وسط الظروف المحزنة التي يمر بها العراق الشقيق‚ ليس معقولاً أو مقبولاً ذلك التصريح الإرهابي الموجه لقناة الجزيرة والذي نشرته أمس صحيفة «الشرق الأوسط» على لسان حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي في الحكومة المؤقتة !

فهذا التصريح غير المسؤول لا يمكن فهمه أو تفسيره إلا في اطار الحملات والضغوط التي تمارسها بعض الجهات ضد قناة الجزيرة للنيل من حريتها واستقلاليتها‚

ومن الواضح أن تهديدات الوزير الشعلان عفا عليها الزمن وتجاوزها الواقع‚ لأنها تعود إلى مرحلة ما قبل اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق‚ مما يعني أن من يردد مثل هذه التصريحات في هذه المرحلة التي نعيشها لا بد أن يكون مصابا بانفصام شديد في الشخصية ويحتاج إلى علاج نفسي طويل‚ لاخراجه من هذه المرحلة المضطربة التي ولت إلى غير رجعة !

لقد أثبت الشعلان بتهديداته اللامسؤولة أنه يعيش خارج اطار الزمن ومن الواضح أن الخطاب المتغطرس الذي انتهجه في تصريحاته لصحيفة «الشرق الأوسط» يذكرنا بالحقبة الدكتاتورية في العراق‚ عندما كان وزير الدفاع يوجه تهديداته في جميع الجهات والاتجاهات !

ويبدو أن الشعلان حاول من خلال تصريحاته اللامسؤولة دفع الأمور إلى «صدام» مع قناة «الجزيرة»‚ ناسيا إننا نعيش اليوم في مرحلة عراق ما بعد صدام‚ حيث تسعى الأسرة الدولية بقيادة الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية في العراق‚

ومن المؤكد أن هذا الوزير يحتاج إلى التعمق في فهم مبادئ الديمقراطية ليعرف أين تصل حدودها ليقف عند حدوده !

وما من شك بأنها مصيبة حقيقية أن نجد وزيرا مؤقتا كالشعلان ينتمي إلى حكومة انتقالية تسعى ــ كما يزعمون ــ لزرع بذور الديمقراطية في العراق‚ يخاطب الرأي العام العربي بأسلوب دكتاتوري ويتربص بالحرية الإعلامية التي تنتهجها قناة الجزيرة !

إن ما يجب أن يفهمه الشعلان أن الجزيرة اختارت أن تقف منذ اليوم الأول لانطلاق رسالتها الإعلامية النبيلة مع الديمقراطية‚ ضد مصادرة الحريات واهدار كرامة المواطن العربي وسلب حقوقه‚

ومن هنا ليس من حق وزير الدفاع العراقي أن يحكم على الجزيرة أو يحاكمها‚ لأن الحكم الأول والأخير على مصداقيتها تستقيه من جمهور مشاهديها الواسع‚

أما بخصوص وسيلة الإعلام التي اختارها الشعلان لتوجيه تهديداته وهي صحيفة «الشرق الأوسط»‚ فلا مجال لها ولأي وسيلة اعلام عربية أخرى ــ أيا كان منطقها أو منطلقها ــ أن تزايد على مصداقية الجزيرة ومهنيتها وموضوعيتها وتميزها في تغطية جميع الأحداث التي شهدها عالمنا العربي مؤخرا‚

لقد كانت الجزيرة وما زالت وستظل الوسيلة الإعلامية المعبرة عن الضمير العربي والمدافعة أبدا عن قضايا الأمة‚ معتمدة في كل ذلك ليس فقط على متابعة الأحداث الساخنة في موقع الحدث وانما على طرح كل الحقائق على الرأي العام وتقديم الرأي والرأي الآخر بكل شفافية وموضوعية‚ ولهذا مهما تحاول «الشرق الأوسط» وغيرها المزايدة على مواقف الجزيرة‚ ستظل هذه الفضائية الوسيلة الإعلامية المعبرة دائما عن الضمير العربي‚

ويبقى بعد تهديدات الشعلان لقناة الجزيرة أن اعبر باسمي وباسم جميع زملائي في أسرة الوطن عن استنكارنا الشديد لهذه التصريحات غير المسؤولة‚ وأدعو منظمة «مراسلون بلا حدود» واتحادات وجمعيات الصحافة في العالم‚ لتحميل وزير الدفاع العراقي «المؤقت» مسؤولية أي ضرر نفسي أو بدني يصيب زملاءنا العاملين في قناة الجزيرة‚