“واني لأعرف كم هي ضعيفة الكلمات
في مواجهة المدافع والدم”
(ويل ديورانت - 1930)
من أفضل ما كتبه “ويل ديورانت” صاحب كتاب: “قصة الحضارة”، وهو أشهر من ان يعرّف، كتابه الآخر الذي كرسه للهند، حضارة وشعباً وعلوماً، ومقاومة للأجانب على امتداد أكثر من قرن ونصف القرن.
ويذكر “ويل ديورانت” أصناماً صغاراً من البريطانيين، لكنه يركز على الصنم الأكبر: شركة الهند الشرقية، التي كانت خلف تحطيم بلد يمتد عمقه التاريخي آلاف السنوات، ويعتبره هذا الكاتب اكثر تأثيراً في حضارة البشرية من حضارتي مصر والعراق، والعرب عموماً.
ولدى العرب في حاضرهم وماضيهم، أصنام كبيرة وصغيرة، ليس آخرها “صنم” بغداد الذي هدم نفسه بنفسه في التاسع من ابريل/نيسان الأسبق، بعدما انضم الى قائمة “الأصنام” العربية “المعبودة” في حينه، والتي ذكرها “شيخ العرب” أو “شيخ العروبة” كما يفضل بعض المحققين تسميته، وهو الأديب الرحالة: أحمد زكي باشا، الذي ألّف رحلة عذبة وجميلة الى غرناطة الأندلس، وهو ما أشرت اليه في الصيف الذي سبق الصيف الماضي.
وتصدى صديقنا، الباحث والشاعر الاماراتي، أحمد محمد عبيد، الذي كان جواد شعر سباق، الى جانب زميله ابراهيم محمد ابراهيم، في “ملتقى الشارقة الرابع للشعر العربي”، لتحقيق كتاب مهم عن “الأصنام” العربية الذي ألفه هشام بن محمد الكلبي، المتوفى سنة 204 هجرية.
وإن نسيت، فلن أنسى بعض قصائد الزميلين الفاضلين، احمد محمد عبيد وابراهيم محمد ابراهيم التي تناوبا على ألقائها في ذلك الملتقى، حيث أنزلا بعض “الأصنام” من علياء التبخير الرسمي، الى زاوية الكشف والإدانة، باخلاق الشاعر العربي المترفع.
ولم يعجب ما كتبته حول بعض مناشط ذلك الملتقى “صنماً” يرمي احجاراً في ظلمة، فلاحقني سباً وشتماً، فلم أجد سوى الاحتكام الى رب الأرباب، وبارىء الأكوان، الذي - سبحانه - انتصف لعباده الذين يمشون في الارض هوناً واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.
وفي مقام السلام، حسب الثقافة الاسلامية، فإن من تبادره بتحية الاسلام، تجعل بينك وبينه السلام، والسلام أحد اسماء الله الحسنى، وسلام على حجاج بيت الله الحرام، الذين سلموا على الرسول الأمين في مدينته المنورة، والسلام موصول لكل أديب وكاتب واعلامي، لا يحبس لسانه في أيامنا هذه، فيقف بكلمته في صف الضعفاء والمستضعفين في هذا الكوكب.
والسّلام السّلام، على من يهاجم اصنام العالم القديم والجديد، بالكلمة والحجر.