم متلبسا بقراءة او ديوان شعر مثلا! اما الذي قال اننا لا نختلف في الفضائح فعليه تغيير رأيه الآن!
- آخر تحديث :
التعليقات