يدي على قلبي خوفا على محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، فالرجل يتصرف بشجاعة نادرة في العالم العربي، حيث يحاول القائد دائما ارضاء الناس والجري وراءهم ووراء عواطفهم، وخاصة في الساحة الفلسطينية حيث الناس محبطون ويشعرون بظلم حقيقي من احتلال الى سوء الأوضاع المعيشية، الى سياسات اليمين الاسرائيلي ضد لقمة عيشهم. ولقد تعودنا على العديد من القادة الفلسطينيين الذين لا يحملون من صفات القيادة سوى اسمها، فالقائد هو الذي يقول الحقيقة وان اغضبت الجمهور. والقائد يتصرف بعقله لا بانفعالاته، والقائد يتحمل مسؤولية سياساته بشجاعة.
القرارات الحاسمة التي اتخذها محمود عباس تضع شارون في مأزق، ومن هنا مصدر القلق على ابو مازن، فاليمين الاسرائيلي يشعر بحرج حقيقي من سياسات ابو مازن العقلانية والتي تدفع باتجاه السلام والحوار، وهو ما لا يريده المتطرفون في الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.
الخوف على محمود عباس يأتي ايضا من المتطرفين الفلسطينيين الذين لا يريدون السلام ولا يؤمنون بالدولتين، والذين يستخدمون كلمة السلام من اجل ذر الرماد في العيون، وهؤلاء لديهم برنامج عدمي مكلف للشعب الفلسطيني ولا علاقة له بعقل ولا منطق، ولا يدرك موازين القوى الاقليمية والدولية، واقصى ما يتمنونه هو ان يستمر سفك الدماء مهما كانت النتائج مأساوية.
اذا نجح أبو مازن في حواره مع الجهاد وحماس فستكون هذه اول بداية حقيقية للسلام، واذا نجح في اعلان الهدنة فستكون الخطوة الأولى التي ستلم الساحة الفلسطينية وترفع الحرج عن اصدقاء الفلسطينيين في دول كثيرة اهمها القارة الأوروبية وتضع سياسات اليمين الاسرائيلي في زاوية ضيقة. وتعيد القضية الفلسطينية الى واجهة الاهتمامات الدولية.
نعرف الطبيعة العنصرية لليمن الاسرائيلي. ونعرف انهم لا يريدون هدنة جادة وهم الذين خرقوها من قبل. لكن على الفلسطينيين ان يقاتلوا ويتفاوضوا بأجندتهم وليس بأجندة اليمين الاسرائيلي، ولا بد من دعم فلسطيني وعربي ودولي لسياسات محمود عباس من اجل الخروج من نفق مظلم طويل.