منتدى الاقتصاد العالمي في سويسرا "منتدى دافوس" اختتم خمسة أيام من أعماله أمس بإطلاق مسمى "عام التغيير والأفعال" على العام... 2005 وتنوعت الموضوعات من النمو الاقتصادي العالمي المتزايد، الى قضايا الاصلاح الضريبي، الى الاصلاح السياسي - المؤسسي، الى حماية البيئة، الى انقاذ العالم من الفقر ... الخ، وصولا الى تحقيق سلام عالمي في انحاء المعمورة يعتمد على التنافسية في الأداء والشفافية والديمقراطية وحقوق الانسان... أكثر من ألفي قائد سياسي واقتصادي من مختلف انحاء العالم استمعوا لبعضهم بعضا وأعلنوا امام العالم أنهم يؤيدون كل ما قيل بشأن القضايا الجوهرية... وأقفل كثير منهم عائدا الى وطنه، ربما للتفكير في عدم المشاركة في العام المقبل، لأن منتدى دافوس في ختام أعماله قال إن 2005 سيكون "عام الأفعال والتغيير"... والسؤال الذي ربما سيطرحه بعض من حضر المنتدى بعد عودته الى بلده هو: أية أفعال؟ وأي تغيير؟
بالنسبة إلينا في البحرين، فإن المتوقع أن يطرح مجلس التنمية الاقتصادية رؤية اقتصادية بعيدة المدى للبحرين في الشهر المقبل، ولكن هناك أسئلة ملحة تتطلب الأجوبة وهي ضرورية للاصلاح السياسي والاقتصادي المستقبلي. ففي سبتمبر/ أيلول الماضي طرح مشروع إصلاح سوق العمل وتركز أساسا على تحريك القطاع الخاص وتسليمه مسئولية الاقتصاد الوطني. ولكن اصحاب الاعمال رفعوا أصواتهم عاليا مستفسرين عما قيل أو سيقال.
الغريب في الأمر ان أصحاب الاعمال لم يتجاوبوا كثيرا مع الاستبانة المطروحة حاليا من قبل مجلس التنمية الاقتصادية الذي يطلب منهم ان يطرحوا آراءهم عن معوقات الاستثمار والتنمية. وعندما سألت بعض أصحاب الاعمال عن السبب، حصلت على أجوبة متعددة، مثل: ماذا نقول؟ وهل نستطيع ان نقول كل شيء؟ ومن سيسمع لنا؟ ومن سينفذ لو اتفقنا على شيء ما؟
هذه الأسئلة توضح كثيرا من الأمور. وعند الحديث مع البعض، فإنهم يشيرون الى أن الدولة تسيطر على نحو 80 في المئة من الاقتصاد، وصاحب العمل هو الطرف الأضعف في كل شيء، وهو خائف من كلمة يقولها ربما يخسر بعدها الكثير. ويقول البعض: لو قلنا إننا بحاجة الى مناطق كبرى لهذا القطاع او ذاك، فأين هي الاراضي التي بقيت من استملاك؟ كما ان الاستملاك في كثير من جوانبه ليس خاضعا للسوق أساسا. آخرون يقولون: لدينا 45 ألف عامل "فري فيزا" والحل سهل فيما لو كانت هناك "أداة تنفيذية صارمة" تصدر عفوا عاما ومن ثم تقوم بتسفيرهم بالاتفاق مع الدول التي قدموا منها وألا تكون هناك أية استثناءات لاصحاب نفوذ.
والواقع ان الأمور أكثر تعقيدا، فالقطاع العام بحاجة الى اصلاح جذري وشامل، والجهاز البيروقراطي ترهل ويعقد الاجراءات وكل يوم يزداد الترهل وتزداد التعقيدات، والقطاع الخاص يفكر بصورة حذرة، ويركز على الربح المضمون، وينظر الى الدولة "الماسكة بالاقتصاد" من وجهة نظر التابع وليس الشريك.
لدينا أنموذج سليم في القطاع المالي ومحافظ مؤسسة النقد السابق اصبح وزيرا للمالية، وله سمعة طيبة في الأوساط المالية، ونأمل ان ينقل بعضا من تلك النجاحات الى الجوانب الاخرى التي يشرف عليها حاليا.
ولكن السؤال هو هل سيكون ذلك ضمن استراتيجية قائمة على أساس الشراكة والشفافية؟ وهل سيبادر القطاع الخاص بطرح أفكاره على مجلس التنمية الاقتصادية بصراحة ومن دون لف أو دوران؟ والسؤال المطروح علينا جميعا: هل فعلا سيكون العام 2005 عاما للافعال والتغيير في البحرين، كما طالب "دافوس" بذلك في كل أنحاء العالم.