تأتي انتخابات العراق في وقت حرج تمر به المنطقة العربية بل وفي وقت تتوسع فيه دائرة العنف والارهاب باشكالها المختلفة على الساحة العراقية لتمتد اصابعها إلى بعض الدول الخليجية التي ظلت لفترة طويلة بعيدة عن هذه الاجواء مقارنة بدول المنطقة.
قد تكون هذه الديمقراطية التي يروج اليها ساسة واشنطن في قالبها الحالي ليست ما تتطلع اليه الشعوب العربية ومنها العراقي، لكنها افضل نسبيا من نهج الانظمة الدكتاتورية التي أهلكت شعب العراق لسنوات طويلة والتي لا تزال تعاني منها غالبية شعوب المنطقة لكن بممارسات وأوجه مختلفة.
ان كانت الانتخابات بصورتها اليوم لعبة وسيناريو اختلقه المحتل الاميركي فإننا بالتأكيد لا يمكننا ان نغفل عن انها حدث تاريخي ونقطة تحول كبيرة على خريطة السياسة العربية التي استنزفت بما فيه الكفاية من شعارات وتوجهات أنظمة انانية وما أفرزته من شعوب منهكة من كثرة الذل والتبجيل لشخص الحاكم ونظامه.
ومع هذا فان ذلك لا يعطينا أيضا مبررا لتقبل وجود المحتل الاميركي على ارض العراق الذي بالطبع وجد لاهداف ومطامع استراتيجية بعيدة المدى.
جميعنا يعلم بأن ما حصده رجل الشارع العربي عموما هو القليل ان لم يكن فتاتا من انظمته التي عودته على انها تأخذ اكثر مما تعطي!
لقد عرف ساسة واشنطن كيف يلعبون بورقة الديمقراطية في منطقة تتعطش للديمقراطية باي شكل من الاشكال.
وعرفوا كيف يلعبون بالوتر الحساس ويثيرون مشاعر المظلومين والمقهورين في الشارع العراقي على رغم اشتداد بؤر التوتر والعنف... وعرفوا كيف يمسكون بزمام الامور اعلاميا لتنفرد قناتهم الحرة الناطقة بالعربية عن غيرها في بث شامل ومتميز عن باقي الفضائيات الاخرى التي لم تحظ باية مميزات سوى البعض منها وذلك بهدف ان تكون صورة الانتخابات داخل هذا البلد طبيعية.
وهو الامر الذي بدا غريبا عند بعض المراقبين كون ان العراق مقبل على ابواب حرب اهلية في ظل الحكومة المنتظرة!