ألقى المواطن العراقي الكرة في ملعب الساسة العراقيين. أرسل المواطن العراقي برسالة حاسمة إلى كل الأحزاب والجماعات السياسية، ملخصها أن الناس تحدت الموت والتفجيرات، ووقفت في طوابير الانتخابات غير عابئة بتحالف الإرهاب الدولي، وبقايا نظام صدام حسين، وأنها لن تقبل بغير النجاح.
الساسة العراقيون الذين سينجحون في الانتخابات، سيكونون أمام مسؤولية كبيرة أمام الناس، وأكبر جريمة يمكن أن يرتكبها أي سياسي عراقي بحق نفسه وبحق من انتخبوه، أن يدفع العراقيين مرة أخرى للإحباط، أو يقتل روح الأمل الذي صنعه العراقيون بانجاحهم للانتخابات، وذلك من خلال الأنانية الشخصية أو الحزبية، وغياب روح التعاون مع الآخرين، وإخراج حكومة متوازنة تمثل كل العراقيين، حتى أولئك الذين ظلوا يشككون بالناس وبالانتخابات حتى اللحظة الأخيرة.
لن يقبل العراقيون بأقل من إقامة دولة يسود فيها القانون، وتحترم فيها المؤسسات، ويتوقف فيها العنف الفعلي واللفظي، ويؤمن فيها السياسيون بأن الانتخابات لابد أن تسفر عن نجاح وفشل، وأن من نجح يجب أن يكون في مستوى طموح من انتخبوه، وأن من فشل عليه أن يعيد ترتيب أوراقه بروح المسؤولية، وبعيدا عن عقلية الثأر والإقصاء.
الذي فعله المواطن العراقي هو شيء كبير، رغم حملة متصاعدة من التفجيرات والتهديدات وحرب الفضائيات، بمدفعية قومية وإسلامية ويسارية طويلة المدى، ولكنها منتهية الصلاحية، حاولوا من خلالها إعاقة التطور، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وهم يتلذذون بأرواح العراقيين تزهق كل يوم، ويتلذذون بوطن طال ليله مع العذاب والحرمان، وانتهاك حق الإنسان في الحياة وفي التعبير عنها.
الساسة العراقيون أمام اختبار كبير، بعد أن تفوق الجمهور على الساسة، وقدم هذا الجمهور كل متطلبات النجاح لمن يرغب في بناء عراق قوي مزدهر، وعلى الساسة أن يكونوا بحجم هذا الاختبار والتحدي، وأن يتحملوا المسؤولية الكبيرة بكثير من الوعي والإصرار..!
طوابير العراقيين أمس رسالة لمن يهمه الأمر..ومخطئ من لا يجيد قراءة هذه الرسالة..!