أحد القراء أرسل رسالة يسأل عن السبب في "الاستعانة" بمرجع ديني من خارج البحرين "قاصدا السيدمحمد حسين فضل الله" عن شأن داخلي "قاصدا موضوع المشاركة / المقاطعة في البرلمان"، ومستغربا إن كانت "الوسط" تؤيد تدخل رموز غير بحرينية في الشأن البحريني السؤال مهم جدا، والجواب عليه يحتاج إلى الصراحة لكي يكون ذا فائدة.
إنه من الصحيح التأكيد أن الشأن البحريني يجب أن يكون بحرينيا، وهذا هو موقفي الشخصي وسيبقى كذلك، ولكنه من الصحيح أيضا هو الاعتراف أن الشارع الإسلامي الشيعي "البحريني" يتحرك حاليا من خلال رموز دينية واضحة المعالم، بعضها خارج البحرين وأخرى من داخل البحرين.
انني من الذين يعتقدون أن رفع الصور والشعارات والأعلام "إذا كانت غير بحرينية" ليست أمورا حسنة، وخصوصا أن أحد رموز الدين "السيدعلي الخامنئي" ليس مرجعا دينيا فحسب، وإنما قائد أعلى للجيش الإيراني ولحرس الثورة الإسلامية الايرانية ولأجهزة الأمن والاستخبارات العسكرية والمدنية في إيران. وعليه، فإن الشاب البحريني الذي يرفع شعار "لبيك خامنئي" في المناسبات الدينية والمسيرات العامة، مثل مواكب العزاء الحسيني او مسيرة "يوم القدس"، لا يحق له أن يتقدم بطلب عمل في الاجهزة العسكرية أو الامنية البحرينية.
الجيش البحريني وقوات الأمن البحرينية لها قائد أعلى آخر وهو الملك حمد، وبالتالي فان هناك تضارب سياسيا بالنسبة إلى من يرفع صورة لقائد جيش دولة مجاورة ومن ثم يطالب بالعمل في جيش البحرين الذي يرفع صورة قائد آخر. وهذا التضارب السياسي ممنوع حتى في إيران وفي كل مكان، فلو رفع أحد الإيرانيين صورة لرمز آخر غير السيدعلي الخامنئي ومشى في شوارع طهران فإن المؤكد "مئة في المئة" أنه لن يقبل في الأجهزة الحساسة للدولة، حتى لو كان ذلك الرمز شخصية دينية تعيش في قم المقدسة أو النجف الأشرف.
رموز دينية أخرى ليست لديها جيوش وأمن ومخابرات، مثل السيدعلي السيستاني أو السيدفضل الله، لا تمثل إشكالا سياسيا بهذا الحجم، لأن النفوذ محصور في الجانب الديني البحت "عبادات ومعاملات" أو الجانب الفكري.
ومع ذلك، فإنني وحتى بالنسبة إلى الرموز الدينية والفكرية البحتة، أحبذ عدم إقحامهم في الشأن البحريني، لولا أن الذين احتكروا أجندة جمهور الانتفاضة "انتفاضة التسعينات البحرينية" خلال السنوات الثلاث الماضية يدعون دائما وأبدا أن لديهم تأييدا من كل الرموز الدينية والهيئات والحوزات الكبرى، وأنهم الممثلون الحقيقيون لـ "الإسلام المحمدي الأصيل"، وأن كل ما هو "حلال" و"حرام" بالنسبة إلى الموقف السياسي يمر من خلالهم... وعليه، فإن الواجب الوطني هو كسر الطوق الذي تم تشييده من أجل خدمة أجندة "أحادية" بهدف القول إن من حق الداعين إلى المشاركة "ضمن اتجاه الانتفاضة" أن يعبروا عن رأيهم وأن يدخلوا البرلمان إذا شاءوا ذلك، كما أنه من حق الداعين إلى المقاطعة الاستمرار في مقاطعتهم من دون أن يحتكر طرف واحد كل الأجندة.
وأؤكد من جهة أخرى، إن "الوسط" تنشر - بكل احترام وتقدير - ما يقوله رموز الدين البحرينيون. كما وأعتقد ان هؤلاء الرموز هم الأكثر استحقاقا لرفع صورهم - إن كانت هناك أية حاجة إلى رفع صور علماء الدين - بدلا من خلط الأوراق وإرسال الرسالة الخطأ التي لا تنفع جمهور الانتفاضة سياسيا أو اقتصاديا، ولا تزيدهم إيمانا في الدين، لأن الدين لا يقوم على رفع الصور، وانما هو رحمة من الله إلى الجميع.