مبارك العبدالهادي ومحمد الشرهان وفهد التركي وراشد الشراكي: أدان مجلس الوزراء في جلسته امس الاعمال الاجرامية الجبانة التي ارتكبتها الجماعات الارهابية، مؤكدا «رفض المجتمع الكويتي بكل فئاته وشرائحه لهذه الاعمال الشاذة الخارجة عن قيمنا الفاضلة وتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف».
وسجل المجلس شكره وتقديره لجهود رجال الامن المخلصة للحفاظ على أمن الوطن والمواطنين، داعيا للارتقاء الى ما يجسد رسالة الاجماع الوطني في مواجهة هذه الآفة والقضاء عليها.
وعلمت «القبس» ان القضية الامنية سيطرت تقريبا على كل اعمال جلسة مجلس الوزراء امس، وقد اتسمت الجلسة - حسب مصادر مطلعة - بالمكاشفة والمصارحة، لا بل كانت اكثر من صريحة بعد اكتشاف نوعيات الاسلحة المضبوطة في ام الهيمان التي كانت توحي بان عمليات تفجيرية كانت ستحصل.. لذا لم يستبعد بعض الوزراء ان تتصاعد موجة العنف قبل ان تبدأ بالتراجع والانتهاء.
وقد اطلع المجلس - حسب المعلومات عند مداولته - على حجم المحميات والجزر الاصولية داخل مساجد الدولة، دون ان تعرف عنها الاجهزة الامنية الكثير، وكذلك غياب مؤسسات الدولة المعنية بالأمر.
وقد زاد الامر سوءا - حسب المصادر - اكتشاف القوى الأمنية ان مجموعتي حولي وام الهيمان هما جزء من شبكة تعمل خارج الكويت. وقد وافق مجلس الوزراء على جملة خطوات لا هوادة فيها، وابرزها توسيع حملات الملاحقة والمداهمة للجماعات المشبوهة، والقيام بحملة واسعة لجمع السلاح وكذلك تفعيل التحرك الاعلامي لفضح ظاهرة التطرف.
وعلمت «القبس» ان رجال امن الدولة اعتقلوا امس اربعة متهمين رئيسيين في الشبكة، وبحوزتهم مبالغ مالية كبيرة، وقد استمرت حملة المداهمات وشملت مناطق جابر العلي والصباحية والجهراء والفيحاء والنزهة، حيث تمت مطاردة عناصر ارهابية و ضبط عدد منهم.

*نهج الفلوجة
وتقول مصادر امنية رفيعة المستوى لـ «القبس» ان الشبكة على علاقة بتنظيم القاعدة، وكانت تسعى لتنفيذ عمليات ارهابية وتكرار سيناريو ذبح الغربيين في الكويت، كما كان يحصل في الفلوجة.
وقالت المصادر ان الارهابيين وبعد الهزيمة التي منوا بها في الفلوجة، يحـولون اعادة ترتيب صفوفهم وقد عاد الكثير منهم من الفلوجة الى بلادهم، ويعملون على اثبات انفسهم، وانه مازال لديهم اليد الطولى في «الجهاد ضد الاميركيين».
ذكرت مصادر مطلعة ان رجال امن الدولة طلبوا من سمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الاحمد الصعود الى سيارة مصفحة اثناء عملية الاقتحام في أم الهيمان، لكنه رفض وقال: «حالي حال عيالي».

*لماذا المنزل رقم 19؟
ذكرت مصادر امنية ان الارهابيين استأجروا المنزل رقم 19 في القطعة 2 بأم الهيمان قبل نحو شهر بـ500 دينار، وتم اختياره لانه يقع قرب احد المعسكرات الاميركية.
ترددت معلومات عن القاء القبض على 7 مسلحين خلال مطاردة في منطقة النزهة واعتقال هارب في الصحراء وآخر في مستشفى.

*المعتقلون
من ضمن المعتقلين الرئيسيين في قضية الارهاب ع. الشمري، وم. الشمري، وأ. العنزي، وأ. سامح.

*اعتقال صحافيين .. مزورين
اعتقل رجال امن الدولة شخصين كانا يتجولان حول المنزل الذي شهد الاشتباك في أم الهيمان، وتبين ان احدهما غير محدد الجنسية (بدون) والآخر جنسيته اريترية، وقد انتحلا صفة صحافيين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ*
*القبس في المنزل الحدث
من هنا مـر إرهابيـو الفلوجـة
زارت «القبس» امس المنزل الحدث الذي منه انطلقت شهرة ام الهيمان نحو العالمية.
في القطعة 2 من الشارع التاسع يقع المنزل رقم 19 الذي يملكه مواطن من آل العجمي استأجره الارهابيون قبل حوالي شهر واحد بمبلغ 500 دينار.
ورغم مضي 24 ساعة فإن الدماء كانت واضحة ولم تجف في ارض المنزل الذي بدت ابوابه مهشمة بآثار الاعيرة النارية التي اخترقت ايضا نوافذ المنزل، وبدا واضحا ان الارهابيين حاولوا ان يغلقوا الابواب مستخدمين كل شيء ثقيل لتأخير عملية الاقتحام، وعندما نسأل رجال الامن عما جرى هنا بالضبط فيكون الجواب باختصار شديد «من هنا مر ارهابيو الفلوجة».
الفوضى العارمة في الصالة بعدما نبش رجال الامن كل صغيرة وكبيرة، فالالبسة متناثرة في كل مكان والكراسي والكنبات مزقت للكشف عما في داخلها، وفتحات الصرف الصحي فتحت للتأكد انها خالية من احد، واجهزة التلفزة والاجهزة الكهربائية الاخرى ايضا فتحت وتم التحفظ عليها.
وهناك كان جهاز التكييف يعمل، وقبل ان نتساءل يجيب رجال الامن بأنه كان يعمل منذ وقت الحادثة ولم يعرف سر تشغيل الارهابيين له.
غرف النوم كانت تحوي اسرة مزقت تماما لتفريغ محتواها وخزائن الملابس كسرت ايضا وكان كل شيء مبعثرا عدا شماغ وغترة كانا في اكياسهما وقد قدما حديثا من المصبغة، في ارضية الغرف كان هناك كم كبير من الاوراق واشرطة الفيديو والجرائد الاعلانية وبعض الصحف الاجنبية، اما المطبخ فأخرجت كل محتوياته واوانيه ليبقى فارغا تماما من كل شيء عدا غسالة الملابس التي هي الاخرى لم تسلم وفككت.
الحوش الخلفي الذي سقف «بالكيربي» كان صغيرا لكنه شهد الحدث الاهم وهو سقوط المتطرف السعودي منه، حيث لم يسعفه وزنه الثقيل للصعود فوق احدى شرائح الكيربي لتسقط ارضا ويسقط معها ويلفظ انفاسه الاخيرة هناك.
المنزل كان اشبه بموقع تعرض لزلزال بعدما دخلته قوات الامن لأن كل شيء هناك كان مبعثرا بعيدا عن التنظيم وكانت نتائج معركة السبت واضحة الملامح تماما على المنزل داخليا وخارجيا عدا لعب الاطفال التي كانت تبتسم للأمل ولم يعترضها اي خطر، مما طال بقية الاشياء.

أطفال أم الهيمان:
الإرهابيـون ناس مو زينين.. يقـتلون الناس
كنت خايف وايد هكذا لخص الطفل عبدالله الدوسري 8 سنوات شعوره مما جرى امس الاول قرب منزله، ويقول الرصاص كان حقيقياً وللمرة الاولى اشعر بذلك، حيث كنت اشاهد الرشاشات والمسدسات فقط في التلفزيون، لكن امس الاول شاهدتها بعيني عندما اقتحم رجال القوات الخاصة منزلنا للصعود فوق السطح موضحا انه كان جالسا عندما كان رصاص الارهابيين يخترق نوافذ المنزل.

وقال لم اع ما يحدث وكنت اعبر عن خوفي بالصراخ، والبكاء واتساءل ماذا يريدون ولماذا يحدث كل ذلك، هل سنموت؟.. بينما كانت امي تطمئنني بانه لن يحدث شيء.

gt; هل نمت ليلة البارحة؟
- لا لم انم وكنت اتخيل ما يحدث طوال الليل ورفضت ان اكون لوحدي، لذلك ذهبت لاكون بجانب والدتي واشقائي والحين «ما راح اطلع بالليل لاني اخاف من المسدسات».
اما شقيقه الاصغر محمد 7 اعوام فيقول خفت حيل حيل كانت فيه جنود ومسدسات ودبابات وانخشيت بحضن امي وقعدت ابكي وايد واصرخ.

gt; لماذا كنت خائفاً؟
- كان فيه مسدسات وشرطة خفت لا يهجمون علينا.
محمد لم يكن عمره يستوعب ما يحدث لانه لم يتجاوز خمس سنوات لذلك لم نخرج منه الا بهذه الكلمات واستعداده لشراء ملابس عيد الاضحى حيث كانت والدته تهم باصطحابه للسوق لفعل ذلك لكن ما حدث منعها من الذهاب الى السوق.

اما فالح العجمي 10 سنوات فقا لكانت اخشى الموت واختبأت في غرفة امي لان صوت الرصاص كان قويا ولم اخرج الا للنظر من النافذة، حيث شاهدت كيف يطلقون الرصاص والمسدسات ولحظة وقوع القتيل الارهابي الذي سقط من اعلى المنزل بعد اصابته، موضحا انه لن يذهب للاماكن البعيدة لانه يخشى ان يصادفه الارهابيون.
gt; هل تعرف شيئا عن الارهابيين؟
- يقولون انهم ناس مو زينين.
لكن ربما فضول الطفولة تغلب على حاجز خوفهم، وهذا ما دعا محمد منصور لمشاهدة ما يحدث من خلال وجوده في غرفته في الطابق العلوي، حيث يشير الى انه كان يرفع رأسه لرؤية ما يحدث ثم يختبئ في الارض، مشيرا الى ان والدته ووالده حذراه من الخروج وقالا له ان الارهابيين لا يرحمون الصغار ولا الكبار لذلك لم يخرج من المنزل.
اما محمد فالح (12 عاما) فيقول بكيت امس الاول منذ الصباح وحتى المساء بسبب دوي الانفجارات التي خلفتها اسلحة الشرطة والارهابيين مشيرا الى ان منظر المدرعات كان مخيفا وجلست اتساءل هل نحن في حالة حرب ومن نحارب الى ان بينت لي والدتي ما يحدث، موضحا انه حلم في الليل بما يحدث وفز من نومه بعد كابوس.
قال أحد الأطفال: أنا ما أحب الحرب وما راح أصير عسكري ابي اكون مدرس لأن العسكريين والشرطة يستخدمون مسدسات.
طلب بعض اصحاب المنازل التي تضررت بسبب المواجهة الدامية بين رجال الامن والارهابيين تعويضهم لما لحق بمنازلهم من اضرار، خاصة ان بعضهم رمم منزله مؤخرا.

كيف هربوا؟
ساد الهدوء القطعة 2 بعدما وقفت العمليات، وكان الجميع يتساءل اين هرب الارهابيون وكيف؟

4 أيام بلا نوم
اكد احد رجال امن الدولة الذين تواجدوا في المنزل الذي حدثت فيه المعركة انه لم يذق طعم النوم منذ اربعة ايام بسبب ملاحقته للارهابيين.
طالب المواطنون بضرورة تفتيش المنازل بهدف جمع السلاح وحظر تداوله بين العامة لخطره.
أجبر العاملون في فرع الجمعية القريب من منزل المعركة على الحصول على اجازة بسبب اغلاق الفرع لظروف طارئة.

*الصباحية والدوحة والحساوي
قالت مصادر لـ«القبس» ان جماعة التكفير بدأت في الثمانينات بعملها، وانه بعد مقتل مسؤولهم «الجهيمان» في السعودية اثر عملية ارهابية حاول تفجير الكعبة المشرفة خلالها، وتم اعدامه في السعودية لم يتبق من اعضاء حركة التكفير في البلاد سوى اعداد بسيطة، فهناك خمسة منهم كانوا يقيمون في منطقة الصباحية، و3 آخرون يقيمون في منطقة الدوحة و2 منهم في منطقة الحساوي، وان اكثرهم غير كويتيين.
أكدت المصادر ان فكر التكفير والهجرة هو فكر مستورد من خارج الكويت، ودخل البلاد بعد اختلاط عناصر كويتية إسلامية بعناصر متشددة من دول كفلسطين وليبيا والجزائر، وكان هؤلاء المتشددون مغضوبا عليهم في دولهم، وبدأوا بتكفير حكامهم. وتشرب بعض الاسلاميين ذلك الفكر من هؤلاء المتشددين ،مضيفة ان بعض الاسلاميين ممن احتكوا مع هؤلاء استطاعوا التأقلم مع الوضع في البلاد والبعض الآخر لم يستطع وأخذ يقوم بعمليات تخريبية.