واشنطن من روبن رايت وجوش وايت: تخطط الولايات المتحدة لمراجعة أسلوبها في التعامل مع التمرد بعد إجراء الانتخابات العراقية الأسبوع المقبل وهذا يتحدد بضخ الجيش العراقي الجديد بعدد أكبر من الضباط الذين كانوا جزءا من الجيش العراقي السابق ودفع العراقيين للتحرك إلى الخطوط الأمامية بعد بداية ضعيفة.
ويكمن الهدف من وراء ذلك جعل العراقيين يتحملون مسؤولية متزايدة لتحقيق استقرار العراق ولإزالة الوجه الأميركي في الحملة ضد التمرد حسبما قال مسؤولون أميركيون من قوات التحالف. ويعكس هذا التحول القناعة الواسعة بين المسؤولين الأميركيين والعراقيين من أن الاستراتيجية الحالية قد تحفز على معارضة وغضبا أكبر تجاه قوات التحالف وقد يجعل تحقيق الانتصار على المتمردين غير ممكن في حالة استمرار الاستراتيجية الحالية.
وظلت الإدارة الأميركية تتحدث ولأسابيع عن تكثيف أكثر لتدريب العراقيين. لكن التحول الأكثر أهمية هو التسريع في نشر القوات العراقية لمواجهة المتمردين. وقال مسؤول حكومي تكلم شرط عدم الكشف عن اسمه «حان الوقت لدفعهم للقتال».
وحاليا تقوم القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة بما يقرب من 12 ألف دورية في الأسبوع داخل العراق بينما لا يزيد ما تقوم به القوات العراقية من 1200 دورية مشتركة مع قوات التحالف حسبما قال المسؤول الحكومي. وأضاف «ما نحن نتكلم عنه هو قلب هذه النسبة على أرض الواقع».
لكن الخطط الأميركية ما زالت قيد الدرس والصياغة، ويتوقع المسؤولون أن إعادة التقييم الحالية لبرنامج تدريب العراقيين من قبل الجنرال المتقاعد غاري لاك كي يتمكنوا من لعب دور حاسم وأساسي، بدأ بعض الأسئلة تطرح نفسها حول الأسلوب الجديد، خصوصا عند الأخذ بنظر الاعتبار السجل غير المشجع لوحدات الجيش العراقي الجديد، حسبما قال عدد من المحللين العسكريين والمسؤولين السابقين في البنتاغون. وقال عدد من القادة العسكريين الأميركيين إن القوات العراقية التي تم إعدادها حتى الآن يبلغ عددها حاليا حوالي 120 ألف جندي لكن أعضاء الكونغرس وغيرهم يتساءلون عن قدرة هذه الوحدات على القتال بشكل فعال ضد المتمردين.
وقال أنتوني كوردسمان المسؤول السابق في البنتاغون والذي يعمل حاليا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «إذا كانت لديك قوات تعتمد على الدعم الأميركي من حيث المشاة والدروع في كل مواجهة مسلحة جادة فإنك من الواضح لا تمتلك قوة مسلحة مستقلة. هذه القوات لا يمكن الاعتماد عليها في القتال أو في القدرة على البقاء لوحدها».
ومن المتوقع أن يعود الجنرال لاك بعد زيارته القصيرة للعراق في نهاية الأسبوع الحالي جالبا معه توصيات حول كيفية الإسراع في تنفيذ مهمة التدريب وكيف يمكن تحويل المسؤولية لقوات الأمن العراقية حسبما ذكر مسؤول من البنتاغون تحدث شرط عدم الكشف عن هويته لأن لاك عليه هو الآخر أن يقدم اقتراحاته الرسمية.
ويأتي التحول العسكري المخطط له كي يكون متوازيا مع التحول السياسي الذي سيعقب انتخاب حكومة عراقية في الشهر المقبل حسبما قال مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية. وقال مسؤول رفيع من الوزارة يشارك حاليا في المناقشات الخاصة برسم السياسة الجديدة «سيريد العراقيون مع حصولهم على سلطة سياسية أكبر مسؤولية أكبر عن الملف الأمني». وهناك ضغط جديد من العراقيين كي تقلل الولايات المتحدة من حضورها العسكري البارز ولوضع جدول زمني لانسحابها النهائي. بل حتى قبل انتخابات 30 يناير بدأت السفارة الأميركية في بغداد بإجراء محادثات مع المسؤولين العراقيين لتحديد الكيفية التي «سيسرِّعون وبشكل أفضل من الاعتماد على أنفسهم» مستفيدين من العملية الانتقالية السياسية الجارية حاليا، حسبما أضاف مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية.
ويعكس «تعريق» حملة مكافحة المتمردين كما يسميها المسؤولون في القوات المتعددة الجنسيات تحولا جذريا في بعض التقييمات المبكرة حول دور الولايات المتحدة في العراق. إذ ظلت استراتيجية الانسحاب الأميركي على خطوتين متوازيتين: ستقوم الولايات المتحدة بتحقيق استقرار العراق قبل الانسحاب; وهي ستقوم في الوقت نفسه بتشكيل جيش عراقي جديد بعد حل الجيش السابق الذي يضم ما يقرب من 400 ألف عسكري وظل القرار الذي آل إلى حل الجيش على يد بول بريمر رئيس الإدارة الأميركية واحدا من أكثر القرارات إثارة للجدل.
والآن أصبحت الولايات المتحدة مستعدة لجعل العراق يعيد عددا أكبر من الضباط والوحدات العسكرية من الجيش السابق إلى الجيش الجديد حسبما قال مسؤولون أميركيون. وكانت كوندوليزا رايس قد قالت في جلسة الاستماع التي جرت لها في الكونغرس قبل تسلمها منصب وزارة الخارجية الأسبوع الماضي «العراقيون أنفسهم يكرسون الآن وقتا أطول للتدقيق بالقادة العسكريين السابقين الذين يمكن إعادتهم إلى الجيش لغرض إعادة المعنويات والأدوار العسكرية لهؤلاء الأفراد».
وبعد أن يتم تعزيز الجيش العراقي بالكوادر العسكرية السابقة تريد الولايات المتحدة أن يتحمل العراقيون مسؤولية تحقيق الاستقرار لبلدهم وهذا يمكن أن يسرِّع من سحب الوحدات الأميركية حسبما قال بعض المسؤولين العسكريين وقد تكون الوحدات الأميركية قادرة آنذاك الانسحاب من العراق قبل أن يتم القضاء تماما على التمرد هناك.
كذلك فإن دورا عراقيا أوسع هو مهم أيضا لأن المسؤولين الأميركيين ومن البلدان المتحالفة مع الولايات المتحدة يقولون الآن إن الأغلبية من المتمردين هم عراقيون الآن لا أجانب. وفي تأكيدها أثناء جلسة الاستماع استبقت رايس التحول في السياسة حينما شددت على إيجابيات الاعتماد على العراقيين. وقالت ضمن هذا السياق «قد يقاتل العراقيون أنفسهم هذه الحرب بشكل مختلف وأفضل لأنها حربهم... أنا سئلت ذات مرة لمَ العراقيون أفضل في بعض الجوانب من قوات التحالف التي هي ذات تدريب أفضل؟ وبالتأكيد فإن العراقي يعرف ما إذا كان ذلك المتمرد سوريا أو سعوديا أو عراقيا. إنهم أبناء البلد وينتمون إلى ثقافته وهم يقاتلون من أجل حريتهم. لذلك فإن واحدا من مقاييس النجاح هو أن العراقيين يقاتلون حقا من أجل حريتهم حتى لو أنهم ما زالوا غير قادرين على توفير الأمن لأنفسهم تماما».