حسنا فعل الأمير عبد الله ولي عهد المملكة العربية السعودية عندما دعا إلى عقد قمة إسلامية استثنائية يكون مكان انعقادها مكة المكرمة، وهدف هذه القمة يرتكز على تعزيز الوحدة والعمل الإسلامي المشترك كما جاء في حديث سمو الأمير عبدالله وقال ما نصه في دعوته "لنتجاوز بإيماننا بالله ثم بأمتنا حالة التفكك والتشرذم وان نواصل رسالتنا التاريخية" وراح سموه في دعوته تلك يؤكد على دور أهل الفكر والعلم في وضع خطة عمل لإنجاح هذه القمة يقول الأمير عبدالله "على أن يسبق انعقاد تلك القمة لقاءات بين مفكري وعلماء الأمة، يتأملون فيها حالها ويحددون رؤاهم لمستقبلها، ليكون في ذلك عون للقاء القادة".
والحق أن الأمة العربية الإسلامية تعيش في ظروف غاية في الذل والهوان بعض هذا الذل والهوان ناتج عن ممارسات حكام وحكومات هذه الدول والبعض الأخر قادم من وراء الحدود لكن لضعف الحاكم المسلم وخوفه على عرشه لا على أمته وأمجادها التاريخية أثرا بالغ في هذا الهوان، في كل الحالات يصدق قول الحق فينا "إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها".
كنت أتمنى أن تكون دعوة سمو الأمير عبدالله ولي عهد المملكة السعودية ذات مرحلتين:
المرحلة الأولى قمة عربية تجمع كلاً من المملكة السعودية ومصر وسوريا واليمن والأردن وتونس والجزائر والمغرب وليبيا والسودان لكون هذه الدول متهمة من منظمات دولية ودول غربية بمخالفات قواعد حقوق الإنسان الأمر الثاني لكون هذه الدول يوجد بها منظمات إسلامية مناوئة أو مختلفة مع هذه الأنظمة في أمور شتى. إلى جانب القيادات السياسية لهذه الدول يكون أهل القلم والفكر الحر - لا أقلام السلطان ومفكروه - بهدف إجراء حوار حر ونزيه قاعدته ترتكز على وحدة الأمة والدفاع عن سيادتها وأمنها وحماية مواطنيها ونظمها القائمة وثرواتها. حوار أمين وصادق بعيدا عن التعالي والاستضعاف حوار بين السيف والقلم أي بين القوة - السلطان - والفكر أي مع العالم المجرب الذي لا هدف له إلا صلاح الأمة. يسبق هذا الحوار بين السلطان والفكر إطلاق سراح جميع المعتقلين في سجون هذه الدول إن كانوا أصحاب رأي واتجاه سياسي والذين ليسوا على صلة بأعداء الأمة ووحدتها وكرامتها في خارج الحدود.
في تقديري انه لا يجوز أن يلتقي رؤساء دول عربية مع قادة دول إسلامية غير عربية بهدف دعوتهم إلى وحدة إسلامية، وفي الكويت على سبيل المثال إسلاميون سياسيون معتقلون يزيد عددهم على خمسين معتقلاً، وفي جمهورية اليمن ما يزيد على خمسة آلاف معتقل من أنصار الشيخ المقتول حسين الحوثي وفي الأردن أزمة بين جبهة العمل الإسلامي والحكومة إلى جانب ما يزيد على 120 معتقلا لاتهامهم بأعمال إرهابية إسلامية وفي مسقط فاجأتنا وسائل الإعلام العربية والدولية باعتقال المئات من المواطنين العمانيين (الحياة 26 يناير 2005) فيما يقال تحت تهمة إرهاب إسلامي، وفي البحرين نار تحت الرماد، ولم يعد الأمر خافيا على أن الحكومة السعودية تعتقل المئات من المتهمين بانتمائهم إلى ما يسمى "بتنظيم القاعدة" المعادية للوجود الأجنبي في الوطن العربي والرافضة لسياسات وممارسات هذه النظم العربية.
في مصر حدث ولا حرج سجون مكتظة بأصحاب الفكر الديني ومنع قيام أحزاب إسلامية أسوة بتنظيمات أخرى ولا نستثني سوريا الحبيبة والجزائر القريبة إلى النفس العربية والمغرب وتونس وليبيا والسودان فكل هذه الدول يعيش المواطن خائفاً يترقب زبانية النظام ينقضون علية بمجرد وشاية كاذبة أو شك يحوم حوله بان له رأياً حتى لو كان هذا الرأي ضد احتلال العراق أو التطبيع مع إسرائيل أو انه يؤمن بان الجهاد ركن من أركان الإسلام.
السؤال المطروح، كيف يلتقي قادة العالم العربي وسجونهم ومعتقلا تهم مكتظة بالمعتقلين السياسيين الإسلاميين مع بقية قادة العالم الإسلامي ويطرحون عليهم فكرة "مواصلة رسالتنا التاريخية" كما قال بها الأمير عبد الله في هذه الأجواء الصعبة التي يمر بها عالمنا العربي الإسلامي من اعتقالات ومطاردات واحتلال اجنبي ووجود ما يزيد على 250 ألف جندي أجنبي على ترابنا الوطني من المحيط إلى الخليج نحتاج إلى وقفة تأمل تجمع أهل الرأي وهرم السلطة السياسية، هنا يأتي تفعيل قول الأمير عبد الله الداعي إلى جمع القادة مع أهل الفكر لتحديد المصطلحات ورسم خطط للمستقبل وإلا سنضل الحاكم والمحكوم والوطن فريسة للأعداء.
إني أدعو إلى إصلاح البيت العربي أولا وإجراء مصالحة وطنية بين الحاكم والمحكوم قبل أن نتطلع إلى خارج الحدود لاعتقادي بان العيب فينا لا في من حولنا، نحن أمة مكلفة من قبل الخالق عز وجل بنشر الإسلام الحق والدفاع عنه وعن المؤمنين به ومن حقنا أن نقول ذلك دون خوف من أي قوة في الأرض. الامبراطور بوش الابن يدعي بأنه المجدد للدين المسيحي بدون دليل ونحن بيدنا الدليل بأننا مكلفون بموجب نصوص قرآنية. فهل نتدبر قول الحق في هذا الشأن؟
المرحلة الثانية في مشروع سمو الأمير عبدالله وهي الدعوة لمؤتمر قمة إسلامية لمواصلة "رسالتنا التاريخية" تتم بعد إخراج قوات الاحتلال من العراق وقيام حكومة وطنية هناك وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وإجراء مصالحة وطنية بين الحاكم والمحكوم وضمان حرية التعبير لكل صاحب رأي، هنا يكون دورنا قويا وكلمتنا مسموعة في كل أقطار العالم الإسلامي ونستطيع التأثير في السياسة الدولية. أريد التذكير بالدور العربي في حقبة خمسينات وستينات القرن الماضي كم كان فاعلاً ومؤثرا وقفت إلى جانب قضايانا منظومة المجموعة الأفريقية والآسيوية وعلى رأسها الهند وكذلك معظم دول أمريكا اللاتينية وكذلك معظم الدول الأوروبية فما هو حالنا اليوم؟ انه الضعف والتفكك والتبعية والخوف من الآخر وهذه الطامة الكبرى.