في مؤتمر العقبة الشهير (4/6/2003) الذي عقد عقب يوم واحد من انتهاء مؤتمر مشابه عقد في شرم الشيخ، وقف الرئيس الأمريكي جورج بوش يتحدث بافتخار شديد وقال: “يسعدني أن أكون هنا مع رئيس الوزراء شارون وقد بدأت الصداقة بين بلدينا لدى إنشاء “إسرائيل”. الولايات المتحدة ملتزمة اليوم بقوة،وأنا ملتزم بقوة بضمان أمن “إسرائيل” كدولة يهودية تنبض بالحياة”.
وبعد ذلك بشهور قليلة، وقف بوش يتحدث في موتمر صحافي بواشنطن بحضور رئيس الوزراء “الإسرائيلي” شارون، ولكن تعمد أن ينافس المؤتمر الصهيوني العالمي الشهير الذي عقد في بازل عام ،1897 وأن ينافس وزير الخارجية البريطاني الشهير بلفور، فقدم ثلاثة وعود ل “إسرائيل” هي: لا لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ولا للعودة إلى حدود ما قبل الخامس من يونيو/حزيران ،1967 ونعم لجعل “إسرائيل” “دولة يهودية”.
هذا الحديث المتجدد عن جعل “إسرائيل” دولة يهودية فسره شارون بوضوح شديد في إحدى مداخلاته في مؤتمر العقبة المشار إليه بحضور الرئيس الأمريكي وقيادات فلسطينية وعربية. ففي تعليقه على مطلب أمريكي بأنه يعلن موافقته على “خريطة الطريق” من دون أن يعلن تحفظاته الكثيرة عليها، وأن يترك باقي الأمور معتمداً على الثقة في أمريكا فكان رده: “أقول لكم بصريح العبارة إنه لم يخلق في دولة “إسرائيل” من يتنازل عن شبر من “أرض إسرائيل”. وقال إنه أرسل إلى الرئيس بوش والكونجرس وزير السياحة في حكومته ليقول لهم: إن الحل الذي نقبله ولا نقبل سواه هو أن يكون الأردن وطن الفلسطينيين، وبإمكان أي فلسطيني في أي مكان كان، بما في ذلك عرب “إسرائيل” التوجه إلى الأردن وإقامة دولتهم فيه”. وأردف شارون قائلاً هذا هو الحل العملي الذي يوفر علينا وعلى الفلسطينيين العذابات وعدم الاستقرار. ف “إسرائيل” من البحر إلى النهرين لن تكون إلا دولة يهودية نقية”. ومن بين ما أضافه قوله: “لقد حمّلنا وزير السياحة اقتراحاً يقضي بإسكان أهالي الضفة وغزة في العراق ومنحهم الجنسية العراقية للإسهام في عملية التوازن بين السنة والشيعة”.
الرد البليغ الوحيد يأتي من حيث لا يتوقع أحد، يأتي من داخل “إسرائيل” نفسها، حيث يؤكد تقرير المجلس الصهيوني التابع للهستدروت أن تزايد هجرة اليهود من الكيان، وتزايد هجرة غير اليهود إلى الكيان لتصبح دعوة الدولة اليهودية النقية مجرد أكذوبة أو وهم يفرضه الواقع.
ومعنى ذلك، أن تطور هذه الظاهرة يمكن أن يحوّل النقاء اليهودي المرغوب لدولة “إسرائيلية” أكذوبة رغم كل المحاولات “الإسرائيلية” للتوسع وضم المزيد من أراضي الضفة، وغزة، لكن تبقى الأكذوبة الحقيقية والوهم الحقيقي هما ما يروجه العرب من فرص لسلام مع “الإسرائيليين”.