كل أسلحة الدمار الشامل تم استخدامها في معركة احمد الجلبي وحازم الشعلان ، بما فيها التخوين والعمالة واللصوصية، وهو أمر مؤسف في بلد يحاول بصعوبة أن يخرج من كهف العنف والقتل إلى دنيا واسعة من الرحمة والتعاطف.
العنف اللفظي يجب ألا يستهان به. فالخشونة في الحوار وإطلاق التهم تصفية لحسابات سياسية، هو أمر خطير في مجتمع بحاجة إلى كل درجات التوحد للخروج من أزمة سياسية كبيرة. والمعارك الانتخابية في كل الدنيا تشتد فيها المنافسة ويحاول الخصوم إيذاء بعضهم البعض، من أجل الفوز بالانتخابات وهزيمة المنافسين. لكن هناك خطوطاً حمراء وأخلاقيات وقواعد للعبة وحدوداً يعرفها الجميع ويعتبر الخروج عليها من المنكرات الوطنية ، التي تؤذي من يمارسها ، حيث يعاقب الناس عبر صندوق الانتخابات من يحاول الخروج عن أصول اللعبة الديمقراطية.
أليس التحريض والعنف والتخوين هو الذي قاد إلى جريمة قتل النساء والأطفال الأبرياء من الأسرة الهاشمية في انقلاب 1958؟ أليس التحريض والتخوين هو الذي قاد إلى فقدان آلاف الأرواح في عهد عبد الكريم قاسم؟ ثم آلاف أخرى بعد الانقلاب القومي عليه؟ أليست محاكمات صدام الصورية، التي كانت نتيجتها إعدام الناس وجبة بعد أخرى، تحت شعارات العمالة للصهيونية وخيانة الوطن والتآمر على الثورة؟
ثم أليس أحد أسباب زج المراهقين والشباب في عمليات إرهابية، يقتلون فيها أنفسهم ويقتلون غيرهم، هو التحريض في المساجد والمدارس ، وتكفير المجتمع وتكفير الحكام ، حتى اعتقد هؤلاء أن قتل النفس التي حرم الله هو باب دخول الجنة؟!
لغة الشتيمة وإلغاء الآخر والتحريض على الخصوم ، هي أسلحة محرمة لدى الأمم المتحضرة. فالمتهم باللصوصية يذهب إلى المحكمة ، وتبحث قضيته في المحاكم ، وليس عبر التلفزيونات، وكذلك في عمليات التخوين والعمالة، وإذا ترك الباب مفتوحاً لإلغاء الآخرين وتخوينهم وتكفيرهم، فلن يبقى أحد خارج حدود إطلاق النار، ولن يبقى للجيل الجديد وللشباب مثل واحد يمكن الاقتداء به. وعندها يفقد الناس الثقة بأنفسهم وأوطانهم. وهو مدخل الانهيار لأية أمة.