عبير الضمراني: أنواع عديدة من المواد الغذائية يجري عرضها وتداولها بالاسواق سواء أكانت منتجا محليا أو مستوردا ومن بين هذه المعروضات قائمة طويلة تضم مواد غذائية محفوظة وأخري تزود بمكسبات وألوان لجذب المستهلك وثالثة قد يجري التلاعب في تاريخ صلاحيتها أو لا يوضع عليها أساسا بالاضافة لمنتجات بتركيبات كيماوية تفتقد لعنصر الأمان‏.‏
وبين ما يعرض من منتجات محفوظة لا أول لها ولا آخر يتوه المستهلك بين ما هو صالح وما يمكن أن يضر به وبرغم أهمية وعي المواطنين بمدي الخطورة التي يمكن أن تمثلها هذه المعروضات فإن الرقابة هنا تعتبر ضرورية لحماية المواطنين من أخطار لا حصر لها ووقاية صحتهم خاصة فيما يتعلق بتلك الأنواع التي يقبل عليها الاطفال‏.‏
وتقوم وزارة الصحة الآن بدراسة تعديل اللوائح المنظمة لتداول الأغذية لحماية صحة المواطنين المستهلكين لها وجمع قوائم أصناف الأغذية والتأكد من مطابقتها للاشتراطات الصحية لمنع الغش التجاري وذلك في ضوء الاجراءات التي تتخذها دول العالم لحماية صحة الإنسان‏.‏

*قوائم خاصة
‏*‏ طرحنا علي د‏.‏ زينب عبدالحليم مدير عام إدارة الرقابة وسلامة الأغذية في وزارة الصحة في البداية سؤالا عن أحوال الرقابة الصحية علي الأغذية كيف تتم؟
فردت إن الوزارة تقوم بوضع قوائم خاصة للمواد الحافظة والألوان ومناعات الأكسدة ومكسبات الطعم والرائحة والميثلينيس‏(‏ المتفرقات‏)‏ وتشمل أية إضافات أخري مثل المستحلبات ومانعات التكتل ومنظمات الحموضة وغيرها ليتم حصرها جميعا ووضعها في جداول تحدد نسبة استخدامها في المواد الغذائية التي يمكن أن تضاف إليها‏,‏ فليس كل منتج غذائي يمكن أن تضاف اليه أية أضافات ولذا تحدد النسب لكل مجموعة غذائية‏..‏ وحسب تقسيم الدستور الدولي المعمول به في العالم توجد‏16‏ مجموعة غذائية مثل مجموعات الألبان ومنتجاتها ــ الخضراوات والفاكهة واللحوم والاسماك والحلوي والعصائر والنقل والحبوب ــ الملح ــ الكحوليات ـ الأغذية ذات الاستخدام الخاص‏(‏ مثل أغذية الاطفال الرضع ــ عالية السعرات ــ منخفضة السعرات والمنشطات‏)‏ وغيرها‏.‏
وتؤكد أن دستور الأغذية الدولي الصادر من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة والسوق الأوروبية ودول شمال أوروبا قد وضع مجموعة قوائم محددة يتم الأخذ بها في مصر مع مراعاة الظروف المصرية من حيث معدلات الاستهلاك الغذائي والعادات والسلوكيات الغذائية والحالة الاقتصادية والصحية والبيئية والالتزام بهذه القوائم الخاصة بمصر بحيث لا تتخطي ما يرد من دستور الأغذية الدولي التابع لمنظمة الأغذية والزراعة لتطبيقها ويصدر بها قرار إلزامي يجب أن تلتزم به جميع المصانع في الانتاج‏.‏ وكذلك ما يتم استيراده من الخارج يجب أن يكون مطابقا وملتزما بهذه القوائم وهو ما تقوم به الهيئة القومية للتوحيد القياسي باعتبارها نقطة الاتصال بالهيئات الدولية في هذا المجال‏.‏
وتشير إلي أن هناك بعض الجهات تقوم بوضع إضافات لأغراض تجارية وليست غذائية وجميع هذه الاضافات يتم السيطرة عليها وتكون محكومة بقوانين تطبق ضد من يخالفها بالاضافة إلي مصادرة الأغذية وإعدامها مع العلم بأن إضافة المتفرقات هي الجزئية التي كانت في حاجة إلي بعض القرارات الجديدة والقوائم المخصصة لها لإلزام المصانع أو أي جهة تصنع الأغذية بها‏..‏ وجدير بالذكر أن مصر من أوائل الدول التي وضعت قوائم الألوان والمواد الحافظة منذ الاربعينيات وهي قوائم دقيقة ومحددة وضعها متخصصون في مناخ محدود لم يكن منفتحا علي العالم ورغم ذلك كان لهم من العلم ما يجعل لهم القدرة علي تحديدها‏.‏

*حدود الأمان
‏*‏ د‏.‏ فوزي الشوبكي أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث يري أن القواعد التي تنظم استخدامات الاضافات الغذائية سواء كانت مكسبات اللون أو الطعم أو الرائحة أو المواد الحافظة أو غيرها يجب أن يحدث عليها تعديل من آن لآخر لأنه من المفروض أن هناك ما يسمي بحدود الأمان لأي مواد يتم إضافتها للأغذية والتي يتم تقريرها وتحديدها من قبل عديد من الهيئات مثل منظمة الصحة العالمية‏W.H.O‏ أو هيئة الأطعمة والعقاقير الامريكية‏F.D.A‏ وهي المنوطة بأن تحدد النسب أو الكميات المسموح بها في كل الاضافات التي تضاف للأغذية بهدف خدمة وظيفة معينة مثل إضافة طعم أو لون أو رائحة أو حفظ أو مادة رافعة أو مستحلبة فهناك أغراض صناعية كثيرة جدا تستلزم هذه الإضافات مثل خلط الزيت بالماء لعمل الشيكولاته وغيرها‏..‏ وتجري من آن لأخر دراسات وبحوث في كل أنحاء العالم حول الحدود المسموح بها لهذه المواد بحيث لا تضر بصحة المستهلك وتعقد الندوات والمؤتمرات العالمية لمناقشة هذه الكميات المسموح بها والحدود الآمنة لها‏.‏
ولكن‏..‏ كيف يتم تحديد هذه النسب وما هي الحدود الآمنه لها؟ يجيب د‏.‏ فوزي الشوبكي إن ذلك يتم علي مرحلتين الأولي تجريبية علي الحيوانات والثانية علي الانسان مباشرة عند استهلاكه للمواد ومتابعة أية أعراض أو حالات أو مضاعفات تظهر عليه بسب هذه الماده المضافة‏.‏
ويختلف الأمر من مجتمع لآخر فهناك مجتمع يتناول أغذية تحتوي علي نسب من المواد الحافظة فإذا ظهرت بعض الظواهر المرضية يتم تسجيل الحالات التي تحدث وإرجاعها لمسبباتها وإذا تمت معرفتها يعاد تعديل نسبها‏..‏ فعلي سبيل المثال مادة إجادي جلوتامات الصوديوم تضيفها مطاعم جنوب شرق آسيا للحساء والطعام لتعطي نكهة اللحوم وهي مستحبة للمستهلك ولكن تبين أن هناك أعراضا مرضية ظهرت علي المستهلكين لهذه المادة مثل الاضطرابات العصبية التي سببتها هذه المادة فتم تقليل جرعاتها فالمناقشات والمؤشرات والابحاث تعيد تحديد حدود الأمان وهو ما يجب أن نلتزم به‏.‏ وفي مصر تقوم الجهات المعنية بدراسات دقيقة في هذا الشأن وتتأكد من أن هذه المواد المضافة آمنة من خلال دراسة تأثيرها علي وظائف الكبد والكلي والدم والاعصاب وإذا كانت كل هذه المدلولات سليمة فهذا يؤكد أنها في حدود الأمان ولكن قد كشف أحد الابحاث عن مدلول جديد يستدعي الرجوع وإعادة النظر في حد الأمان كما حدث وثبت أن أحدي المواد تؤثر علي قوة الابصار فتم إعادة النظر فيها‏,‏ وإذا كانت بعض المواد والاضافات لاغني عن إستخدامها لبعض الأغراض فهناك البعض الآخر الذي يمكن أن نتحاشاه مثل مكسبات الألوان الصناعية والتي يستخدمها البعض نظرا لأن مكسبات الطعم الطبيعية مرتفعة الثمن والمستهلك المصري لايتحملها ولكن هذه المواد الصناعية ما هي إلا مواد كيميائية غريبة علي جسم الانسان ويتعامل معها بشكل غير طبيعي وتدخل في تركيبة الحمض النووي الذي يدخل في تركيب الخلية مما يغير من الشكل العام لها ولانعلم إلي أي مدي سيكون تأثيرها ولذا فغير مصرح بأي إضافات صناعية في أطعمة الاطفال ويحظر استخدامها عليهم‏.‏ كذلك المواد الحافظة التي تضاف إلي اللحوم المصنعة مثلا تضاف اليها مادة نترات الصوديوم وهي مادة خطيرة تتحول عادة إلي النتيروزامين وهي مادة مسرطنة‏..‏
كذلك المواد المضادة للاكسدة تضاف للمواد الدهنية لحفظها من التزنخ ويسمح بها بنسب معينة في حدود آمنة لأن زيادتها تمثل غاية الخطورة علي الصحة ولذا يجب إضافة مضادات للاكسدة طبيعية‏..‏ وهناك حدود للأمان يجب عدم تخطيها ولكن هل تعلمها جميع مصانع الاغذية وتلتزم بها؟ ولذلك إذا إضطررنا لتناول مثل هذه الأغذية يجب ألا تكون بصفة مستمرة بل علي فترات متباعدة ويجب علي الجميع الابتعاد عن المواد غير الطبيعية والمحفوظة واستخدام الاطعمة الطازجة بقدر الامكان‏.‏

*هامش المناورة
‏*‏د‏.‏ أحمد تيمور رئيس الجمعية المصرية للطب المتكامل وطب الأوزون والاستاذ بطب الأزهر يؤكد إن إخراج السموم من الجسم يقع علي عاتق عضوين هما الكبد والكلية ومن المعروف أيضا أن الاكباد والكلي المصرية تعاني المشاكل الصحية تحت وطأة تراث مرضي قديم كالبلهارسيا أو وباء متفش مثل فيروس‏(‏ سي‏)‏ الذي يهدد الكبد بالالتهاب المزمن وما يترتب عليه من مضاعفات كالتليف الكبدي والاستسقاء وظهور الأورام السرطانية بالكبد وليس سرا أن نسبة لايستهان بها من المصريين تعاني من هذا الوباء بالاضافة إلي هذا وذاك فإن التلوث البيئي من خلال الإطلالة الموسمية للسحابة السوداء أو الافراط المستمر في استعمال المبيدات يضعف من حيوية الكبد المنوط بها مهمة معادلة السموم واخراجها من الجسم‏..‏ هذه المقدمة ضرورية لبيان ضيق هامش المناورة لدي الكبد المصرية تحت تأثير ما تم بيانه فإذا كانت الأغذية خاصة المحفوظ منها والمعلب تحمل أشكالا من المواد التي تمثل خطرا علي الصحة مثل مكسبات الطعم أو اللون أو الرائحه وهي مواد يلزم التنوية بشدة علي ضرورة كونها مواد طبيعية لا آثار تراكمية لها‏..‏ إنما استعمال مكسبات ذات أصل غير طبيعي من المواد المخلقة رخيصة الثمن بالمقارنة بالمواد الطبيعية فإن لنا أن نتوقع حدوث آثار سمية تراكمية خاصة في الاطفال الذين لم تكتمل آليات المناعة لديهم بعد ولم تنضج الاعضاء خاصة تلك المسئولة عن تخليص الجسم من المواد الغريبة أو السامة‏.‏
ويختتم د‏.‏ أحمد تيمور حديثه بالاشادة بما فعلته وزارة الصحة بالتشديد علي كل ما يجب أخذه من أسباب الحيطة ضد تسرب المواد الغذائية المحفوظة والمضاف إليها مثل تلك المكسبات دون أن تستوفي الشروط الصحية اللازمة لحماية المواطنين من أخطارها ويجب تطبيق القوانين بصرامة في هذا الصدد وعلي وجه الخصوص بالنسبة لأغذية الاطفال التي تتنوع فيها أساليب الاغراء طعما ولونا ورائحة والتي يقبلون عليها لهذه الاسباب مجتمعة أو منفردة وليس لقيمتها الغذائية‏.‏

*مقاطعة من المستهلكين
وعندما سألنا مجموعة من المستهلكين عن رأيهم في الأغذية الموجودة بالاسواق‏..‏ قالت ريهام فؤاد أنها تقاطع عديدا من الأغذية التي تكتشف إنها مضاف إليها ألوان صناعية أو مكسبات طعم خاصة بالنسبة لأطفالي الصغار وكثيرا ما تنشب مجادلات ومشادات عديدة بيني وبينهم لرغبتهم فيها وتخوفي من التأثيرات السيئة لها علي صحتهم‏.‏
‏*‏ أما سماح يوسف فتقول‏:‏ أخشي العديد من الاطعمة خاصة المحفوظ منها ونتجنبها قدر المستطاع ولذا فانني لا أدخل بيتي سوي الأطعمة الطازجة الصحية لأني لا أثق أبدا في طرق الحفظ والمواد المضافة للطعام للتلوين أو لاكساب الطعم فلا تمتد يدي إليها أبدا‏.‏
وتؤكد أميرة سليمان‏(‏ ربة منزل‏)‏ انه عند استخدامها لأحد الأطعمة المحفوظة كثيرا أما تكتشف عند فتح العبوة ان الطعام بداخلها فاسد وذو رائحة كريهة ولونه متغير علي الرغم من أن تاريخ الصلاحية المدون عليه لم يكن منتهيا‏..‏ وهذا يدل علي احتمال تغيير هذا التاريخ كنوع من الغش التجاري أو أن أساليب الحفظ غير سليمة وغير صحية وهذا يحدث في كثير من المنتجات الموجودة في عديد من المحلات مما جعلني ابتعد تماما عن هذه النوعيات من الأطعمة‏.‏
‏*‏أما محمد عبدالحميد فيتمني أن تصبح كل الاضافات الموجودة علي أطعمتنا إضافات طبيعية وليست صناعية حتي نحافظ علي صحة المواطنين ويكفينا التلوث المحيط بنا من كل جانب فعلي الأقل يكون الطعام سليما وآمنا‏.‏
وتشير أسماء عبدالعزيز‏(‏ محاسبة‏)‏ إلي ظاهرة إنتشار أمراض خطيرة بين الأطفال الصغار قائلة لم نكن نسمع في الماضي عن طفل مصاب بفشل كلوي وهو في سن الرابعة من عمره أو أخر مصاب بالسرطان وهو في سن العاشرة فمن الضروري أن تكون هناك مسببات وراء ذلك سواء كانت تلوثا هوائيا أو غذائيا أو غيره وهذا ما يجعلنا نتجنب جميع الاطعمة المحفوظة أو التي عليها إضافات صناعية أو غير موثوق في سلامتها تخوفا من تأثيرها الضار‏.‏