كم هو مثير، ومشوق، الاعلان عن تشكيل الحزب الاسلامي في الكويت! احد المطالبين بتأسيس الحزب قال «نرى انه لا يجوز ان تتخلف الكويت في هذا المجال (يقصد الديمقراطية) وهي التي دعمت اميركا في حربها على العراق من اجل الديمقراطية بحيث تمنع قيام احزاب سياسية».
ولا أدري هل هذا يعني دعما بأثر رجعي لحرب الاميركيين في العراق، من قبل السلفية العلمية في الكويت، ورفضا لتفجير النفس الذي قام ويقوم به سعوديون وكويتيون في العراق؟
والأمر الأغرب أن من أبرز أهداف الحزب الذي تم اشهاره، أول من أمس، المطالبة بإخراج الوجود العسكري الأجنبي في دول الخليج، لا الكويت وقطر وحسب. والمقصود هنا بكلمة أجنبي الأميركيون بالطبع. وهذه هي بالضبط مطالب زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، ومطالب تنظيم «القاعدة» في السعودية والكويت والعراق، حيث يطالبون بإخراج القوات من جزيرة العرب، والاختلاف في التفاصيل!
ويعتبر النظام الاساسي للحزب، صورة محسنة من صورة نظام طالبان، والتحسين يأتي بذكر النساء، الا انه يعود فيفسدها، حيث انه يشتمل على ضمان جميع الحقوق «المشروعة» للمرأة. ولا ندري وفق أي تفسير سوف تكون هذه الحقوق، خصوصا وأنهم من المعارضين لحق المرأة الكويتية بالترشيح والانتخاب.
وامعانا بالتشويق والاثارة، في نهاية المؤتمر الصحافي الذي عقده أعضاء الحزب الإسلامي في الكويت، والذي حضره اعضاء من السفارة الأميركية، قال الدكتور حسين السعيدي، الناطق الرسمي باسم الحزب، وهو يدعو الحضور لتناول طعام الغداء «نرحب بالإخوة من السفارة الاميركية!».
ولا ادري هل هؤلاء هم السلفيون الاميركيون الجدد في المنطقة، حيث تحول الإسلاميون إلى براغماتيين، وهذه تسمية مجازية أخف وطأة من وصف وصوليين، وهم الذين ينكرون على الساسة البراغماتية؟ مثل ما فعل الاخوان المصريون سابقا عندما رأوا الموضة في المجتمع تتحدث عن المرأة فرشحوا امرأة للحزب. أم أننا أمام انتهازية لركوب الموجة الديمقراطية الأميركية التي تهب رياحها على العراق، والمنطقة، هذه الايام؟
وليس لدي موقف من اشهار حزب، لكن لدي مواقف من تكييف الإسلام، ومفاهيمه الآن، وأقول الآن، للحديث عن الديمقراطية الأميركية، بعد أن حرضوا المجتمعات الخليجية على شرب زمزم ومكة كولا، ومقاطعة خبز بداخله لحم لأنه أميركي، واليوم باتوا يتحدثون عن الديمقراطية الاميركية، ويدعون الاخوة الاميركيين لتناول الغداء.
بطبعي أميل إلى الساسة، وان كذب بعضهم، لأنهم عندما يكذبون يغمزون بطرف العين، او يعضون على طرف اللسان. لكن مشكلة أصحاب السلفية الاميركية الجديدة انهم عندما يكذبون لا يبتسمون ولا هم يحزنون، بل يتوعدون كل من لا يصدقهم بالويل والثبور وعظائم الامور. وقبل ان انسى، عن اي ديمقراطية يتحدثون؟