ملاحظات عدة على ما يدور فوق المسرح السياسي اللبناني:
1 قانون الانتخابات الذي يتأرجح بين مشروع الدائرة الصغرى والدائرة الوسطى بنظام التصويت الأكثري، هو فرصة للحكومة الكرامية المهيضة الجانح، لكي تثبت انها تصلح على الاقل لشيء آخر غير الاستفزاز الرخيص، تارة في استهداف المعارضة، وطوراً في اتخاذ مواقف ديبلوماسية تنم عن رفض لفكرة لبنان السيد المستقل استقلالاً تاماً وحقيقياً. من هنا استغرابنا الكبير للاجتماع الرباعي الذي عقد في قصر بعبدا أمس، وضم الرؤساء الثلاثة ووزير الداخلية. فمن ينظر في فكرة الاجتماع نفسه يكتشف ان نظرية فصل السلطات يتم تجاوزها بكل بساطة. فما معنى حضور رئيس مجلس النواب اجتماعاً يناقش مشروع قانون سيخرج عن الحكومة ليحال على المجلس النيابي؟ وما معنى ان يكون الاجتماع رباعياً يستثنى منه مجلس الوزراء بكامل أعضائه اي السلطة التنفيذية بأسرها؟
اسئلة تفيدنا ان ما يجري اليوم هو اختصار للسلطات، واستبدال (في المظاهر) للتدخل المشكو منه بشواذ مؤسسي. فالمطالبة بوقف تدخل الاجهزة المحلية والسورية في الحياة السياسية اللبنانية، لا يعني أبداً ان تستقر السلطات في اطار يتجاوز مجلس الوزراء تمهيداً لفرض صيغ معلبة على حكومة صاغرة في الأساس.
2 شائعات كثيرة في الوسط السياسي تقول ان المسؤولين السوريين بدأو ابلاغ طالبي المواعيد والمتصلين من السياسيين والمسؤولين اللبنانيين ان سوريا تنأى بنفسها عن التدخل في التفاصيل اللبنانية. من حيث المبدأ والشكل هذا جيد. ولكن هل يقترن بالفعل حقيقية؟ هنا السؤال. وكيف نتثبت ان سوريا تلتزم ما ينقل عنها؟ بعض الجهات السياسية يقترح اثباتاً لهذه الشائعة ان تعلن الجهات السورية المسؤولة عن وقف التعاطي في كل ما يمت بصلة بالحياة السياسية اللبنانية، وبالتالي الاعتذار عن تلقي المراجعات من أي مدني لبناني، سياسياً كان أو موظفاً (بما فيها الاسلاك الامنية الخاضعة للسلطة السياسية) أو قاضياً، أو رجل اعمال. يعقب ذلك افهام من يلزم ان سوريا لا تغطي هذه الحكومة الكرامية، وبالتالي لن تتعاطى بأي حكومة أخرى لا تكليفاً ولا تاليفاً ولا ممارسة. وتنزل الحكومة الى المجلس النيابي لتواجه طرح الثقة بها، ويفترض (اذا صح عدم التدخل) ان تسقط افساحاً في المجال أمام تأليف حكومة أخرى لادارة الانتخابات! اما اذا لم تسقط الحكومة خلال طرح الثقة بها، على ما تقول الجهات السياسية المشار اليها، يكون ذلك دليلاً على ان التدخل لا يزال قائماً. والا فكيف تجمع الحكومة بالكاد 59 صوتاً بتدخل، ولا تسقط بانتفاء التدخل؟ فكرة جديرة بالتفكير ربما.
3 التهويل بالعددية الذي يقوم به بعض الابواق الذي يشكل وجوده شتيمة لكل لبناني، لا تفيد ما يسمى موالاة في استقطاب تأييد لبناني، وبالتأكيد لا يخيف المستهدفين من هذا الكلام. فمن ينظر في النموذج اللبناني يدرك اننا بازاء بلد الأقليات. حتى الكبار في لبنان هم في نهاية المطاف اقليات بمعنى من المعاني. فلا يطرحن البعض فكرة مرفوضة في الأساس هي الاستفتاء. ولا ينظرنّ البعض الآخر في معنى الطائف حول المناصفة وصحة التمثيل. باختصار كثيرون يرون انه عندما يلتقي حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله بكل ما يمثل بموقفه وطروحاته مع ما تقوله الأبواق والحناجر المعروفة فهذا منتهى الاهانة للمقاومة ولقائدها. ومن هنا يتمنى كثيرون من الاخوة في حزب الله ان يكونوا اكثر انتقائية في ما يتعلق بمن يسمون حلفاء !