بغداد من وسام سعد: أكد الناطق الرسمي باسم “هيئة علماء المسلمين” في العراق مثنى حارث الضاري أن المعركة في الفلوجة انتهت إعلاميا فقط ولكنها ما زالت على ارض الواقع، والأمريكيون تورطوا في الفلوجة ولا يستطيعون الخروج منها لان الإعلام سيدخل عندئذ وسيعرف الناس المجزرة التي حدثت في المدينة ولا يستطيع الأمريكيون البقاء فيها لأن هناك ضغطاً عسكرياً شديداً وهم في ورطة.
وقال الضاري ل “الخليج” إن “الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في العراق هو مجرد غطاء مظهري فقط للاحتلال، والدليل على ذلك ما حدث في مؤتمر شرم الشيخ، فرغم تأكيد أحد بنود البيان الختامي الدور القيادي للأمم المتحدة في العراق، إلا أننا وجدنا هذا الدور على ارض الواقع غير مؤثر وهامشياً تماماً، ولقد تجسد هذا في موضوع الانتخابات التي كان من المفروض أن تجرى بإشراف كامل من الأمم المتحدة، وفوجئنا عندما رأيناها تقرر25 مشرفاً فقط لمتابعة الانتخابات، ورغم هذا لم يصل منهم إلا سبعة، والغريب أيضا انهم جعلوا العراق منطقة انتخابية ولها400 مشرف على الانتخابات، اذن دور الامم المتحدة هو دور ظاهري وكذا قضية التدويل ظاهرية الغرض منها إعطاء شرعية للاحتلال والحكومة المؤقتة”.
وذكر أن نشوب حرب أهلية في العراق أمر مبالغ فيه، فالتوافق الشعبي على مستوى عال جداً وموقف المراجع الدينية جيد، لكن المشكلة في أن بعض القوى السياسية تروج لهذه المقولة لأنها رهنت نفسها ببقاء الاحتلال وبالتالي لا اعتقد انه ستكون هناك حرب أهلية رغم كل المحاولات التي جرت منذ أن احتل العراق في آذار/مارس سنة 2003 من اجل جر العراق إلى حرب أهلية، فالمحاولة لم تنجح ولن تنجح.
وأضاف أن “الصورة الظاهرية التي تعكس التباين بين الطوائف غير صحيحة، فليس في العراق من يصنف الشعب إلى سنة وأكراد وشيعة، الواقع شهد بخلاف هذا، وهناك تيارات كبيرة من إخواننا الشيعة تعارض إجراء الانتخابات، ومن أبرزها التيار الصدري وله حضور كبير في الساحة الشيعية، إضافة إلى مراجع وشخصيات دينية كبيرة مثل الشيخ حسن البغدادي، وهو مرجع ديني كبير والشيخ جواد الخالصي والسيد محمود الحسني، كلهم يعارضون الانتخابات واصدروا فتاوى في هذا السبيل، وعليه فالقول بأن الشيعة سيشتركون جميعهم في الانتخابات غير صحيح”، وأوضح بأنه “ ليس كل السنة معارضين للانتخابات، فهناك مجموعات سنية تريد أن تشارك، ولكن القسم الأكبر منهم يعارضون إجراءها في هذا التوقيت ومع وجود الاحتلال، لقد اجتمعت القوى الوطنية العراقية في لقاءات تشاورية ثلاثة جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وأسفرت عن قرار نهائي بمقاطعة الانتخابات ومن خلال هذه القوى تشكل الوفد الذي زار القاهرة وبيروت ودمشق، وتمثل هذه القوى كل ألوان الطيف العراقي بخلاف القوائم الأخرى، وتضم اكثر من سبعين قوة سياسية ومرجعية دينية وجهات نقابية وتجمعات شعبية، بالإضافة إلى اكثر من100 شخصية عراقية بالخارج أيدت هذه المقاطعة، وهذه الأسماء تضم المسلمين والمسيحيين العرب والأكراد والتركمان والقوى الإسلامية والعلمانية والأحزاب السياسية والتجمعات الشعبية، ونستطيع أن نقول إن النخبة العراقية المثقفة التي تجمع ألوان الطيف العراقي تعارض إجراء الانتخابات وبالتالي تبطل قضية الفصل الطائفي والفصل العرقي”.
واكد أن المشاركة في الانتخابات ستهمشنا لأنها ستضعنا في خندق التعامل مع المحتل، لذلك أقول إن هذه القوى العراقية التي اجتمعت في مصر ودول عربية أخرى دليل على انه ليس هناك تهميش أبدا وان خيار المقاطعة قد أجمعت عليه قوى مختلفة وبالتالي نحن لا نخشى تهميشاً لأننا نعتقد استحالة إجراء الانتخابات في ظل الاحتلال ونصر على هذا الرأي ولقد اثبت الواقع صحة ما توقعناه. واشار الضاري إلى أن التدخل الخارجي في شؤون العراق مرفوض من أي جهة كانت، وتابع: “بعض دول الجوار، ومنها إيران، تتدخل في العراق وتدخلها معروف ومعلوم ومشاهد ومؤثر وتدلل عليه الوثائق منذ اكثر من سنة ونصف السنة، هناك جهات كثيرة تؤثر على هذا الموضوع ولكن المثير للاهتمام أن هذا الموضوع يثار الآن قبل قضية الانتخابات وعندما اقتنعوا بأن الانتخابات يجب أن تؤجل أثير هذا الموضوع ونحن نعتقد بأن تدخلات دول الجوار والدول الأخرى في العراق أمر غير مقبول، فيجب أن نتأنى قليلاً في التعامل مع هذه التدخلات، فنحن لا نريد أن ندخل في سجال وصراع قوى بإثارة تدخل إيران مرة وتدخل الأردن مرة وتدخل سوريا مرة وتدخل تركيا، اعتقد أن الشعب العراقي إذا أتيحت له الفرصة سيتعامل مع هذه التدخلات تعاملاً حكيماً ينهي به المشاكل، إثارة هذا الموضوع بهذه الطريقة وفي هذا الظرف سيعكر الوحدة الوطنية”.
وذكر الناطق الرسمي باسم الهيئة أن “مواقف بعض الدول دعمت الموقف الأمريكي وبالتالي بدت سياستها حيال القضية العراقية غير واضحة لأنها تفتقر إلى المعلومات الصحيحة، العراق مازال حتى الآن ساحة فيها الكثير من الأسرار ولم تحاول الدول العربية المجاورة وغير المجاورة له أن تقف على حقيقة الأمور، ولعل هذا من أسباب زيارة الوفد العراقي الشهر الماضي لمصر وسوريا ولبنان من اجل إطلاع الاخوة على كثير من المعلومات التي تعينهم على فهم الرؤية الحقيقية، واعتقد أن بعض الدول العربية وقعت في خطأ عندما نظرت إلى القضية العراقية عبر المنظار الأمريكي، لذلك تذهب وتأتي مع الخيارات الأمريكية”.
وأضاف أن “الاستقرار في العراق لن يكون إلا برحيل الاحتلال، والمشكلة في العراق هي الاحتلال فالنتيجة الطبيعية انه إذا زال يعود الاستقرار، لكن هناك مغالطة تقول انه إذا زال الاحتلال مباشرة سيؤدي إلى الفتنة ووقوع حرب أهلية، فنحن ندعو هنا إلى جدول زمني لانسحابه، وجدولة الانسحاب لقوات الاحتلال تعني تدخلاً أممياً بإرسال قوات دولية تحل محل القوات المنسحبة وبالتالي لا يكون هناك فراغ أمني”.
وعن موجة الاغتيالات التي يتعرض لها علماء السنة في العراق، أوضح الضاري أن “هذا لا يقتصر على السنة فقط، فإن لدينا قوائم تسجل اغتيالات لقوى وطنية عراقية فيها سنة وشيعة وعرب وأكراد ومسيحيون، والقضية هي محاولة لإفراغ الساحة من الوجوه الوطنية المعارضة للاحتلال، ولهذا مورست ضغوط على بعض القوى التي يرتفع صوتها، كما حدث لهيئة علماء المسلمين في أزمة الفلوجة، فرغم التعتيم الإعلامي الكبير الذي فرض الا ان الهيئة من منطلق المسؤولية الشرعية والوطنية والإنسانية كانت تتكلم بصراحة حول هذا الموضوع وعليه أظهرت محاولات لتدجين الاخوة والضغط عليهم وتهديدهم، ثم جاءت عمليات تصفية لعضوين من أعضاء الهيئة على يد أشخاص مجهولين وعضو ثالث قتلته قوات الاحتلال ولم يعلن عنه في وقته، كل ما يجري محاولة لإفراغ الساحة من اجل الضغط على المقاومة”.