الحصول على (تنازلات) اسرائيلية ليس ممكناً عن طريق الكفاح المسلح، فنتيجته محسومة لصالح اسرائيل، وليس ممكنا عن طريق الرأي العام العالمي وقرارات مجلس الامن لان اسرائيل متمردة على الشرعية والاعراف الدولية، وليس ممكنا عن طريق اميركا لان اميركا لن تجبر اسرائيل على قبول ما لا تريده.
الحصول على (تنازلات) اسرائيلية ممكن فقط عن طريق الرأي العام الاسرائيلي الذي يستطيع تغيير السياسة العامة وتغيير المسؤولين عن تطبيقها. وليس سرا ان الانتفاضة هي التي اسقطت باراك وحزب العمل، وجاءت بشارون وحزب الليكود.
الملك حسين رحمه الله استرد الارض التي كانت اسرائيل تحتلها، والمياه التي كانت تستولي عليها، وثبت الحدود الدولية التي كانت اسرائيل تفضلها متحركة بالاتجاه الذي تستطيع دباباتها ان تصل اليه. وفي المقابل لم يقدم الملك لاسرائيل سوى الشعور بالامن من جهة الاردن.
كان الملك يقول أن اسرائيل قد تكون أقوى قوة عسكرية في المنطقة، ولكن شعبها مرعوب، وهذا الرعب قد لا يكون مبررا، ولكنه واقع، ولذا فان مطلب الشعب الاسرائيلي ليس السلام بل الامن. وهو على استعداد لمبادلة الارض بالامن الحقيقي. اما السلام فحاصل عملياً لان الاسرائيليين يستطيعون حماية سلامهم تجاه الجيوش العربية، ولكنهم لا يستطيعون حماية امنهم من المقاومة التي يسمونها ارهابا.
حماس جربت طريق الصراع المسلح فكانت النتيجة تصفية قادتها، وقتل مئات الفلسطينيين، وهدم آلاف المساكن، وتجريف الاراضي الزراعية، وتدمير الحياة المدنية، والبدء باجتياح بعد اخر، حتى اصبح المطلب الراهن هو عودة اسرائيل الى المواقع التي كانت تحتلها قبل الانتفاضة. اي ان تكاليف الانتفاضة كانت باهظة وحصادها سالب.
وحدها اسرائيل قادرة على اعطاء الفلسطينيين دولة مستقلة. ووحدهم الفلسطينيون قادرون على اعطاء الاسرائيليين الامن الذي يفتقدونه.
التغيير الحاصل في القيادة الفلسطينية يوفر فرصة لتغيير المعادلة التي ثبت عدم جدواها، وربما تستطيع مبادلة الارض بالامن، وهي خطوة ليست كبيرة في مقابل قيام دولة فلسطينية مستقلة بالمقارنة مع اعتراف السيد ياسر عرفات باسم منظمة التحرير الفلسطينية بحق اسرائيل في الوجود مقابل الحصول على حكم ذاتي محدود.