بيروت من وليد خدوري وحازم الأمين: أكد مصدر رسمي عراقي لـ«الحياة» ان المصرف المركزي العراقي استرد مبلغ مئتي مليون دولار كانت حولت نقداً بطلب من وزير الدفاع حازم الشعلان الى مصرفين اردني ولبناني في الأسابيع الفائتة، وهو ما أثار لغطاً بعد ان كشف رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي الأمر.
وفي التفاصيل قال المصدر ان لوزارة الدفاع العراقية ودائع في مصرف الوركاء، وهو مصرف عراقي خاص، وقد طلب وزير الدفاع حازم الشعلان من ادارة المصرف تخصيص مبلغ خمسمئة مليون دولار من حساب الوزارة لاستيراد سلع من طريق الأردن ولبنان، وطلب الوزير نقل هذا المبلغ نقداً بدل تحويله، ومن ثم اتصل الوزير بنائب محافظ البنك المركزي العراقي وطلب منه تسهيل الإجراءات المتعلقة بهذه العملية. ولكن نائب محافظ المصرف لفت الوزير الى ان هذه العملية يجب ان تتم عبر تحويلات مصرفية، لا عبر نقل المبالغ نقداً الى المصرفين اللبناني والأردني.
المصدر العراقي اعاد طلب الوزير الى تقليد في التعامل المالي الداخلي، اذ يتم انجاز عمليات شراء داخلية تقوم بها الوزارات العراقية من طريق التعامل نقداً، وهذا ما دفع الوزير الى الاعتقاد بأن هذا الأمر ممكن في صفقات شراء من الخارج، وهو ايضاً الأمر الذي دفع به الى الإصرار على تحويل المبلغ نقداً، على رغم تحفظ نائب محافظ المصرف المركزي في البداية. مع الإشارة الى ان هذه العملية تمت اثناء سفر محافظ المصرف سنان الشبيبي الى خارج العراق.
وتحت إلحاح الوزير وافق نائب المحافظ على نقل المبلغ نقداً الى الأردن ولبنان بشرط ان يتم ذلك على دفعات، وتم بالفعل نقل مبلغ مئتي مليون دولار. ولكن عند عودة الشبيبي الى بغداد امر الأخير بوقف التحويلات وابلغ مجلس الوزراء وجميع الوزارات ان اي تحويل خارجي يجب ان يتم من طريق «البنك التجاري» والمصرف المركزي العراقي. وكذلك وجه كتباً الى المصرفين اللبناني والأردني طلب فيهما اعادة المبالغ المحولة اليهما نقداً، وقد استجاب المصرفان واعادا المبالغ فوراً. ووصف المصدر العراقي ما جرى بأنه جزء من الفوضى الإدارية في المؤسسات العراقية، نافياً احتمال ان يكون وراء العملية اي محاولة اختلاس.
«الحياة» سألت وزيرين عراقيين عن حقيقة هذه العملية خصوصاً ان هذه المبالغ تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء لتصرف، فنفى الوزيران علمهما بالعملية وأكدا ان مسألة صرف هذه المبالغ في مجلس الوزراء لم تناقش، وأشار احدهما الى ان الوزراء ينتظرون عقد جلسة لمجلس الوزراء بعد العيد ليتم فيها جلاء الصورة، مشيراً الى تفاوت الأرقام بين ما اعلنه الجلبي (500 مليون دولار) وما اعلنه الشعلان (مئة مليون دولار) وما نشرته نيويورك تايمز (300 مليون دولار). ولفت الوزير العراقي الى ان هذا «الخطأ الأداري» حصل في ظل تجاذب انتخابي شديد تشهده الساحة العراقية، مما دفع بالجلبي الى التقاط فرصة لإدانة مرشح على لائحة منافسة هو وزير الدفاع، فكان رد وزير الدفاع بأن اعلن انه في صدد تسطير مذكرة جلب وتوقيف بحق الجلبي. ولفت الوزير الى ان هذه المذكرة لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تصدر عن وزير الدفاع. لكن الوزير اشار ايضاً الى بقاء رئيس الحكومة اياد علاوي خارج النقاش، وهو امر قد يعني علمه بعملية التحويل المالية، خصوصاً انه المعني الأول بجلاء الحقيقة.
وفي المقابل ربط مراقبون عراقيون بين مبادرة الجلبي، وهو الذي يتمتع بنفوذ كبير في الأوساط المصرفية العراقية وفي المصرف المركزي، بالهجوم على الشعلان، وبين تصريحات هذا الأخير ضد الاستخبارات الإيرانية وفيلق بدر، واشارت المصادر الى ان الحملات الانتخابية اعادت ترتيب الأولويات لدى القوى المختلفة. وفي هذا السياق اكد مسؤول عراقي رفيع لـ«الحياة» الأخبار التي تتحدث عن دفع اللوائح الانتخابية «المتنفذة» مبالغ مالية هائلة لاستمالة الناخبين، واستعمال النفوذ في الإعلام الرسمي والخاص للظهور على حساب اللوائح الأخرى. واضاف ان معركة الشعلان والجلبي هي جزء من تجاذب يفترض ان يحصل بعد اجراء الانتخابات، اذ تستعد القوى الشيعية للضغط في اتجاه اقصاء الشعلان من الحكومة المقبلة بعد مواقفه حيال ايران وبعض الفصائل الشيعية المرتبطة بها، وهو امر مرتبط من جهة بنتائج الانتخابات، ولكن من جهة اخرى بتمسك الأميركيين ايضاً بالوزير الشعلان المتحدر من عشيرة شيعية جنوبية كبيرة.