أظهرت القمة الحكومية العالمية التي رعاها الشهر الماضي حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن 57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة والإلمام بمبادئ الحساب الاساسية، 13.5 مليون طفل عربي لم يلتحقوا بالمدرسة هذا العام، 30 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر، 8% زيادة في معدلات الفقر خلال آخر عامين، تريليون دولار كلفة الفساد في المنطقة العربية، 5 دول عربية في قائمة العشر دول الأكثر فسادا في العالم (الصومال، السودان، العراق، ليبيا وسوريا).

رغم أن العالم العربي يمثل 5% من سكان العالم، إلا أنه يعاني 45% من الهجمات الإرهابية عالميا، 75% من اللاجئين عالمياً هم عرب، 68%من وفيات الحروب عالمياً هم عرب، 20 ألف كتاب فقط ينتجها العالم العربي سنوياً أقل من دولة مثل رومانيا، 410 مليون عربي لديهم 2900 براءة اختراع فقط، يقابلهم 50 مليون كوري لديهم 20201 براءة اختراع. منذ عام 2011 حتى 2017 تم تشريد 14 مليون عربي داخل وخارج اوطانهم، منذ عام 2011 حتى 2017 خسائر بشرية تصل إلى 1.4 مليون (مليون واربعمائة الف) بين قتيل وجريح، منذ عام 2011 حتى 2017 تم تدمير بنية تحتية بقيمة 460 مليار دولار، منذ عام 2011 حتى العام الحالي خسائر في الناتج المحلي العربي بقيمة 300 مليار دولار.

لقد احتل العالم العربي منذ عام 2005 المركز الاول في العالم من حيث نسبة الامية بعد ان ازاح افريقيا من هذا المركز، وتحتل مصر المرتبة الاولى بحكم حجمها السكاني، يليها السودان فالجزائر ثم المغرب واليمن. أما الأمية التقنية وهي عدم القدرة على التعامل مع التقنيات الجديدة والتكيف معها وخصوصا تقنية المعلومات والاتصالات التي اصبحت سمة من سمات العالم الرقمي الذي تحتاج الجاهزية فيه الى تكوين مختلف عن التكوين الذي تعودنا رؤيته في مدارسنا التقليدية، فالعرب في ذيل القائمة.

أتعلمون لماذا انتصرت علينا اسرائيل في كل الحروب التي خضناها معها؟ اليكم الاسباب:

العالم العربي مجتمعا يخصص ما نسبته 0.3% (أي اقل من نصف في المائة) من مجمل الناتج القومي كميزانية للبحوث والتطوير العلمي، بينما تخصص اسرائيل 4.7% من مجمل الناتج القومي للغرض نفسه. على قائمة أفضل 100 جامعة في العالم، توجد ثلاث جامعات اسرائيلية مقابل صفر للعالم العربي. عدد اليهود في العالم لا يتجاوز 16 مليون (أي 4% من عدد السكان العرب)، منح 185 شخصا منهم جائزة نوبل منذ انشائها قبل اكثر من 100 عام، مقابل خمسة من العرب (ثلاثة منهم عن السلام). اما الدكتور "احمد زويل" رحمه الله الحائز على نوبل في الكيمياء فقد كان يعيش في الولايات المتحدة التي وفرت له كل الامكانيات التي مكنته من الحصول على الجائزة، ولو بقي في العالم العربي لدفنت كل مواهبه العلمية والشخصية. المضحك المبكي ان الروائي الكبير "نجيب محفوظ" رحمه الله، الحائز على نوبل في الآداب، كان تقديره وجزاؤه محاولة الاغتيال الآثمة من قبل أحد المعتوهين بالدين نتيجة التحريض واتهامه بالكفر، بدلا من اقامة تمثال له. 

يتوزع اهتمام المراكز البحثية في "إسرائيل" (عددها 43 مركزا) على جميع المجالات التي يمكن ان تحتاجها الدولة. ومن خلال استعراض الأبحاث التي تنشرها هذه المراكز، يمكن الادعاء بانه من الصعب ألا تجد مجالا أو قضية ذات أهمية تخدم المشروع الصهيوني إلا وتم بحثها في هذه المراكز. ورغم وجود مراكز بحثية ذات أجندات حزبية، يسارية أو يمينية، إلا ان مراكز الأبحاث الإسرائيلية بالمجمل تتفق على خدمة المشروع الصهيوني، وزيادة المناعة القومية لدولة اسرائيل. اخذت الدولة العبرية، المغتصبة لفلسطين، بأسباب القوة وهو العلم والعمل الجاد واحترام الانسان، فانتصرت علينا.


تقع مسؤولية هذا الوضع المتردي على انظمة الحكم العربية التي تفتقر سياساتها الى أي مشروع وطني للنهوض بشعوبها، يستلزم الاستثمار في التعليم وتعميمه وتطويره. فمشاريع انظمتنا الحاكمة، اغلبها تنحصر في تصدير المواد الخام وقطاعات السياحة والخدمات. والسياسة الاقتصادية تبذر في كل شيء، وتتقشف في قطاعات التعليم والصحة وانشاء المدارس والجامعات والمستشفيات ومراكز البحوث. وفي اغلب الدول العربية، يرى السياسيون في الناس الأميين قطيعا يسهل سوسهم وقيادتهم، فأصعب الأمور هو حكم شعوب متعلمة يعرفون حقوقهم ومطلعين على حقوق الآخرين وانظمة الحكم في الدول المتحضرة والمتقدمة، ويستطيعوا المقارنة بين هذا وذاك. 

وفي السياق نفسه، لا يمكن إعفاء المواطن العربي من المسؤولية تجاه تردي اوضاعه، فالتقارير التي تتناول موضوع القراءة في العالم العربي تشير الى وجود قطيعة حادة بين المواطن العربي والكتاب، وان معدل قراءة المواطن العربي هو ربع صفحة سنويا، بينما معدل قراءة المواطن الاسرائيلي سبعة كتب في السنة. وكلما سألت مواطنا عربيا عن سبب العزوف عن القراءة، جاءك الجواب الجاهز (لا وقت لدي)، بينما يقضي الكثير من المواطنين العرب ما لا يقل عن ساعتين او ثلاث ساعات يوميا في مشاهدة التلفاز، او الجلوس في المقاهي يدخنون الشيشة التي ادمنها الكثيرون، او الدردشة عبر الـ (WhatsApp). نحن الآن خارج التاريخ، نجتر الماضي ونبكي على حضارة بادت بسبب الجمود الذي أصاب كل مفاصل حياتنا منذ قرون طويلة.