أبو بكر الحسن: دخلت الحرب ضد الارهاب التي تشنها الولايات المتحدة بضراوة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر منحى جديدا وخطيرا في الوقت نفسه باستهداف بنوك ومؤسسات مالية اسلامية بزعم انها ضالعة في تمويل جماعات ارهابية وذلك بعد ان حققت نجاحات كبيرة في شل حركة عدد كبير من المنظمات الخيرية الاسلامية بذات التهمة الجائرة.

وآخر هذه الاتهامات طالت عشرة بنوك ومؤسسات مالية واستثمارية في المملكة العربية السعودية ابرزها شركة الراجحي المصرفية، البنك السعودي الأميركي، البنك العربي الوطني، البنك الأهلي التجاري الى جانب شركات وصناديق استثمارية أخرى.

وسبق ان وجهت تهم مماثلة للبنك العربي تتعلق بتقديم مساعدات لأسر الفدائيين الفلسطينيين باعتبارهم ارهابيين.،

ولعل توجيه ضربة للبنوك والمؤسسات المالية الاسلامية في هذا التوقيت بالذات أمر لا يمكن تجاوزه خصوصا بعد ان حققت المنتجات المالية الاسلامية نموا كبيرا ليس في الدول العربية فحسب وانما في كل العالم بدليل ان بنوكا عالمية مثل «اتش.اس.بي.سي» و«سيتي بانك» و«باركليز» و«يو.بي.اس» وغيرها اتجهت لتأسيس أفرع اسلامية لاستقطاب ودائع المسلمين وتمويل انشطتهم المختلفة، كما امتدت التجربة الاسلامية في منطقة جنوب شرق آسيا في ماليزيا وسنغافورة واندونيسيا وحققت نجاحات كبيرة.

وخطورة استهداف البنوك والمصارف الاسلامية تكمن في ان الصيرفة الاسلامية لا تزال حديثة العهد ولم يمض على تأصيلها وانزالها الى ارض الواقع سوى نصف قرن من الزمان تقريبا بمعنى ان التجربة لا تزال في طور التبلور وتقديم صيغ ومنتجات بديلة ومنافسة للسائدة في الاسواق العالمية وبالتالي فان اي تشويش او اثارة شبهات حول هذه المؤسسات يمكن ان يتسبب في اجهاض التجربة الوليدة وخسارة كل النجاحات التي حصدتها في عمرها القصير نسبيا حيث قدر حجم التعامل في الخدمات المصرفية الاسلامية بـ 250 مليار دولار مع إدارة اصول تصل إلى حوالي 80 مليار دولار. ويبدو ان الصمت الذي جوبه به التحرك الأميركي لاستئصال العمل الخيري الاسلامي أغرى الإدارة الأميركية بتوسيع عملياتها لتشمل عرقلة مسيرة المصارف والمؤسسات المالية الاسلامية لذلك لا بد من مواجهة الدعاوى والاتهامات الأميركية لمؤسساتنا بقوة وصلابة عبر القنوات الفضائية لرد الاعتبار لهذه المؤسسات على ان تتضمن الدعاوى المعتادة المطالبة بتعويضات مالية كبيرة ترد الاعتبار لمؤسساتنا من جهة وتردع في الوقت نفسه كل من تسول له نفسه توجيه اتهامات باطلة دون أدلة او أسانيد قوية.

وبات واضحا ان أميركا كسبت الجولة، في محاربة المنظمات الخيرية الاسلامية لأن الأخيرة لم تكن تتسم بالشفافية الكافية، بحكم ان معظم مؤسسات العمل الخيري هي عبارة عن جهود أهلية تفتقر للتنظيم الكافي بعكس المؤسسات المالية الاسلامية التي استفادت من ارث المؤسسات التقليدية في الشفافية ونظم المحاسبة والمراجعة الدولية لذلك يصعب الايقاع بها بسهولة في فخ استئصال كل ما هو اسلامي.