كل يوم يمرّ يشهد مزيداً من التقارب بين تيارات المعارضة وتصميماً على خوض المعركة بصيغة موحّدة. وأمس كان لقاء في باريس بين البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير والعماد ميشال عون الذي أكّد أنّ "الأساليب قد تلاقت والجهود وصلت الى نتيجة ممتازة" وشدّد على أنّ وجهات نظره مع صفير "كانت متطابقة بالمعنى الفعليّ".
وأمس أيضاً، أكد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط خلال محاضرة له في بلدة عانوت في اقليم الخروب، ان "قانون 1960 لم يطبّق على بيروت". وتساءل "لماذا استهداف الرئيس رفيق الحريري؟ لماذا هذا اللسان الذي يربط الرميل بالباشورة وفيه لغم طائفي ومذهبي؟". ولفت إلى "انهم يستهدفون الرئيس الحريري بوصفه أحد رموز المعارضة". وردّ على كلام الرئيس السوري حول المؤسسات في لبنان فدعا إلى "خروج سوسة المخابرات من مؤسساتنا"، وتناول مسألة تثبيت "لبنانية مزارع شبعا".
وأمس أيضاً وأيضاً أكّد عضو "لقاء قرنة شهوان" سمير فرنجية لـ"المستقبل" أن "المعركة الانتخابية ستخاض بشكل مشترك وبلائحة لبنانية من الشمال الى الجنوب"، وأن المعارضة على الرغم من كل ما تسعى اليه السلطة "ستفوز بأكثرية السلطة"، كاشفاً أن "كلام وزير الداخلية يدلّ بوضوح على أن الغاية من سياسة إرضاء المسيحيين هي منعهم من التحالف مع المسلمين".
وفي هذا الخضم السياسي الانتخابي، أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان "الموضوع (بالنسبة إلى المقاومة) ليس مزارع شبعا، إنما الموضوع هو أمن لبنان". وأكد أن "أشدّ الناس حرصاً على الأمن والسلم الأهلي والوحدة الوطنية هو حزب الله وهو أكثر المستفيدين من الأمن والسلم الأهلي والوحدة الوطنية"، وشدد على أن "الحزب لا يهدّد أحداً في الداخل".
بداية من لقاء صفير ـ عون في باريس، فقد أكد قائد "التيار الوطني الحر" أنّه سيعود الى لبنان "قبل الانتخابات النيابية"، وأنّ "كل الدوائر مفتوحة أمامي ولا أعتقد أن ترشيحي يرتبط بدائرة معينة". ولفت الى أن "اللقاء مع النائب وليد جنبلاط سيكون، عندما نحدد الموعد، تتويجاً للمواضيع التي بحثت وانتهينا منها".
وقال إنه "مع حلف لبناني في معركة استعادة السيادة والاستقلال"، معلناً "وصلنا الى النقطة الأخيرة في مسار تحرير لبنان ولم يبقَ إلا التنفيذ (..)".
أما البطريرك صفير فلفت خلال مؤتمر صحافي عقده مساء في باريس إلى ان "هناك إصراراً من قبل مجلس الأمن على تنفيذ القرار 1559"، وكرر قوله ان "الذين اتخذوا القرار يعرفون كيف ينفذونه"، مشيراً إلى ان "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه"، وأوضح ان الصعوبات في تطبيق القرار "تتعلق بمسألة نزع السلاح (..)".
وأكد ان "لبنان يريد ان تكون علاقته بسوريا أخوية ووطيدة وعلاقة صداقة وتنسيق في مجال السياسة الخارجية، لكن ليس للسوريين ان يتدخلوا في الشأن الداخلي اللبناني (..)".
وعلمت "المستقبل" أن اللقاء بين صفير وعون كان تحت عنوان عريض هو وحدة المعارضة في الانتخابات النيابية. وقد بادر صفير الى طرح هذا العنوان، فأبدى عون تجاوباً. لكنه قال لصفير "دعوناهم الى اجتماع فلم يلبّوا دعوتنا، كنا نريد أن نلتقي على برنامج عمل إذ كيف نتكلّم عن وحدة في غياب البرنامج المشترك". وأضاف عون "نحن متوافقون على توحيد المعارضة لكن السؤال يتصل بواقعيّة الطرح، إذ كيف يمكن أن تصل غبطتكم الى القراءة السليمة للقرار 1559 ويتطوّر خطاب وليد جنبلاط الى هذا المستوى الايجابي فيما يصرّ سياسيّون مسيحيّون على مسائل مختلفة؟".
ووفق المعلومات، فإن صفير قال لعون بعد أن استمع إليه "إذا لم تتوحّد المعارضة قد تفقد فرصة للسيادة والاستقلال والقرار الحرّ"، فردّ عون "أبارك وحدة المعارضة وموافق على المساهمة فيها من دون تردد ولن تكون معارك داخلية طالما أنّ السوريّ مهيمن على لبنان. لقد بلعنا على مدى 15 عاماً كلّ السكاكين ولن نتخلّى عن المعارضة".
وفي معلومات "المستقبل" أيضاً أنّ عون الذي خرج مرتاحاً من اللقاء مع البطريرك قرّر أن يبقى على تنسيق معه.
*جنبلاط
أما جنبلاط وفي ندوته في عانوت، فقد أكد انه "لن يتنازل عن استقلال لبنان وسيادته وعن العلاقات الصحية والصحيحة مع سوريا وإذا لزم الأمر فلتكن علاقات ديبلوماسية". وأضاف "هناك مَن يقول ان ثمة اليوم حلفاً مسيحياً ـ درزياً ـ سنّياً"، وردّ بأن "هذا غير صحيح لأن المطالبة بالسيادة والحريات والديموقراطية هي مطالبة لبنانية عامة".
وعن كلام الرئيس السوري بشأن انعدام المؤسسات في لبنان، قال جنبلاط "كانت هناك مؤسسات في لبنان لكن المخابرات المشتركة السورية اللبنانية خرّبت المؤسسات". واعتبر ان في هذا الكلام "إهانة بحق مؤسساتنا"، وأكد ان "عندنا مؤسسات ممتازة لكن لتخرج سوسة المخابرات منها".
وتطرق جنبلاط إلى موضوع مزارع شبعا، فتساءل "ما الضرر إذا تقدمت الحكومة السورية والحكومة اللبنانية ورسمتا معاً الحدود وتقدمتا معاً بوثيقة إلى محكمة العدل الدولية أو الأمم المتحدة تثبت أن المزارع لبنانية؟". وأوضح "اننا نريد أن نحمي حزب الله في مقاومته في المزارع، وأن تكون حجة استردادها سلماً أو حرباً حجة منطقية لا أكثر ولا أقل".
غير ان جنبلاط سأل "بعد شبعا إلى أين؟". وإذ شدد على "تحرير شبعا قانونياً وسياسياً"، وعلى "اننا لن نقبل إلا بتطبيق الهدنة مع إسرائيل"، دعم العمل المقاوم "إلى ان تتحرر مزارع شبعا شرط إثبات لبنانيتها"، وقال ان الأمر إذا كان يتعلق بفلسطين والصراع العربي ـ الإسرائيلي "لتتحمّل سوريا والاردن ومصر التبعات أيضاً"، معلناً "لن أقبل أن يبقى لبنان وحده يتحمّل هذا العبء (..)".
*سمير فرنجية
في هذه الأثناء، كان سمير فرنجية في حديث الى "المستقبل"، يؤكد أن "ثمة استحالتين، استحالة سوريّة للقبول بالوضع اللبناني المتغيّر واستحالة لبنانية للقبول بتزوير إرادة الناس". ورأى أن "مشروع قانون الانتخاب يحاول استباق نتائج الانتخابات وتزويرها سلفاً من خلال التقسيمات التي اعتمدت وخصوصاً في بيروت والعمل على ايجاد خلافات داخل صفوف المعارضة والفصل بين المعارضة المسيحية والرئيس رفيق الحريري".
وأعلن أنه "على الرغم من كل ذلك أرى أن المعارضة ستفوز بأكثرية ملحوظة". وإذ شدّد على أنّ المعارضة "ستفرض تشكيل حكومة حيادية"، رأى ان "أمام السلطة السورية خياراً من اثنين إما العمل على كسر الإرادة الوطنية والدخول مع اللبنانيين في مواجهة كبيرة ما يزيد من تعرّضها للضغوط الخارجية وإما العودة الى العقل عبر إقالة الحكومة الحالية (...)".
واعتبر فرنجية أن "مشاركة النائب باسل فليحان في اجتماع لجنة متابعة لقاء البريستول ردّ على تهديدات وزير الداخلية، وتأتي في سياق التعاون المتزايد بين الرئيس الحريري ولقاء البريستول، وتشكّل إضافة نوعية للمعارضة (..)".
*نصرالله
على صعيد آخر، وفي ردّ على ما تطرحه المعارضة، قال السيد نصرالله ان "البعض يحسم منذ الآن بأن مزارع شبعا ليست لبنانية وأن القرار 425 نفذ وأن على الدولة ان ترسل جيشها إلى الجنوب، وأن المطلوب من المقاومة تسليم سلاحها إلى الدولة".
وطرح أسئلة عدة: "إذا سلّمت المقاومة سلاحها وأرسلت الدولة الجيش إلى الحدود فما هو قراركم السياسي الاستراتيجي؟"، إذا اخترقت الطائرات الإسرائيلية السيادة اللبنانية ماذا سيكون قراركم الاستراتيجي؟"، "هل القرار السياسي هو أن يواجه الجيش ويقاتل؟".
وأجاب نصرالله "إذا قلتم لا تكونون أرسلتم الجيش ليحرس العدو وليس الوطن، وإذا قلتم نعم فلماذا تلقون سلاح المقاومة وتتركون الجيش وحده؟". وأضاف ان "القرار السياسي المتوقع للمؤيدين للقرار 1559 هو العودة إلى القرار السياسي الرسمي قبل دولة الطائف"، وأعلن "بوضوح تام ان الموضوع ليس مزارع شبعا بل هو أمن لبنان".
وأشار إلى ان "البعض يقول اننا نهدد بخلط الأمن وبالحرب الأهلية، وإذ أكد "اننا لا نهدّد أحداً"، أعلن ان "أشدّ الناس حرصاً على الأمن والسلم الأهلي والوحدة الوطنية هو حزب الله وهو أكثر المستفيدين من السلم الأهلي والوحدة الوطنية (..)".