هذا السؤال يطرح نفسه هذه الأيام، لأن الاحداث الدموية والهجمات الارهابية التي تتعرض لها الكويت.. تلقي علينا مسؤولية تاريخية يجب ان نعي ونحرص على فهمها، وهي ان هناك فئات متعددة في هذا المجتمع تريد ان تحول الكويت الى دولة دينية، ومع الاسف ليس هناك فهم لعدد كبير من مسؤولينا عن هذه الخطط، ان العصابات الارهابية هي جزء من تركيبة هذا المجتمع، اردنا او لم نرد، ولكن لهذا تاريخا يجب ان نعيه اولا.. حتى نضع الحلول السليمة لمجتمع كويتي سليم ولدولة مدنية متكاملة بمؤسساتها وهيئاتها وجمعياتها وجميع مرافقها، ولنبدأ القصة من اولها:
1ـ ان ما افرزته انتخابات 1963 لمجلس الأمة التي جاءت بعد اقرار دستور 1962، كانت اول انتخابات عامة ومباشرة بعد انتخابات المجلس التأسيسي، يشارك فيها الشعب الكويتي بكل فئاته، وقد بلغ الاقبال على صناديق الاقتراع ارقاما قياسية حيث تمثل الشعب بكل فئاته. ورغم ان اغلبية المجلس كانت شبه حكومية، حسب ما اسفرت عنه الازمة الوزارية في تلك الحقبة، فان المؤشرات لم تكن مطمئنة لبعض الفئات في السلطة التي ترفض المشاركة الشعبية الحقيقية.
2ـ ثم كان تزوير انتخابات 1967 لمجلس الأمة من قبل فئات بالسلطة أرعبها المد الشعبي الذي كان يجتاح الكويت خلال اواخر الخمسينات واوائل الستينات والمد الناصري ايضا الذي كان يجتاح المنطقة في تلك الفترة، مما دفع بعض مراهقينا السياسيين في تلك الفترة الى طلب الوحدة مع مصر وسوريا والعراق بعد قيام ثورته عام 1958، ورغم انه في عام 1967 كان كثير من تلك الفقاعات، سواء الناصرية او الوحدوية، في بداية مرحلة الانكسار، فان بعض مسؤولينا كانوا مرعوبين من القوائم التي حضَّرتها العناصر الشعبية لكي تغطي معظم مناطق الكويت، لذا قررت المبادرة لعمل شيئين رئيسيين هما تغيير تركيبة المجتمع الكويتي بفتح باب التجنيس، وعمدت الى تزوير انتخابات 1976.
3 - بدأت سياسة التجنيس العشوائي التي لم تكن تستند الى اي اساس وطني او مفاهيم سليمة ومتوافقة مع احتياجات الكويت كبلد صغير غني محاط بجيران كبار، قد تكون نوايا بعضهم شريرة، لقد كنت اتمنى ان يتم التجنيس على اساس احتياجات الكويت الامنية، وان تكون مفاهيم الكويتي الجديد مبنية على هذا الاساس لكي يعلمها لأجياله المتعاقبة، لا ان تكون مبررات هذا التجنيس هو انتصار لفئة في السلطة لكي تحافظ على تفردها وقيادة البلد بعيدا عن اسس ومفاهيم الدستور، وقد ندفع ثمن ذلك في يوم من الايام.
4 - ثم كان افساد المناهج والمقررات المدرسية نتيجة التحالف غير المقدس بين فئات متسلطة في النظام وبين التيار الديني الذي استمر ما يقارب 3 عقود هي تكملة لجميع العوامل السابقة حيث ضعف الولاء للوطن وأبطل كثير من المدارس الحكومية طابور الصباح الذي ينشد فيه الطالب حب وطنه ويتغنى بالدفاع عنه، كما غيبت الحصص التي تحض الطالب على الفداء من اجل الوطن، بل لقد عمد البعض الى التشكيك في هذا الوطن اذا لم يكن قوامه دولة دينية.
انها مسيرة محزنة لهذا الوطن.. والآن.. وبعد ان وقعت الواقعة، هل يعي المسؤولون عندنا ان الكويت الان بخطر، وان الخطر الحقيقي هو فكر هذه الفئة الضالة وان حاضناتها هي معظم الجمعيات والجماعات الدينية المتواجدة سواء أكانوا يعون هذه الحقيقة ام لم يعوها؟
ان المعركة طويلة ولكن دعونا نبدأ بحرث الارض لتنقيتها لعل الاجيال القادمة تكون اكثر وعيا وتزرعها وردا وزهرا لا رشاشات وقنابل.

*وجهات نظر قصيرة
طلب مجلس الوزراء في خطاب وجهه الى وزارة الاعلام التخفيف عن المواطنين وعدم التضييق عليهم والاكتفاء بالضوابط والشروط المعتمدة لاقامة الحفلات الموسيقية الغنائية في الاماكن العامة.
كما كشفت مصادر حكومية ان سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الاحمد اعرب عن استيائه من الذي مرت به البلاد اخيرا من تقييد للحريات، سواء أكان ذلك في الفنادق ام المطاعم ام في اماكن اللهو البريء، وان سموه يعتبر التصعيد تجاه مثل هذه الحفلات مبالغة غير مبررة ولا تنسجم مع ما جبل عليه مجتمعنا من تسامح وحرص على القيم.
هذا ما نشرته جريدة القبس بتاريخ 14 يناير 2005 العدد 11351.
وتعليقي هو المثل الكويتي «اذا فات الفوت ما ينفع الصوت».
في القرن الرابع عشر الميلادي، كانت دول اوروبا تخضع بصورة شبه تامة الى سلطة الكنيسة وكان باباوات الكنيسة الحكام الحقيقيين للممالك والامبراطوريات، كما كان جميع الملوك يخضعون لتعليمات الكنيسة وتوجيهاتها وباباواتها، ولاننسى صكوك الغفران التي كانت تمنح من قبل رهبان الكنائس. لذا جاءت الثورة الصناعية واقتلعت كل هذا التخلف والتردي في الاوضاع الاوروبية، والآن.. ونحن نعيش في القرن الرابع عشر الهجري، هل نحن بحاجة الى ثورة صناعية تجتاح العالم العربي لكي تقتلع المتاجرين والمرابين بالدين، ام الى حكام صالحين يشاركون الشعب همومه ويتقاسمون المسؤولية؟