يقظان التقي: شكلت احداث 11 أيلول منعطفاً تاريخياً وضربت شعور الامان لدى الاميركيين على نحو مغاير ومفاجئ لم يعرفوه منذ العام 1776، مما قلب الاولويات الاميركية في سباق الأمن على حساب العمل والأجر والضرائب.. واستفادت ادارة الرئيس بوش من قلب الاولويات لتبرر الهجوم على العراق وزيادة موازنة الدفاع والتغطية على الواقع الاقتصادي. هذه الاحداث اثرت ليس فقط على تشكيل الرأي العام الاميركي وانما على تشكيل الرأي العام العالمي في حرب اميركية على الارهاب هي من كبرى الحروب التي خاضتها أميركا خارج أراضيها بعد حرب كوبا، على اعتبار ان كل الحروب الاخرى: الحرب العالمية الاولى والثانية والحرب الكورية وحرب فيتنام بقيت خارج الاراضي الاميركية.
صحيح سبق أن تعرّضت اميركا لحادث تفجير أوكلاهوما لكن بقي الامر على نطاق محصور وبفعل فاعل اميركي. لكن المناخ الذي أحدثته أحداث أيلول غير مفصول بين المناطق والاقاليم لدرجة تحدث البعض عن حرب عالمية ثالثة، تطورت إلى حروب الاصوليات والارهاب ومحاولة اختراق الاماكن المحصنة بالثورة الأعلامية على مستوى الرأي العام والسياسات الخارقة للسيادة التقليدية.
وليد شميط في كتابه "امبراطورية المحافظين الجدد" (صدر عن دار الساقي) يطل على كشوف من هذا المنعطف التاريخي في انتاج توثيقي منضج ثقافياً وعلى مستوى المتابعة الصحافية في مجال يحتاج اليه القارئ العربي في اطار المواجهة مع سلوكيات عودة نظام الحمايات والاحتلالات وفي حروب ميديا التضليل الإعلامي الحديثة.
أعدّ وليد شميط مادته في اسلوب بحثي يرتكز على ثلاثة فصول (351 صفحة) وعلى التحليل وليس على التقدير والعاطفة او الحماس الانفعالي في سياقات منهجية موضوعية تعتمد اسلوب المراجع والفهارس المتعددة. وهو متمرس كإعلامي عمل طويلاً بصناعة الحدث الإخباري في "اذاعة الشرق" والذي يعرف ما تصنعه الأخبار في خدمة حقائق واقعية او اوهام من التضليل الأعلامي والتعمية والتغطية على جوهر المعطيات وتزييفها.
في الكتاب مطاردة واسعة لمنطق الاحداث والاخبار بما يتجاوز الاشياء ذاتها والكلام الإخباري الظاهري إلى الغوص في كشوف فلسفة الحرب الاميركية العقائدية التي ترتكز عليها سياسة التضليل الاعلامي في الثنائية السياسية والعقائدية وغرور الايديولوجيا، فالرئيس الاميركي بوش هو اكثر رئيس اميركي انجيلي عرفته اميركا الذي يستغل احداث 11 أيلول مما مكنه من شن أشرس حملة على العرب والمسلمين في الطموح إلى بناء امبراطورية القوة والغطرسة. فالحرب بلغت الذروة في تحريف المعلومات وتزوير الوقائع ومنها استخدام صدام حسين الذي لطالما رعته المخابرات الاميركية وحمت حروبه على شعبه وغزواته ضد جيرانه، وكان ما ابتدعته اميركا من اسطورة اسلحة الدمار الشامل لتبرير الحرب على العراق تمهيداً لاجتياح المنطقة بالشراكة مع الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، وإمعاناً في السيطرة على النفط وزرع القواعد العسكرية، إلى الرغبة في إعادة تشكيل الشرق الاوسط.
خرق الدستور
يربط وليد شميط بين الفكر السياسي الديني لمجموعة المحافظين الجدد وبين ادوات التعبير والسياسات الخارقة للدستور الاميركي نفسه الذي ينوط بالكونغرس الاميركي اعلان الحرب وليس الرئيس بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة. السياسات الخارقة للاعلان الاميركي التأسيسي الديموقراطي (جيفرسون) ممثلة بأجهزة المخابرات وهي متعددة وتمتد من الاخبار إلى التحليلات إلى دور هوليوود في هذه الحرب الشاملة والحرب النفسية وحرب الإعلام من التضليل إلى التخويف، يضاف اليها مناخ عالمي تبسط اميركا نفوذها عليه من تحجيم الأمم المتحدة وفي غياب موسكو ووارسو والمنظمات الحقوقية الدولية.. يقول الخبير الفرنسي في حرب الإعلام كلود ميشال (مجلة بانوراميك العدد 52 ـ 2001) : "يمكننا القول إن لواء العمليات النفسية الأميركي هو الذي انتصر في حرب الخليج بسيطرته التامة على الأخبار، بخلاف ما كان عليه الأمر في حرب فيتنام" مما يعني اننا ازاء حرب شكلت اكبر عملية اعلامية دعائية لإدارة بوش وتطلعاتها في العالم بأسره (ص160)
الدعاية من دون وزارة اعلام موجودة ليس في البيت الابيض ووزارتي الخارجية والدفاع، فالادارة الاميركية تستخدم 5000 اعلامي واكثر من 15 الف اختصاصي في العلاقات العامة ومراكز الدراسات في امبراطورية القوة او امبراطورية الخوف كما يسميها بنجامين باربر فيما المفكر نعوم تشومسكي يتحدث عن "القطيع التائه"، ويقول الأخير: "يجب تخويف القطيع التائه دائماً فهو إن لم يكن مسكوناً بكل انواع الخوف والشياطين فإنه يمكن ان يبدأ بالتفكير وهذا يهدد بخطأ فادح ومداهم..).
يتوسع بنجامين باربر المستشار السابق للرئيس بيل كلينتون في الحديث عن ثقافة الخوف: "ثقافة الخوف والتخويف ليست جديدة في اميركا فهي تشكل جزءاً عضوياً من الثقافة الاميركية. بدأت بالتخويف من سكان البلاد الاصليين، الهنود الحمر، ثم انتقلت إلى ايديولوجيات معاصرة: الفاشية والنازية والشيوعية، والإرهاب، وبشكل ما من الاسلام والمسلمين، ومن ثم معاداة السامية... المفكر الفرنسي بول فيريليو يتحدث (لوموند 29 آذار 2003) عن تحول وزارة الدفاع الاميركية إلى وزارة الخوف، تتولى ادارة الخوف العام، وعن ما يسميه "ديمقراطية الانفعال الجماعي، التي بدأت تحل محل الديموقراطية" (ص 164).
في كل ما يعرضه يخضع وليد شميط مادته الفكرية للتفكيك والنقد والأطر المنهجية في المقاربة والبحث السياسي والاجتماعي، فيحقق في مزاعم اطراف الادارة الاميركية ويتفحص تمثلات وتقنيات واستراتيجيات شبكات الحرب الإعلامية.
اللعبة الإعلامية
يعرف وليد شميط بخبرته الإعلامية ان جزءاً كبيراً من مسار اللعبة الإعلامية هو مسارات وهمية بالضرورة ولا يستند إلى معطيات واقعية، بل هو حرب ضد الارهاب تشن في كل مكان ضد ما هو واقعي او غير واقعي، وهي حرب بالضرورة تختلف ماهيتها عن كل الحروب السابقة التي ذكرنا. وتضاف إلى هذا المناخ مناخات حروب كوسوفو والصومال وافغانستان فتجري الحرب الجديدة في توصيفات مدمجة عقائدية وايديولوجية وبتشعبات هائلة من التقنيات والتكنولوجيا الحديثة وحرب الدعاية وأدواتها نحو 5000 اعلامي وأكثر من 15 ألف اختصاصي في العلاقات العامة. اذ ينفق البيت الابيض ضعف ما تنفقه الأسوسييتدبرس والقنوات التلفزيونية الكبرى والصحف الاميركية الرئيسة العشر مجتمعة.
واحدة من مخاطر هذه الحرب انها تجنّد كل المساهمات البشرية من تلفزيون وسينما (هوليوود) ومراكز دراسات وابحاث وامزجة الديبلوماسية (في شبه عودة إلى الدبلوماسية السرية التي انتجت الحروب الماضية)، وعلى نحو اسرع واقوى من سابقاتها، ومن النوع العدمي بإمتياز اين منه عدمية نيتشه او فاغنر او سبنغر..
يرى رجيس دوبريه أن هوليوود هي التي اسقطت الشيوعية وعنده ان "سبب انهيار الشيوعية يعود إلى افتقارها للصور اكثر مما يعود إلى افتقارها للافكار.. (182)
يتنبه وليد شميط إلى بعض اقوى الشبكات المرئية وهي تضيف هوليوود إلى الخلطة والتي من الصعب الاحتفاظ بالاسرار فيها، كمثل لقاءات بين منتجي هوليوود ومسؤولين في البيت الابيض تقحم هوليوود في الحرب على الارهاب على نحو ما جرى في الحرب العالمية الثانية تضاف اليها لقاءات بوش مع الجيش ورصد مبلغ 43 مليون دولار لإنشاء محطات تلفزيونية واذاعية ومواهب مختلفة لخارجين من اوطانهم بذريعة الاعتراض على الانظمة القائمة لتوجيه وتنسيق جهود جديدة لإحتواء تداعيات الحرب الخطرة ومواجهة قوة الآخر واخذ الشباب إلى الخط الاميركي، في مواجهة قوة اولئك الناس الذين لا يظهرون على الشاشة ويخلقون حقائق واقعية في القدرة على الاستمرار ومن خلال نمط حياة تلك الجماعات الاصولية (بن لادن وجماعته) والشبكات الخارقة للقوة الامبراطورية ولمزيد من تهويمات العنف والارهاب. ما خلا "فهرنهايت" مايكل مور الذي اعاد السينما إلى الارض التي هجرتها منذ زمن، ارض صراع الافكار، والنقد الفرنسي اعتبر أن مور "يعيد اختراع السينما النضالية" (توماس سوتسنييل، لومون، 3 حزيران، 2004)
ايديولوجية هوليوود هي ايديولوجية اميركا نفسها، نمذجة البطل الذي لا يموت في الافلام والمسلسلات، الرجل بملامح انكلوسكسونية والفئةالتي تنجح في مصادرة الاشرار والانتصار عليهم.
كتاب مميز في الجهد التوثيقي الذي يجول في ما كتب ونشر وسط شبكة مختلفة ومتداخلة من افكار صارت تهدد نظرات العولمة الاجتماعية والبحوث السياسية، ويتحرى ما سماه طوني بلير "خليج من سوء الفهم" في التعبير عن كراهية العرب والمسلمين لأميركا، وهي اميركا ومعها عدد كبير من الدول الاوربية سبق لها ان استقبلت هجرات كبيرة من العرب والمسلمين لتفتيت القومية العربية والإسلامية (لماذا يكرهوننا ص 296)
الخطر
جانب آخر يظهره المؤلف وهو كم كانت الحرب ضد العراق موضع تغطية اعلامية غير مسبوقة في تاريخ النزاعات والحروب، وقد عكست هذه التغطية مدى خطورة الحرب ليس على العراق وحسب، ولا على المنطقة فقط ولكن على العالم بأسره في منعطف آخر لأحداث تاريخية تستقي صورها من الذاكرة البعيدة وتستعيد شريطاً كان لمع فيه نجم القائد العسكري الانكليزي مونتغمري في حرب العلمين، ولو قيّض له ألا ينتصر على رومل حينها لكانت المانيا هتلر قد وصلت إلى الاسكندرية ومنابع الثورة النفطية ولربما كانت غيّرت الامور وجهة العالم.
لكن كيف روّج الاميركي لحربه وما هي الادوات والاساليب وماذا عن الهجمة الاعلامية الاميركية، وما هي طبيعة المشروع الاميركي في المنطقة وماذا عن طموحاته، وماذا عن الملفات السياسية والايديولوجية التي تقف وراء مشروع المحافظين الجدد (ص 10).
المسألة عند عالم الالسنيات الاميركي نعوم تشومسكي ليست مجرد أكاذيب واضاليل وانما هي عملية تزوير للتاريخ (ص 14). آلان غريش في "لوموند ديبلوماتيك" يتحدث عن "جرائم وأكاذيب تحرير". و"حرب حطمت كل الارقام القياسية" (سيمور هيرش). و"ضجيج الاكاذيب" (لوموند الفرنسية)، و"أسلحة دمار شامل تحولت إلى اسلحة اختفاء شامل" (مجلة تايم).
يسأل تييري دي مونبريال في لوموند (14 حزيران 2003)، هل يصدق الاميركيون جدياً أنه بالإمكان تغيير العراق وتغيير المنطقة كما جرى مع اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وأن الديمقراطية ستنشر بعد ذلك محاسنها في كافة انحاء الشرق الاوسط" (49). ام هي السيطرة على منابع النفط في العالمين العربي والاسلامي اللذين سيسيطران، بحلول العام 2010 على 60 في المئة من مجمل احتياطي النفط العالمي (ص55).
"امبرياليو الديمقراطية" لا يؤمنون فقط بأن على اميركا ان تتدخل عسكرياً في الخارج، وانما عليها ايضاً ان تهيمن على العالم بأسره لأن في هذه الهيمنة مصلحة لها وللعالم معاً.. عليها أن تعيد إحياء نزعتها التبشيرية لكن على نقيض المبادئ الدستورية التي مثلها مثل ولسون وروزفلت وترومان وكينيدي، وحتى ريغان. وهذه مهمة أخلاقية، اذ من يمكنه أن يكون ضد انتشار الحرية والديمقراطية في العالم!. اذاً "اين الشر في السيطرة على الغير عندما يكون ذلك في خدمة المبادئ النظيفة والمثل النبيلة"، يتساءل اثنان من عتاة المحافظين الجدد وليام كريستول ولورنس كابلان في كتابهما: "طريقنا بدءاً من بغداد"، ترجمة فرنسية صادرة عن دار سان سيمون، باريس) (ص 64).
الفوضى
في كتابه "الفوضى العالمية الجديدة" (دار لافون، 2003) يقول المؤرخ والفيلسوف تزفتان تودوروف: "إن التعبير الأدق الذي ينطبق على هؤلاء المحافظين هو الاصوليون الجدد. أصوليون لأنهم يطالبون بالخير المطلق الذي يريدون فرضه على الآخر وعلى الجميع وجدد لأن هذا الخير ليس من صنع الله وإنما هو من صنع قيم الديمقراطية الليبرالية" (ص 71). بحجة تنمية الديمقراطية نفسها (برنامج تنمية الديمقراطية في العالم العربي، اليزابيت تشيني) ونقل الحضارة والمدنية اجتاحت الدول الأوربية الاستعمارية في القرنين الماضيين كل افريقيا ومناطق شاسعة في آسيا، واحتلتها واستعمرتها. في القرن السابع عشر تحدث الفيلسوف كوندورسيه عن الدور التنويري لأوروبا في الشرق: "يبدو أن هذه البلدان الشاسعة لا تنتظر شيئاً غير الارشادات لكي تتحدث وتصبح صديقة وتلميذة للأوروبيين. هناك أمم مستعبدة يهيمن عليها مستبدون ذوو قداسة أو فاتحون أو أغبياء، وهي منذ ازمنة بعيدة تتوجه بالنداء إلى محرريها" (ص 42). هذا يلتقي ولو من بعيد المهمة "الحضارية" التي تصدت لها أوروبا الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويلتقي تصريحات كوندوليزا رايس: "القيم الأميركية قيم أميركية..."، ويستحيل على الآخرين التوصل إلى ما يعادلها، او اعادة تشكيل العالم العربي والاسلامي كما يقول رونالد اسموس وكينيت بولاك: "فإلى جانب مواصلة الحرب على الارهاب بالوسائل العسكرية، علينا ان نلتزم استراتيجية صارمة يمكنها ان تساهم في تغيير المنطقة ذاتها، والعمل على خلق أنظمة تمثل شكلاً جديداً للديمقراطية في العالم العربي". او كما يقول الصحافي الاميركي وليم بفاف (هيرالد تريبيون 3 تشرين الاول 2003): "إقناع الخصوم المحتملين بالإمتناع عن امتلاك المزيد من اسباب القوة املاً بالتفوق على الولايات المتحدة الاميركية". فيما يقول جون أكنبري في مجلة "فورين آفيير، تشرين الاول 2002": "هذه الاستراتيجية الاميركية صدمت الأوروبيين قبل غيرهم. الأميركيون يزيدون من ميزانيات التسلح، ويخفضون من مساهماتهم في المنظمات الدولية وفي العمل المدني المشترك في العالم، بينما الاوروبيون يفعلون العكس". المعروف ان الولايات المتحدة تخصص سنوياً مبلغ 500 مليار دولار للتسلح، في حين ان ميزانيات التسلح في البدان الاوروبية مجتمعة لا تزيد على 180 مليار دولار. وحسب المعهد الدولي لأبحاث السلام في استوكهولم، فقد بلغت ميزانية التسلح الاميركية العام 2002 نسبة 43 % من ميزانيات التسلح في العالم كله!.
برنارد لويس
المستشرقون الجدد تعلموا الدرس من برنارد لويس، وها هم اليوم يعملون على زرع الديمقراطية في العراق بعد غزوه واحتلاله. في كتابه "الاستشراق"، يتوقف ادوارد سعيد مطولاً عند برنارد لويس: ("يتحدث برنارد لويس عن غياب الديمقراطية في الشرق الاوسط، باستثناء اسرائيل، من دون ان يذكر مرة واحدة قوانين الدفاع الطارئة التي تستخدمها اسرائيل لحكم العرب، وليس ما لديه ليقوله عن "الاعتقال الوقائي" للعرب في اسرائيل، او عن عشرات المستعمرات غير القانونية في الضفة الغربية وغزة المحتلتين عسكرياً، او عن فقدان العرب لحقوق الانسان، واولها حق الهجرة، في فلسطين سابقاً، وبدلاً من هذا كله فإن لويس يسمح لنفسه في ان يقول إن "الإمبريالية والصهيونية" في ما يتعلق بالعرب، كانتا مألوفتين لزمن طويل تحت اسميهما القديمين، المسيحيين واليهود!) (ص 77). ملاحظة حرجة وحساسة يسوقها وليد شميط معتبراً ان اصرار اميركا على غزو العراق يشكل تجاوزاً للصراع العربي ـ الاسرائيلي. يقول رالف بيتزر إنه لا يمكن فرض الديمقراطية بقرار من الخارج "ان اصرارنا على الديمقراطية الفورية في بلاد تعرضت للدمار يمثل مساهمتنا الكبرى في عدم الاستقرار العالمي"، فيما يرى مسؤول كبير في "سي. اي اي" في كتابه "هوبرة إمبريالية" إلى هزيمة اميركا في حربها على الارهاب اذا لم تغّير سياستها المنحازة إلى اسرائيل (ص 310)
يتوقف وليد شميط مطولاً عند اكذوبة الـ 45 دقيقة وقضية اليورانيوم ويرصد ما جاءت به سبعة كتب صدرت حول الموضوع، ولا يغفل فضيحة سجن ابو غريب بعد ان يكون قد انتهى إلى تصريحات هانز بليكس "قلنا إننا لم نرَ اي أدلة على وجود اسلحة. لقد أصدرنا على ما اعتقد التحذيرات الملائمة، ولكن بلير وبوش لم يأخذاها على محمل الجد. وثمة مسؤولية تقع على اجهزة المخابرات أيضاً" (ص 146).
في الخلاصة 11 ايلول له ما قبله وما بعده من سياسة اميركية اسرائيلية منهجية تقوم على الحرب الوقائية التي عاينتها وثيقة المحافظين الجدد منتصف التسعينات (وثيقة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية 1996) وكانت تجلياتها بالضغط على اسرائيل لرفض اتفاقات اوسلو وضم الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم تصفية نظام صدام حسين وتقويض حكومات في المنطقة ومنعطف خطير يطال المنطقة.
كتاب مميز يقدم نفسه مرجعاً في تدوين الأحداث تحتاجه المكتبة العربية ويعطي البحث السياسي والاعلامي دلالات الاشياء ومنطق استشعار خطورة الاحداث وتأثيرها على تكوين الرأي العام العربي والعالمي، بالاشارة إلى مئات الكتب الغربية والمقالات والدوريات وغالبيتها تشير إلى عنف الحرب وهذياناتها وعدميتها، تلك التي تزعم استئصال الشر من العالم وهي لا تؤدي إلا إلى تواصل مشوش وعدم الاستقرار.

الكتاب: "امبراطورية المحافظين الجدد، التضليل الاعلامي وحرب العراق"
المؤلف: وليد شميط
الناشر: دار الساقي، بيروت، 2005