باعتقال عامر خليف العنزي بعد مواجهات دامية في مبارك الكبير امس نتج عنها سقوط قتلى وجرحى هل يمكن القول ان رأس التنظيم الإرهابي في الكويت «سقط»؟ وهل سقوط هذه المجموعة يعني القضاء على الفكر المتشدد الداعي الى المواجهة المسلحة مع السلطة في البلاد؟ وهل ستكون عملية «مبارك الكبير» امس هي آخر المواجهات الدامية بين رجال الأمن ومسلحين من حملة الفكر المتطرف؟
عامر خليف العنزي، الذي يقول عارفوه انه يحمل حقدا شخصيا على رجال الامن، يمثل حالة شاذة لحملة «الفكر الجهادي» فهو يعد «طالب علم» متميزاً ويحفظ كتاب الله العزيز ويحرص على حلقات الدروس ولهذا فهو حالة مغايرة لعموم حملة الفكر الجهادي، فهم يعتمدون في الأساس على «استعراض» احوال الأمة المتردية و«تكالب الأعداء» عليها و«تسلط الطواغيت» على مقدراتها,,, أي بمعنى ادق اعتماد الخطاب الحماسي العاطفي لتأجيج المشاعر وتعبئة النفوس ضد الخصوم,,, اذا كانت هذه حال أغلب حملة الفكر الجهادي فإن عامر خليف العنزي يعتمد اسلوب جمع الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ثم اسقاطها على واقع معين ليحض الشباب على اعتناق فكرته,,, وقد نجح.
«الشيخ عامر» الذي لا يتجاوز عمره الثلاثين عاماً تلقى علومه في مسجد «حكيم بن حزام» في منطقة الواحة او «الكوريات كما يحلو لأهل الجهراء تسميتها», قبل ان يتخصص في العلم الشرعي الأكاديمي ويحفظ كتاب الله لينتقل من العمل كمؤذن الى الإمامة في مسجد مالك بن عوف في منطقة العيون قبل ان تقيله وزارة الأوقاف بسبب سعيه الدؤوب الى نشر فكره «المتشدد».
شهر فبراير 2003 كان مختلفاً بالنسبة لعامر خليف، فهو الشهر الذي اعتقلته فيه ادارة أمن الدولة وحققت معه وهي كانت فترة استعداد القوات الاميركية لبدء هجوم الإعلان عن حرب احتلال العراق,,, وبعد خروجه من الاحتجاز الذي دام فيه فترة قاربت الشهر اصبح يعلن صراحة دعمه للعمليات العسكرية ضد الاميركيين وهي الفترة التي شهدت تصعيداً ضد الأرتال العسكرية الاميركية المتوجهة من الكويت الى العراق.
يمتلك عامر «كاريزما خاصة تمكنه من اقناع الآخرين بأفكاره ويمتلك ايضاً اسلوباً شيقاً في عرض ما عنده من فكرة، ما جعل الكثير من الشباب صغار السن يلتفون حوله ويؤمنون بأفكاره».
تطورت الأمور بعد ذلك تطوراً لافتاً حينما اجتمع عامر العنزي مع خالد الدوسري الذي اعتقل في المملكة المغربية بسبب خلفيته الجهادية إبان تفجير كنيس يهودي هناك وهو مطلوب للأجهزة الأمنية الكويتية وهارب من رجال الأمن، هذا الاجتماع ولَّد فكرة قيام تنظيم «جهادي» يقوم بأعمال «جهادية» داخل الكويت وهي الفكرة التي رفضها أحد أهم منظري الفكر الجهادي في الكويت الشيخ حامد العلي، الذي أدى رفضه نقل «العمليات القتالية» إلى الكويت، الى حصول خصومة شديدة بينه وبين عامر خليف العنزي.
خالد الدوسري وعامر خليف العنزي روّجا لفكرة مفادها أن جهاز أمن الدولة ما هو إلا «نسخة معدلة» لأجهزة الأمن الأميركية، ويجوز قتل أو اصابة أي منتسب لهذا الجهاز الأمني لأنه قائم على حماية مصالح الأميركيين المحتلين في المنطقة ولهذا فمن «أعان كافراً على مسلم فقد كفر»!
أنجز عامر «رسالة شرعية» اسمها «فصلّ لربك وانحر» لخص فيها جملة مواقفه ورؤاه وتحدث عن وجوب قتل الأميركيين وعدم جواز الاكتفاء بإقامة الصلاة وتعطيل فريضة الجهاد، إلا ان أحدا لم يطبع له هذه الرسالة.
في العام الفائت وقبل وفاة الشيخ عبدالعزيز الهدة رئىس فرع جمعية إحياء التراث الإسلامي في الجهراء، طالب عامر خليف العنزي إقامة «مناظرة» لكشف «الباطل» الذي تدعو إليه جمعية إحياء التراث أو «السلفيين التقليديين» ـ كما يسميهم ـ من الدعوة إلى تعطيل فريضة الجهاد في العراق خصوصا والأمة الإسلامية عموما، ما حدا بالشيخ الهدة إلى تقديم شكوى رسمية وكتابة «تقرير» عن فكر عامر خليف وتسليمه إلى أمن الدولة.
مقربون من عامر خليف قالوا إنه تلقى تدريبات على استعمال الأسلحة إبان الاحتلال العراقي للكويت في العام 1990 في معسكر الفاروق في أفغانستان وانه كان يتعمد إخفاء هذه المعلومة عن الناس حتى لا يقال إنه «يرائي»,,, كما يتردد أنه سافر إلى العراق نهاية العام الماضي للمشاركة في «أعمال جهادية» ضد الاحتلال الأميركي، لكن هذه المعلومة الأخيرة لم يتم التأكد من صحتها.
بعد «سقوط» عامر خليف العنزي تبقى الأسئلة قائمة هل سقط فعلاً «رأس التنظيم الإرهابي» في الكويت؟ وما طبيعة العلاقة التي تربط عامر خليف بمتشددين من السعودية وآخرين في العراق وسورية والأردن؟ وما حقيقة أن عامر خليف هو «رأس التنظيم» في الكويت؟ وما دور «خالد الدوسري» الذي يقولون إنه المحرض الرئىسي على العنف ضد رجال الأمن في الكويت في هذا التنظيم؟ وما صحة أن الدوسري موجود في البلاد وانه يستخدم رقم هاتف أجنبياً مسجلاً في إحدى الدول الاسكندنافية للتمويه والتغطية على تحركاته؟ ومن الذي زوده بشريحة الهاتف الأجنبية؟ وما حقيقة ارتباطه بسعد الفقيه رئىس ما يسمى بجماعة الإصلاح السعودية المعارضة؟
أسئلة لا يمكن الاجابة عنها إلا مع مرور الزمن,,, ونبقى ننتظر!