«عظمت بيغ» هو والد الشاب «معظم» الذي افرج عنه في غوانتانامو وسلم للسلطات البريطانية ضمن متهمي القاعدة، ويفترض ان يكون قد التقى ابنه امس في السجن الجديد. يقول الأب «لست متحمساً جداً للقاء ابني معظم لأنه عانى تعذيباً نفسياً فترة ثلاث سنوات، لكنني سعيد لعودته في الوقت ذاته».
و«بيغ الأب» واحد من ابرز المتحدثين عن حقوق معتقلي غوانتانامو ، والذي استمال الملايين من الناس بموقفه عندما التقته وكالات الانباء العالمية في السنوات الماضية، وركز في حديثه لا على براءة ابنه، بل على حقوقه القانونية. لم يقل ابدا كلاما يدافع فيه عن جرائم تنظيم القاعدة، ولم يبرر لأحد، بما في ذلك ابنه، أي جريمة إن كان قد ارتكب واحدة، لكنه وقف على قاعدة صلبة مستنكرا سجن اناس بلا دعوى او محاكمة او أدلة صريحة.
ثلاث سنوات في غوانتانامو، هي فصل تاريخي سيظل محور تشريح النقاد، وحديث اهل القانون لزمن طويل. المؤسسات الحقوقية اعترضت، ليس على محاسبة الفاعلين في جرائم القاعدة، بل على اعتقالهم بلا تهم محددة، ومحاسبتهم على جرائم بلا محاكمة. والأكيد ان الولايات المتحدة خسرت كثيرا بسبب حادثتين، الاعتقال التعسفي في غوانتانامو، وفضائح ابو غريب، مع ان العالم تضامن معها في احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 .
احداث سجن ابو غريب تبعتها على الأقل خطوات تصحيحية سريعة ، تضمنت اعتذارات صريحة ومحاكمات سريعة مفتوحة، ارادت ان تقول ان النظام مهما داخَله خلل ، فهو قادر على تصحيح نفسه بنفسه. انزلت المحاكم عقوبات على الفاعلين وصلت الى عشر سنين سجناً ، في حين اننا لم نسمع عن محكمة عربية واحدة حاسبت حكومة على قتل او تعذيب سجنائها. لكن النظام الاميركي فشل في معالجة آثار غوانتانامو ، حيث تقاعس النظام السياسي وتباطأ النظام القضائي ، بالصورة المنتظرة من دولة تفاخر بقانونينها واحترامها لحقوق الانسان وان كان مجرما. المحاكم الاميركية تدخلت وفرضت على الحكومة ان تطلق سراح من لا تهمة له ، وان تقدم البقية للمحاكمة بطريقة شرعية بشكل انهى خصوصية المعتقل الكوبي.
والذي ربما لا يفهمه الاميركيون ان معتقل غوانتانامو الشرس، وتعذيب ابوغريب، لم يقلق الذين يعادون اميركا في العالم ، بل اسعدهم واعطاهم الذخيرة للتدليل على انها لا تقل شرا عن بقية دول العالم. في المقابل اقلق الذين كانوا يتوقعون من حكومة واشنطن ، ان تكون القدوة في الحرب كما هي في السلم ، وان تتعامل مع خصوماتها بعيدا عن التأثير العاطفي والشعبية المحلية ، لكنها لم تفعل.
ومثل هؤلاء الذين كانت توقعاتهم كبيرة من واشنطن ، هو بيغ نفسه ، الذي يواجه أزمة نفسية ، وهو يقابل ابنه لأول مرة منذ اعتقاله ، ويعترف انه ليس متحمسا لمقابلته ، خوفا مما يكون قد اصابه. «بيغ» قال: ماذا تنتظرون من شاب يوضع في زنزانة انفرادية ثلاث سنوات بلا محاكمة، «السجن الانفرادي ليس مزحة».