المنامة من بارعة علم الدين: أكد وزير الدفاع نائب القائد العام لقوة دفاع البحرين الفريق الأول الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة في حوار شامل أن مملكة البحرين خالية من الخلايا الإرهابية، خلافا لما تعتقده بعض الدول، مشيرا إلى أن التعاون في محاربة الإرهاب أصبح دوليا وليس إقليميا فقط.
واعتبر الشيخ خليفة أن الحروب في المنطقة وامتلاك بعض دولها أسلحة الدمار الشامل يشكلان أكبر خطر على أمنها واستقرارها وازدهارها، مشددا على أن أمن الممرات المائية في هذه المنطقة الاستراتيجية هو مسئولية دولية تشارك فيها دول المنطقة الصغيرة، من دون أن يكون لها دور رئيسي في القرار.
ونفى الوزير الأخبار التي تحدثت عن تقليص عدد القوات العسكرية البحرية الأميركية في البحرين، مشيرا إلى أن عددا من أفراد عائلات هذه القوات عادوا إلى بلادهم، ومؤكدا أن التعاون العسكري الأميركي البحريني الذي بدأ قبل أكثر من 50 عاما سيستمر في المستقبل.
ونوه الشيخ خليفة بن أحمد بأهمية التعاون الخليجي وفعاليته في مجال حفظ أمن واستقرار دول مجلس التعاون، معتبرا التعاون العربي في مجال الدفاع لايزال حلما ينتظر إعادة النظر في نظام الجامعة العربية.
الحوار جرى في مكتب وزير الدفاع في البحرين وهذا نصه:
كيف تقيمون حاليا القدرات الدفاعية لقوة دفاع البحرين؟ وهل لديكم برامج جديدة لتطوير هذه القوات؟
- لقد شهدت قوة دفاع البحرين عبر مسيرتها الكثير من التحديث والتطوير وعلى أعلى المستويات المتقدمة، حتى أصبحت اليوم بكوادرها المؤهلة وبما تملكه من أسلحة حديثة تضاهي أفضل الجيوش كفاءة وعدة، ومن هنا تأتي قدرتها على تأدية واجبها وقيامها بالمهمات التي أوكلت إليها في جميع الظروف وعلى أكمل وجه.
والواقع أن قوة دفاع البحرين تلقى متابعة مستمرة من القائد الأعلى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وكذلك كل دعم ومساندة من الحكومة البحرينية لخطط تطوير أسلحتها المختلفة وأجهزتها الإدارية المتعددة، إلى جانب تهيئة الكوادر الوطنية المؤهلة من خلال إرسال أفرادها لتلقي العلم والاشتراك في الدورات بمختلف التخصصات العسكرية. كما وفرنا ونوفر دوما لهذه القوة أحدث الأسلحة.
ونحن نركز في تطوير قدراتنا الدفاعية ومنذ أكثر من سنتين على مشروعات تطوير قواتنا الجوية ولاسيما أننا أدخلنا منظومة تدريبية جديدة لطائرات الهوك البريطانية، إذ قمنا العام الماضي بشراء سرب من هذه الطائرات، فضلا عن تسلمنا سربا آخر من طائرات إف 16 يضاف إلى السرب الموجود لدينا. هذا إلى جانب تطوير منظومات أسلحتنا البحرية.
هل تخططون لشراء أسلحة أو طائرات جديدة؟
- لا، ليست لدينا أية نية لشراء اسلحة جديدة، لأن غالبية منظوماتنا الدفاعية أصبحت مكتملة، وما نفعله باستمرار هو تطويرها، وصيانتها ومحافظة التدريب عليها، كما نتجه إلى تطوير قواتنا البرية أيضا. وكما تعلمين فإن الإنفاق على القوات المسلحة أمر مكلف جدا، وأولويات البحرين اليوم ليست الإنفاق على الدفاع.
ولكن المخاطر في المنطقة تزداد، والاستقرار يبدو...؟
- بعد غزو الكويت اتجهت البحرين إلى زيادة الإنفاق على القوات المسلحة، وخصوصا في السنوات العشر الماضية، الآن وصلنا إلى الاكتفاء، وقواتنا كافية للدفاع عن البحرين، بالإضافة إلى أننا لا نعتمد على قواتنا فقط، بل نعتمد أيضا على أشقائنا في دول مجلس التعاون، فقد أبرمنا اتفاقا دفاعيا منذ سنتين، إذ وقع في البحرين أول اتفاق دفاعي خليجي.
وهل تعتقد أن مثل هذا الالتزام سينفذ بجدية؟
- لقد نفذ في الكويت وخصوصا في المراحل الأخيرة من تحريرها على رغم عدم وجود مثل هذا الاتفاق في ذلك الوقت، ونرجو من الله ألا نكون مضطرين إلى استخدامه مرة أخرى.
كيف تصف التعاون الدفاعي بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهل هناك تطور جديد في بناء قوات درع الجزيرة؟
- منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو/ أيار 1981 والتنسيق والتعاون مع الأشقاء قائمان ومستمران في مختلف المجالات على أطر منهجية وثابتة. وقوة درع الجزيرة في تطوير مستمر، ونحن نعلن هذه المشروعات التطويرية خلال الاجتماعات السنوية لوزراء الدفاع، ودول المجلس حريصة دوما على تطوير قدرات درع الجزيرة في جميع الجوانب القتالية منها والقدرات المتعلقة بمنظومات الأسلحة العصرية.
ما هي التهديدات الأبرز التي تهدد أمن البحرين والمنطقة؟
- تشهد منطقة الخليج العربي اليوم تطورات وتحولات جذرية وتغيرات كبيرة جاءت بعد الحوادث الأخيرة، وخلقت ظروفا سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة، زادها تعقيدا استمرار تطلعات بعض الدول نحو الهيمنة والسيطرة، سواء بنشر توجهات معينة أو السعي نحو إنتاج وتطوير أسلحة الدمار الشامل وإدخالها إلى المنطقة، وهذا ما يشكل تحديا كبيرا وتهديدا بالغا للاستقرار والأمن، مع الأخذ في الاعتبار ما يمثله الخليج العربي من منطقة حيوية في الاستراتيجية الدولية بسبب أهمية نفط الخليج لجميع دول العالم، ولارتباط مصالح الدول الكبرى باستمرار تدفقه لدعم صناعاتها واستقرار اقتصاداتها.
وبالإضافة إلى التهديدات المباشرة لامتلاك دول في المنطقة أسلحة للدمار الشامل، حتى ولو كان هذا الخطر يتمثل في حادث مثل ذلك الذي حدث في تشيرنوبيل، فإن الحروب بشتى أنواعها تشكل مخاطر كبيرة على أمن واستقرار وازدهار المنطقة، والوضع في العراق يبين لنا مدى خطورة التهديدات المحتملة في المستقبل. فإذا ما حصلت - لا سمح الله - حرب أهلية في العراق مثلما حدث في لبنان، فإن هذا سيؤثر على أمننا واقتصادنا واستقرارنا، وأقول إن الحروب هي أكبر خطر وخصوصا في هذه المنطقة الحيوية الاستراتيجية بسبب النفط الموجود فيها، ونحن نشارك في المحافظة على سلامة الممرات البحرية التي تعتبر ممرات دولية، لنقل النفط غير أن هذا العمل أكبر من دولنا الصغيرة، ومن هنا فإن مشاركتنا هذه تبقى من دون أن يكون لنا دور رئيسي أو قرار.
وماذا عن الإرهاب، ألا يعتبر تهديدا؟
- الإرهاب موجود، ويشكل تهديدا في كل دول العالم، في أوروبا وآسيا وإفريقيا والولايات المتحدة الأميركية وأميركا الجنوبية. ونحن عانينا من الإرهاب منذ أيام الدولة الإسلامية على أيدي "الحشاشين" والإرهاب على درجات، وحجم هذه الخلايا قد يكبر ويصغر، وهذا يعتمد على قدرات الدولة في التعامل مع هذه الخلايا، وبحسب طريقة تعاملها مع الإرهابيين فإذا تساهلت دولة ما مع الإرهاب واعطت الإرهابيين مجالا ولو ضيقا، فإنهم سيثبتون أقدامهم وبالتالي تدفع هذه الدولة الثمن.
هل توجد في البحرين خلايا لـ "القاعدة"، أو أية منظمات إرهابية أخرى؟
- الحمد لله البحرين خالية من الخلايا، وبعض الدول تزعم وتعتقد أن هناك مجموعة أو اثنتين، ولكن لم يحدث شيء حتى الآن، والبحرين آمنة، ونحن لا نتهاون ولن نتهاون مع الإرهاب، وقواتنا تستطيع ردع كل خطر.
هل هناك تعاون جدي في مجال الإرهاب بين دول الخليج؟
- اليوم التعاون أصبح دوليا، وليس إقليميا فقط.
ماذا عن الوجود الأميركي في البحرين، وما هو مستقبله؟
- الوجود الاميركي مستمر منذ 50 سنة، ووجود الأسطول الخامس في البحرين ليس جديدا، بل كنا في طليعة الدول في المنطقة في هذا المجال، ونحن نشكر الأميركيين على مساهمتهم في استمرار خطوط تصدير النفط والتجارة، ونحن نتعاون معهم في هذا المجال.
وهل سيستمر هذا التعاون في المستقبل؟
- إن شاء الله ومن دون شك.
ولكن هناك أخبار تحدثت عن انسحاب بعض هذه القوات البحرية من البحرين، فهل هذا دقيق؟
- هذا حدث بعد تهديدات منظمة "القاعدة"، واقتصر على العائلات فقط، وكان هذا من باب الاحتياط فقط.
غالبا ما أسألك هل من جديد بالنسبة إلى التعاون العربي في المجالات الدفاعية... فهل من جديد؟
- هذا حلم نرجو أن يتحقق... وهناك كلام عن إعادة النظر في أنظمة الجامعة العربية، وهذا يشمل الدفاع العسكري. ونحن في انتظار قيام هذا النظام الجديد.