مضحك كثيراً، ان تظن "دبلوماسية الجامعة العربية" ان في وسعها ان تخدعنا، نحن المواطنين، او ان تخدع العالم "الخارجي" بادعائها انها ستصلح ذاتها وعالمها بانشاء برلمان عربي، ويكون مركزه عاصمة الديمقراطية العربية الكبرى: دمشق!
مضحك كثيراً، نقول، لأن الديمقراطيات العربية اقل ما يقال فيها انها في ازمة كلها... ازمة تراوح بين المأساة والمهزلة، بين المضحك والمبكي... فكيف يريدوننا ان نصدّق ان الجامعة العربية المنبثقة من اشباه ديمقراطيات هزيلة فضلاً عن الانظمة الاخرى، المراوحة بين العسكريتارية والقبلية، مروراً بالملكية والاماراتية، الخ... يمكنها ان تعتمد حلاً "ديمقراطياً" او هو يدّعي الديمقراطية، برلمان، قال، برلمان!!! بينما تصرفها الداخلي، مع شعوبها، يناقض جوهر الديمقراطية اي التمثيل الحر.
ولنحاول تصوّر هذا البرلمان العربي العظيم. من يمثّل اليمن فيه، مثلاً، واليمن أعلنت ايمانها بالديمقراطية وضرورة تعميمها في العالم العربي، ولكنها لا تزال تعاني صراعات قبائلها... فمن يمثلها في البرلمان العربي؟
ومن يمثّل، غير مندوبين عن الملوك والامراء، السعودية مثلاً او المغرب؟... ومن يمثّل ليبيا غير احد ابناء القذافي، وتونس غير ممثل حاكمها بن علي المجدد له مرات ومرات؟... والسودان؟ والعراق؟

***
اوَنستمر؟ حتى لبنان، حين يعجز "مشترعوه"، المتربعون على السدة بارادة سواه، عن التوصل الى الاتفاق على قانون انتخاب يأخذ في الاعتبار كون الدوائر الانتخابية يفترض فيها ان تتكوّن بشيء من التجانس الاجتماعي والشعبي حتى يجيء تمثيلها واقعياً صحيحاً، بل عادلاً... حتى لبنان العنوان الديمقراطي، كيف ومن يختار بحرية لتمثيله في البرلمان العربي؟
نستمر... عن سوريا، لا نجد ابلغ، وهي التي تتحدث عن "التغيير" السياسي والاقتصادي، من عبارات صرّح بها من السجن (نعم، من السجن!) النائب رياض سيف الذي فسّر أسره قائلا: "هناك اسباب سياسية، لم يحتملوا حالة الحراك التي ظهرت في المنتديات. لقد صار النشاط السياسي يكبر وينتشر بوتائر سريعة ورأوا ان لا بد من تغييب ابرز وجوه وناشطي تلك المرحلة واسكاتهم".
ترى، هل تحتمل دمشق التي تُدخل نوابها الى السجون لضيق صدرها بالتحرك السياسي والانتقاد (وفضح "ملفات الاحتكارات الاقتصادية"...) هل تحتمل دمشق برلماناً عربيا يَفترض، كي يستقيم فيه الحد الادنى من الديمقراطية، قيام مناقشات في الحجم العربي الشامل للتقصير، والفضائح كذلك، لم لا؟... وربما عن الاتهامات بالمؤامرات التي تحفل بها وسائل الاعلام العربية من كل نوع وحدب؟

***
معاذ الله، معاذ الله...
لن تضطر دمشق، العاصمة العتيدة لهذا البرلمان، الى "تغييب" الناشطين العرب و"اسكاتهم"...
هم اصلاً لن يحضروا. لان الانظمة التي فشلت في معالجة قضايا الامة، كما فشلت في بناء هياكل ديمقراطية لشعوبها وترقيتهم وانمائهم... هذه الانظمة لن تعرّض نفسها "مجتمعة"، وفي برلمان عربي جامع، لما باستمرار تحاول قمعه في برلماناتها و"الشارع" اذا غضب، والرأي العام اذا ثار!

***
ماذا ننتظر من البرلمان العربي؟
ان ينقل صوت الشعوب العربية الى العالم؟
غالب الظن، مما قيل وقرأنا، ان المطلوب حيلة لتغطية فشل الدول العربية في التقدم والتحرر باظهار شعوبها وكأنها تحمدل وتشكر وتكبر... وتتبرع في هجاء "العالم الخارجي" وتحميله مسؤولية ما يصيبها.
مرفوض ذلك، مرفوض.
افضل للعرب ان يسكتوا حتى يحين اوان الثورة العظمى على القمع والتخلف والفساد.