بدأ المشهد السياسي‮ ‬العام‮ ‬يشهد عمليات مختلفة لاعادة حساباته بشكل ملحوظ وسط فعاليات المجتمع المدني‮ ‬بعمومه‮.‬ فالقطاع الخاص او ما‮ ‬يعرف في‮ ‬الاصطلاح الشائع‮ »‬بالتجار‮« ‬حسموا امرهم بعد طول تردد وقرروا الدخول على الخط السياسي‮ ‬بمشروعهم المعروف والمتداول هذه الايام‮. ‬وهي‮ ‬خطوة عملية تحسب لصالح القوى المدنية والعصرية اذا ما استطاعوا إدارتها وفق اجندة مدنية عصرية خالصة لا تخضع للمساومات والتنازلات التي‮ ‬سيفرضها المتشددون باختلاف اطيافهم مستفيدين ومستثمرين من حظوظهم القوية في‮ ‬الشارع المحلي‮ ‬وهو ما‮ ‬يفرض على قوى العصرنة والحداثة ان تكون فيه حاسمة وان تبدأ خطوة الالف ميل بخطوة تفتح وتنظر الى المستقبل لا الى ما هو آني‮ ‬مؤقت‮.‬

كما ان حوارات ساخنة وتجاذبات معلنة بدأت هذه المرة داخل صفوف ما‮ ‬يعرف مصطلحا‮ »‬بالجمعيات المقاطعة‮« ‬وهي‮ ‬حوارات وتجاذبات داخلية بحتة لم‮ ‬يدخل على خطها المشاركون‮.‬
فإعادة حسابات واعادة تقييم قرار المقاطعة‮ ‬يجري‮ ‬داخل الجمعيات المقاطعة وبصوت مسموع هذه المرة كما امتلك افراد وجماعات من المقاطعة شجاعة الاعلان مبكرا عن عزم المشاركة بغض النظر عن موقف الجمعيات بعد ان اقتنعوا من خلال تجربة المقاطعة بأن التعديل والتطوير‮ ‬يكون اكثر صوابية واكثر جدوى ومنطقية من داخل البرلمان لا من خارجه‮. ‬وهو ما كنا نقوله ونكتبه ونتحاور معهم بشأنه منذ بداية التحضير لانتخابات ‮٢٠٠٢.‬

وقد لاحظنا ان‮ »‬صقور المقاطعة‮« ‬الذين مازالوا متمسكين بموقفهم المقاطع قد بدأوا حراكا وتكتيكا للضغط باتجاه المقاطعة من خلال الاعلان عن انشاء لجان وتجمعات توحدهم تحت سقفها خارج‮ »‬الجمعيات الأم‮« ‬ليعلنوا من خلال هذه اللجان عن اعادة تحريك ملفات ساخنة بمعزل عن الجمعيات بأمل الضغط بهذا الاسلوب على جمعياتهم لصالح اتخاذ قرار باستمرار المقاطعة‮.‬

حيث ان الصقور وهم‮ ‬يعلنون عن تأسيس لجانهم لم‮ ‬يترددوا ولم‮ ‬ينسوا الغمز من قناة جمعياتهم السياسية وادارتهم لهذه الملفات وهو‮ ‬غمز سياسي‮ ‬يشي‮ ‬بالتقصير والتأخير وهي‮ ‬لغة لم تكن معهودة في‮ ‬خطاب الصقور العلني‮ ‬تجاه جمعياتهم‮. ‬بما فسره بعض المراقبين ان الصقور معنيون بالضغط على جمعياتهم حتى لا تتخذ قرار المشاركة او تتركه مفتوحا بحسب رغبة كل عضو فيها كما‮ ‬يلوح في‮ ‬الافق‮.‬

وفي‮ ‬النهاية فإن هذا الحراك نحو اعادة الحسابات كما‮ ‬يجري‮ ‬الآن في‮ ‬المشهد السياسي‮ ‬وداخل الجمعيات المدنية‮ ‬يشير لصالح تحريك القرار الصعب داخل هذه الجمعيات وهو القرار الذي‮ ‬لن‮ ‬يتخذ الا بعد مخاض لن‮ ‬يجري‮ ‬هذه المرة سرا او في‮ ‬الغرف المغلقة‮. ‬