مازالت حكومة «لا اقرأ» تكابر وتصر على الخطأ، موهمة نفسها والناس معها بانها على حق، والغير على باطل في وصفاتها السقيمة لمعالجة الارهاب الكويتي، فهي على قناعة تامة بحكمة «داوني بالتي كانت هي الداء»، والداء هو الارهاب المنتج في مصانع الدولة والجمعيات الدينية (وهي احزاب شبه رسمية) لتحاربه بفكر ديني رسمي اسبغت عليه مباركة الدولة، وزين صدره بأوسمتها، ونفخت جيوبه بهبة الخمسة ملايين دينار التي خصصتها الدولة لوزارة الاوقاف، التي ابتهج وزيرها لزيارة الشيخ ناصر العمر لدواوين بعض النواب، وعرض على الداعية السعودي المحرض على قتال الاميركان ان يلقي خطبه في مساجد الدولة لتتبارك بها، وهو الوزير ذاته الذي ما انفك ينفي خروج الارهابيين من مساجد الدولة، بينما قطعت جرائم الامس بان الارهابي عامر خليف امير الجماعة الذي كان يسعى لدى نواب الظلام في العام الماضي لمنع برنامج «ستار أكاديمي» كان متواريا في سكن إمام مسجد كمال الدين بن همام!
حكومة «لا اقرأ» جندت فقهاء السلطان لمواجهة فقهاء العصيان، فاذا كان للمجرمين الارهابيين (المغرر بهم كما يحلو ان يصفهم الخطاب الرسمي) فقهاء وامراء زينوا لهم طريق الارهاب وهو الاسرع للجنة ولبنات الحور العين، فان للحكومة ايضا فقهاء ووزراء يناضلون بالحجة الشرعية وبالدليل الثابت من تراث ديني لم يتفق عليه يوما ما. واذا كان بالامس يروعنا تلفزيون الكويت بمواعظ منظر الجماعة السلفية كل يوم ولأكثر من مرة، فلم لا تزيد وزارة الاعلام الجرعة الاصولية اليوم بداعية اخر كان ممنوعا عن الخطابة ليهدي الامة الكويتية والارهابيين الى سواء السبيل بوصفة كتاب «فتاوى الائمة في النوازل المدلهمة» لدعاة الفكر الوهابي الرافض للاخر دون تردد، وليخبرنا الشيخ أن دم المسلم على المسلم حرام، ومن يقتل مؤمنا عامدا فجزاؤه جهنم، فهل يعني هذا ان دماء غير المسلمين من الاميركان والغربيين حلال بمفهوم المخالفة، واذا كنا وفق منظور الاصوليين غير مؤمنين فهل يعني ان دماءنا حلال عليهم!
حكومة «لا اقرأ» لم تقرأ ان اي فتوى سلطانية تخرج من افواه فقهاء السلطة مستندة الى دليل شرعي فلها ما يقابلها عند فقهاء العصيان فتوى تستند أيضا الى دليل شرعي لا يقل عنه قوة، فمتى تتعلم حكومة «لا اقرأ» ان مواجهة الارهاب لن تكون باللغة الفقهية التراثية التي هي سلاح ذو حدين، ولا مفر من محاربته بالثقافة والفنون والفرح ونشر الفكر الليبرالي المتسامح في المدارس ومناهج التعليم وفي وجدان اهل الحل والعقد.. لكن لمن نكتب وحكومتنا «لا تقرأ»؟!