بات واضحا ان لعبة جر الحبل بين القوى والاحزاب السياسية في إقليم كردستان قد بدأت بالفعل وبوتيرة متصاعدة , وخاصة بعد ان اتفقت (الاحزاب الكردستانية)* باستثناء ( حركة التغيير والجماعة الاسلامية ) على تحديد يوم 25 من أيلول المقبل لإجراء الاستفتاء على مصير الإقليم , وقررت الاحزاب المجتمعة تشكيل مجلس أعلى للاستفتاء برئاسة السيد (مسعود البارزاني) ، كما قررت تشكيل ثلاث لجان لزيارة الدول الإقليمية والعربية وبغداد لمناقشة مسألة الاستفتاء الشعبي على مصير إقليم كردستان.

قاطعت الجماعة الاسلامية وحركة التغيير والتي تتمتع بشعبية كبيرة في الإقليم وهي القوة الثانية في البرلمان بعد كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني ,وتمتلك 24 معقدا من اصل 111 ، قاطعت الاجتماع المذكور لاعتقادها ان معظم المواقف والقرارات السياسية المصيرية تصدر في اروقة وقاعات الاحزاب ووسط اجواء مشحونة يشوبها الحذر وانعدام الثقة والضبابيه والتوتر والغموض والتشنج , ودون مراعاة او مبالاة لقضايا الشعب المصيرية ولدور البرلمان الحقيقي باعتباره هو الجهة الرسمية التي يجب ان تحدد مصير شعب كردستان وباعتباره مرجعا للاحزاب السياسية الكردستانية . 

وتزامنا مع مقاطعة التغيير والجماعة الاسلامية التي تمتلك 6 مقاعد برلمانية , صرح الحزب الديمقراطي الكردستاني إن مسألة الاستفتاء على استقلال كردستان كانت بتوافق مع الأطراف السياسية الكردستانية واعتبر وقوف حركة التغيير ضد الاستفتاء هو عدم ثقة بمستقبل الشعب الكردستاني.

وهنا نسأل , هل يمكن اجراء الاستفتاء على مستقبل كردستان ( بمناطقها الخارجة عن ادارة الإقليم ) بمعزل عن نتائج دراسة الوضع الداخلي( الكردستاني والعراقي ) ناهيك عن الوضع الدولي والإقليمي ؟

في استفتاء الذي جرى عام 2005 في اقليم كردستان صوت اكثر من %98 من السكان على إستقلال كردستان، ماهي الاسباب الحقيقية التي ادت الى اعاقة العمل من اجل الإستفتاء والإستقلال في عام 2017 من قبل ثاني قوة برلمانية في الإقليم ؟ هل حقأ ان الدعوة الى الإستفتاء واستقلال كردستان مازالت مجرد كلام وذريعة للتنصّل من الفساد الحاصل في واردات النفط والعقود النفطية المريبة وذريعة لتأجيل الانتخابات العامة في الإقليم كما يقال ؟ هل حقأ ان الاستفتاء هو مشروع حزبي وسياسي لترسيخ مسار الزعامة البارزانية في الإقليم ؟ هل الإستفتاء مشروع وطني ام تمزيقي للمجتمع الكردستاني كما نراه اليوم ؟ هل الإستفتاء هو مطلب جماهيري لتصويب المشهد الكردستاني قبل الندم , ام هو بداية لمشاكل نحن بالغنى عنها ؟ هل حقأ الإستفتاء سيعزز موقف الإقليم في المفاوضات مع بغداد وان نتيجة الاستفتاء لا تعني( الانفصال والاستقلال )و لا أيضا ضم( كركوك , حانقين , شنكال ) ومناطق أخرى متنازع عليها إلى الإقليم كما سمعنا مؤخرا من الجهات المعنية في الإقليم ؟ ماهي قيمة الاستفتاء في ظل الخلاف السياسيّ الداخليّ بين ( الاخوة الاعداء ) وفي ظل أزمة الفراغ الدستوريّ وتفاقم المشاكل الداخلية ( السياسية والاقتصادية ) في الإقليم , فلا يزال برلمان الإقليم معطّلاً، والوزارات تدار بالوكالة ، ولا حلّ قريباً لأزمة الرئاسة ؟ هل من المعقول تشكيل ثلاث لجان لزيارة الدول الإقليمية والعربية وبغداد لمناقشة مسألة الإستفتاء الشعبي على مصير إقليم كردستان , ولا يتم تشكيل لجنة واحدة لحل مشاكلنا الداخلية في الإقليم والتي بدأت تظهر للعلن تزامنا مع موعد انتهاء ولاية السيد مسعود بارزاني ، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم خلاف سياسيّ حادّ بين (الديمقراطي الكردستاني) من جهة، و(الاتحاد الوطني وحركةالتغيير )من جهة ثانية ؟ ما هي فائدة الاستفتاء ورائحة الادارتيين الكريهة لاتزال تَزكُم الأُنوف بعد ان لم يبقى من برلمان كردستان سوى ( المبنى ورواتب النواب والغرف المهجورة ) ؟ 

كمراقب للشان الكردستاني , نقول بملء الفم وبضمير مرتاح و بكل صراحة ووضوح كما قلنا سابقا وكما اكدنا من خلال سلسلة من مقالاتنا السابقة ومازلنا نؤكد عسى ولعل قد يفيد التكرار: ان رفض سبيل السلم والمصالحة الحقيقية بين ( الاخوة الاعداء ) عمليأ و عدم تفعيل البرلمان( ممثل الشعب الحقيقي ) , سيعرض إقليم كردستان لاشد المخاطر , وفي مقدمتها التدخلات العسكرية السافرة , وسيؤدي حتما الى ارتهان القضية الكردستانية للقوى الاجنبية التي لامصلحة لها في حل النزاع والصراع الكردي ـ الكردي , واستتباب السلم والامن في الإقليم , ولا في تطور الاقليم وازدهاره , وهذا الموقف مرتبط مع موقف هذه القوى الاجنبية من الوضع في العراق والمنطقة عمومأ , بالضبط كما حصل في أب عام 1996 , اثناء الاقتتال الداخلي المدمر ( الجولة الثالثة)للاقتتال بين ( الديمقراطي والاتحاد ) , بعد ان جرت الاستعانة بالدول الاقليمية لتبديل موازين القوى الداخلية , بعد ان استعان الاتحاد الوطني ( بالدعم العسكري الايراني ), واستدعى الديمقراطي الكردستاني قوات (صدام حسين )لاجتياح مدينة اربيل في 31 اب 1996 .... 

ان الاستقلال لا يتحقق بالغاء الاخر وبقمع الحرية والتنكيل والترويع وتجويع ابناء الوطن وزرع الاحقاد القبلية والعشائرية والحزبية المقيتة وبتعطيل البرلمان والهيمنة الحزبية,وبتبادل الاتهامات .

كردستان تنتصر بارادة وعزيمة ابناءها وليس بتبادل الاتهامات وتخوين الاخر : ضدي, انت أبليس , معي , أنت قديس , ولاخيار ثالث ابدا , واذا انتقدت اربيل , انت مالكي ايراني , ان تنتقد السليمانية , انت اردوغاني طوراني , تنتقد الطرفين فانت شيوعي وضد السيادة والحرية والاستقلال , والاهم من كل هذا وذاك , ان هذه الاحكام الثقيلة والجاهزة غير قابلة للاستئناف اطلاقأ ....

نعم هذه هي صورة ( حرية الرأي والرأي الأخر في إقليمنا الذي نريد ان يستقل ويعيش شعبه في امان وراحة وطمانينة بعد ان عانى كثيرا ولايزال يعاني ....!!

والاسئلة الاهم التي تشغل اهتمامات المواطنيين في الإقليم وخارجه هي : الكل يعرف بان الشعب يقول (نعم ) للاستقلال ولاغيره في يوم 25 من أيلول المقبل , ولكن لماذا لم يُعلن او لم يحدد فترة زمنية معينة لتطبيق نتيجة الإستفتاء واعلان إستقلال كردستان ؟ وهل نتيجة الإستفتاء الشعبي تعني نهاية مشاكلنا ام بدايتها ؟ هل الاستقلال هو نهاية حكم عراقي سيئ أم مولد حكم كردي أسوأ ؟ هل تُستخدم (نتيجة الاستفتاء ) كورقة ضغط لتحقيق موقع تفاوضيّ أفضل مع بغداد وخاصة بعد تحرير العراق كاملة من سيطرة داعش , ام لا , تستخدم لاستقلال الإقليم ؟

لننتظر ونرى ما سيحدث .....!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الاحزاب والقوى السياسية الكردستانية التي شاركت في اجتماع يوم الأربعاء المصادف 7\6\2017 في منتجع صلاح الدين : الحزب الديمقراطي الكردستاني , الحزب الاتحاد الوطني الكردستاني , الاتحاد الإسلامي الكردستاني , الحركة الإسلامية الكردستانية , الحزب الشيوعي الكردستاني , الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني , حزب كادحي كردستان ,حزب العمال والكادحين الكردستاني ,حزب الاصلاح الكردستاني ,قائمة تركمان أربيل ,جبهة تركان العراق ,حزب التنمية التركمانية ,قائمة الأرمن في برلمان كردستان ,حركة الديمقراطي الاشري ,المجلس الشعبي الكلداني الاشوري