مع تقادم الوقت الذي حدد للاستفتاء على استقلال اقليم كردستان العراق، صار الحديث يزداد طرديا مع التساؤلات الموجبة لهكذا عملية، التي تأخذ من الجهد العملي والنفسي الكثير، سواء كانت النتيجة سلبا او ايجابا، برغم قناعتنا بان عملية الاستفتاء محسومة مسبقاً، وذلك بحسب تطلعات حلم الشارع الكردي، والتي تأتي بعاطفية اكثر للاستقلال، باعتبار انهم يناضلون لهذا الهدف من امد بعيد.

وفي ضوء الشارع، وما يحتويه من مضادات ومقبلات، طرحت الاحزاب الحاكمة في الاقليم والمتنفذة، فكرة الاستفتاء، لطمأنته، اي الشارع الكردي، بانه لا يزال يناضل من اجله، ومن اجل الحصول على استقلاله، وان ما يجري ضغوط على المواطن، هو نتيجة للمطالبة باستقلاله، وهو بذلك ينأى، بنفسه على الاقل، عن اسباب التدهور الاقتصادي في الاقليم ومشاكله الاخرى ويحمل الحكومة المركزية اسبابها، وبالتالي فهذه الاحزاب تحاول تقوية مواقعها، وتثبت اقدامها، وتزيد من تعلق الشارع بها، الذي سوف يعتبرها الاكفأ في قيادة الكرد في تحقيق الاحلام.

تبدو عملية الاستفتاء هذه بالون اختبار، لكن اضعف بالون اختبار كردي... لماذا؟

اولاً: لعلم طارحي فكرة الاستفتاء، ان اللاعبين الاقوياء في المنطقة، من اميركا وبريطانيا، كذلك الذين يجاورون الاقليم هم غير موافقين على اجراء هذا الاستفتاء.

ثانيا: لعلمهم انه حتى لو وافقت الدول الكبرى على الاستفتاء فان الموافقة هي لزيادة التوتر في هذه المنطقة الملتهبة، خصوصا وان داعش في طور الهزيمة والاضمحلال، وضرورة ان يستجد وضع قلق في هذه المنطقة لضمان استمرار المنافع التي تدر الملايين عليهم، وبالتأكيد فان احسن ورقة يتم طرحها في هذا الوقت هو الخلاف العربي الكردي، الايراني الكردي، والتركي الكردي.

ثالثا: لعلمهم ان هذه الدعوة هي فقط لمجرد صب الماء البارد على حلم الشارع الكردي الساخن بإقامة الدولة الكردية المستقلة.

رابعاً: لعلمهم ان امكانيات ومقومات الدولة ليست متكاملة لإعلان دولة الكرد المستقلة، فالخلافات لا تزال جوهرية بين الفصائل الكردية، بدليل اصابة البرلمان الكردي بالشلل، كذلك تردي الوضع الاقتصادي الذي يعتمد على مساعدات الحكومة المركزية، بدليل عدم صرف رواتب الموظفين، ومنذ فترة ليست بالقصيرة. ولعلمهم بان حلم الاعتماد على كركوك، هو من الصعوبة بمكان، ان يتم بذل الغالي والنفيس من قبل الحكومة المركزية قبل ان يتم خسارتها لأي مكون يحاول الاستقلال.

خامسا: لعلمهم بان الاستفتاء على الاستقلال، ومن ثم الاستقلال سيزيد من عدد الدول التي تتنازع مع الكرد، وبالتالي ستزداد المآزق، داخل الاقليم، مما سيؤثر سلبا على جميع انظمة الاقليم ويؤثر على الفرد، وبالتالي تزداد الضغوط على الاحزاب المتنفذة الحاكمة، قد تصل الى حدود انهيار هذه الاحزاب بسبب تردي الوضع، وهذا ما لا تستطيع الاحزاب المتنفذة ان تتحمله.

سادساً: لعلمهم بالحصار الذي سيفرض من كافة الجهات على الاقليم، حتى وان كان غير معلنا، مما سيسبب خنق المنظومة الاقتصادية في الاقليم، ويؤدي بالتالي الى نشوء تيارات متعاكسة في الاقليم نفسه تؤدي الى تقسيمه هو ايضاً، ويصبح توحيده صعبا مرة اخرى، مما يتطلب نضال آخر تدخل فيه فلسفة الوحدة، وما يصاحبها من معوقات.

ان في الاستفتاء سذاجة، لان الجميع يعلم بان الاستفتاء هو لأجل الاستفتاء، وليس للاستقلال، ومع ذلك فان الاقليم سيقوم بزيادة عبئ المواطن من خلال هدر الوقت والمال الازم لهذا الحلم، في حين ان المواطن الكردي في امس الحاجة لمتطلبات الحياة في هذه المرحلة.

على الرغم من ان الاستفتاء نتائجه محسومة بنعم كما ذكرنا آنفاً، الا انه لا يمثل الا بالون اختبار للواقع العالمي، والاقليمي والمحلي تجاه الاستقلا