أحمد نجيم من الدارالبيضاء: خرج عمر، كعادته من منزله في حي يعقوب المنصور في الرباط ، الساعة السادسة والنصف صباحا. ركب الحافلة، التي سجلت تأخيرا دام عشر دقائق عن موعدها المعتاد. "وصلت إلى محطة الرباط أكدال الساعة السابعة إلا دقائق "، يحكي عمر أحد ضحايا ارتباك حركة سير القطارات أمس، ويضيف ، والارهاق باد عليه : "ركضت معتقدا أنني تأخرت عن قطار الساعة السابعة و5 دقائق. ولجت المحطة وحجزت تذكرتي كالعادة. ولم أفاجأ بالاكتظاظ، فقد ألفت هذا المشهد خلال الأعياد والعطل".
انتظرت إلى الساعة السابعة والنصف وركبت قطار الساعة و5 دقائق ، لكنه لم يتحرك إلا بعد 25 دقيقة. كان مكتظا كعلبة سردين ولم أتمكن حتى من إيجاد مكان للوقوف. لم يكن عمر يعلم أن تماسا كهربيائيا بإحدى خطوط السكة الحديدية في المنصورية قرب المحمدية سبب هذا الارتباك.
لم يعتذر مسؤول القطار ولا مسؤولو محطة الرباط أكدال عن التأخير. بلغنا محطة مدينة تمارة، يضيف عمر، فتوقف القطار. وطال الانتظار مجددا، فبدأ المسافرون بالتساؤل "ربما هناك إضراب للسككيين ولم تشأ الإدارة إخبار الزبناء"، قال رئيس مقاولة بغضب شديد، فأجابه زبون آخر: "ليس هناك إضراب، بل تعطل قطار الخامسة والنصف فأربك الحركة". مع مرور الدقائق ازدادت حدة الاحتجاجات ، وبدأ المسافرون بالنزول الساعة الثامنة والنصف متسائلين "أين الصحافيون؟" ليجيبه صديقه: "ربما حصولهم على البطاقة المجانية يكمم أقلامهم".
ويروي عمر: "غادرت القطار مع المغادرين. لكنني أحسست ببرد شديد في تلك المنطقة المفتوحة والقريبة من البحر، فعدت إلى المقصورة للاستراحة.
وتعبيرا إصرارنا على المطالبة بحقنا منعنا حركة القطارات، فقدم مسؤول من المكتب الوطني للسكك الحديدية، لكنه لم يقدم حلا للوضع. لذا طالبنا بحضور محمد ربيع لخليع، مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية. وما لبث أن وصل عامل تمارة برفقة رجال أمن والقوات المساعدة. طلب منا مغادرة السكة التي احتللناها، فلم نلب رغبته فحضر إلى مكان تجمعنا"
"مرت دقائق"، يروي عمر، "وازداد إصرارنا على مطالبنا بحضور مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية والاعتذار عن التأخير أمام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والقناتين الأولى والثانية والإذاعة". بحسب مريم إحدى ضحايا التأخير "لم يكن هذا الطلب مبالغا فيه، فأنا وكل المسافرين مطالبون بالحضور في مواعيد معينة إلى العمل، ولن تقبل مؤسستنا عذرا لغيابنا إلا باعتذار المسؤول عن السكك الحديدية، كما أن على هذا المكتب أن يغير تعامله معنا. فقد استمر موظفوه في بيع التذاكر متجاهليننا ولم يكلفوا أنفسهم عناء الاعتذار وتفسير أسباب التأخير. تعهد أمامنا العامل بنشر المكتب الوطني للسكك الحديدية اعتذارا في الصحف وعلى شاشة القناتين، ووعد بتقديم ورقة اعتذار لكل مسافر ترغمه مؤسسته على شرح أسباب تأخيره. كما وعدنا أنه لو تكرر الأمر مرة أخرى في تمارة فسيضطر إلى إيقاف السكة الحديدية بتراب العمالة".
خلف هذا التأخير الذي دام أكثر من خمس ساعات بالإضافة إلى تذمر أحمد ومريم وجميع المسافرين "تخلف كثر من المسافرين عن الالتحاق بطائراتهم في مطار محمد الخامس، مثل حالة الطالب التونسي حمدي، الذي كان ينوي تمضية عطلة العيد في تونس برفقة عائلته، وبسبب التأخير طارت طائرته إلى تونس تاركة إياه في مدينة تمارة ".وتضيف مريم: "هناك خسائر فادحة سببها تهور المكتب الوطني للسكك الحديدية، إذ كان بعض المواطنين سيوقعون عقود عمل مع مؤسسات وبسبب هذا التأخير ضاعت الفرصة".
أصحاب سيارات الأجرة استغلوا الوضع فبدأوا يبتزون الركاب ويطالبون بمائة درهم لنقلنا إلى الرباط، غير أن رجال الأمن رفضوا منحهم تراخيص للحد من هذا الابتزاز .
الساعة العاشرة و35 دقيقة تحرك القطار ليصل إلى محطة الدار البيضاء الميناء منتصف النهار و20 دقيقة. يقول عمر: "وصلت إلى مقر عملي منهكا مرهقا، وكان علي أن أقدم إلى الإدارة تفسيرا" للتأخير . تفهمت ادارتي ، لكن موظفين كثرا" في الدار البيضاء والرباط سيؤدون ثمن خطأ لم يرتكبوه".
من جهته ، أوضح مسؤول محطة الدار البيضاء الميناء ل"الصحراء" أن أول قطار وصل الساعة التاسعة و40 دقيقة. وهو ما يتناقض وكل ما رواه عمر عن محنته .
وأضاف المسؤول أن الارتباك سيسبب تأخيرا في حركة القطارات العادية يصل إلى نصف ساعة ، على أن تعود الحركة العادية للقطارات الساعة الواحدة -أمس- وأكد أن اعتذارا عن التأخير سيوجه الى جميع المسافرين عبر الصحافة والتلفزيون.
وطوال الوقت الذي استغرقه الحادث، كان موقع المكتب الوطني للسكك الحديدية على الأنترنيت يتباهى بالخدمات التي يقدمها للزبائن خلال عيد الأضحى، ليبعث المكتب بلاغا يعزو فيه التأخير إلى مريم وعمر، وجاء فيه أن "مسافرين منعوا تحرك القطارات في الاتجاهين عند محطة تمارة".