لم تمض ثلاثة أيام فقط على كشف النقاب عن فضيحة ممارسات الجنود البريطانيين الشائنة بحقّ المعتقلين العراقيين في البصرة وتعذيبهم والتنكيل بهم وهم عراةٌ ومقيدون بالسلاسل، حتى كشفت وسائل الاعلام عن فضيحة جديدة جدا هي قيام جنود دنماركيين بتعذيب السجناء العراقيين واهانتهم واذلالهم. وتأتي هذه السلسلة من الفضائح بعد فضيحة كبرى كان ابطالها جنودا وضباطا أميركيين ارتكبوا أبشع انواع التعذيب خسّة ودناءة ووحشية ولا أخلاقية ضد المعتقلين العراقيين من الرجال والنساء والاطفال. ويأتي الان دور القوات الدنماركية (الباسلة) لتعلن عن مشاركتها البطولية في مسلسل تعذيب السجناء العراقيين وانتهاك حقوقهم واعراضهم، وستكشف الايام حتما عن فضائح وبطولات وانتهاكات خاضها جنودٌ طليان وبولنديون وأوكرانيون واستراليون ورومانيون وهنغاريون وبلغار وغيرهم، وسيأتيك بالانباء من لم تزود! وقد تسمع بأمم وشعوب وقبائل وعشائر من أرجاء الارض، ممن لم يخطر لك على بال، كانت لهم صولات وجولات في تعذيب العراقيين والتنكيل بهم وانتهاك حقوقهم وأعراضهم وإهانتهم واغتصاب رجالهم ونسائهم، فقد اصبح العرب حقل تجارب وميدان تدريبات لكل المغامرين وشذاذ الافاق ولمن هبّ ودبّ من شعوب الارض ممن سمعنا بهم او لم نسمع على الاطلاق.
والأدهى من ذلك كله ان بعض الذين يمارسون الإهانة والتعذيب والتعرية والتنكيل والاذلال هم من النساء اللواتي يتلقين الاوامر من قيادات عليا، فالمسؤولة الاميركية عن تعذيب معتقلي سجن أبي غريب هي أمرأة برتبة عميد في الجيش الاميركي ومعها مجندة أخرى معتوهة، والمسؤولة الدنماركية عن تعذيب فريق آخر من السجناء هي امرأة برتبة كابتن ومعها أربعة من افراد الشرطة العسكرية الدنماركية.
إنّ تواصل ظهور حلقات مسلسل الفضائح الذي يمثل ادوار البطولة فيه جنود وضباط ونساء من قوات الاحتلال الغربي في العراق، ومشاركة قوات من دول عدة في هذه الممارسات الشائنة، يقدم الدليل القاطع على ان شعارات حقوق الانسان في تلك الدول ما هي الا قشرة خارجية تخفي وراءها روحا همجية منحطة تبحث عن فرصة لانفلاتها من عقالها.
إن السؤال الذي يخطر على بال كل عراقي وكل عربي وكل انسان هو: ما الذي فعله العراق بالدنمارك حتى ترسل جيشا لمقاتلة العراقيين واعتقالهم والتنكيل بهم! وهل حدث يوما ان اعتدى عراقي او عربي أو مسلم على الدنمارك بل هل كان اي عراقي حريصا ذات يوم على أن يعرف موقع الدنمارك على خارطة الكرة الارضية؟!
وثمة سؤال آخر وهو: قد يكو من الممكن ايجاد تفسير لممارسات جنود دولة غربية واحدة في حق السجناء والمعتقلين العراقيين، ولكن ما تفسير ان يقوم جنود من عدة دول غربية وليس من دولة واحدة فقط بممارسات متشابهة ضد المعتقلين العراقيين؟! ان ذلك بالتأكيد ليس محض صدفة، ولا بدّ له من دلالات على تكوين تلك الشعوب التي ينتمي اليها هؤلاء الجنود.
قد يفسر بعض المحللين ذلك السلوك المشترك الشائن بأنّ الهمجية عنصر جوهري في اصل تركيب هؤلاء الغزاة وجبلتهم، وان وجودهم في ساحة مواجهة - حتى مع عدو وهمي - لا بد ان يوقظ في أعماقهم تلك الروح الوحشية ويعرّي زيف أكاذيبهم وادعاءاتهم بأنهم المبشرون بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والناشرون لها في اصقاع العالم.