كردستان قادرة على أن تمنح الخير وأن تمنع كل اعتداء..صباح أمس الاول زار رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني مدينة كركوك يرافقه في ذلك وفد رفيع المستوى من كافة الاحزاب الكردستانية في محاولة لطمئنة مكونات كركوك بان الدولة الكوردستانية القادمة ستكون ملاذا آمنا للجميع وسينعم الجميع بكل أطيافهم ومكوناتهم من الكرد والعرب والتركمان والمسيحين بكافة حقوقهم القومية والدينية وأن القيادة الكردية مؤمنة بمبدأ الشراكة بعكس بغداد التي رفضت كل انواع الشراكة ولم تؤمن الا بلغة التهديد والوعيد وقطع الارزاق وقد رفض بارزاني كل انواع التهديدات الموجهة لكردستان سواء من بغداد أو من الدول الاقليمية مبنيا للجميع أن الشعب الكردي لايريد الحرب لكنه يمتلك الحق الكامل للدفاع عن أرضه وشعبه ومقدساته وكل مكوناته...ان مدينة كركوك و التي تعتبرها الأكراد جوهر القضية الكوردية بحيث حاولت بغداد و الدول المجاورة الترنح في تطبيق المادة المتعلقة بالمدينة و عدم عودتها الى أحظان الاقليم والمهم أن الطرف الكوردي لايتنازل عن ( المدينة الفاضلة) كركوك مهما بلغ الصراع ذروتها و مهما كلفهم ذلك من تضحيات لا لكون المدينة غنية بالنفط بل لكونها تمثل رمزا قويا من رموز النضال الكوردي ولا تنازل عن كركوك إلا في حالة واحدة و هي عندما يلج الجمل في سَم الخياط..وأضاف بارزاني نحن دعاة سلام وكنا كذلك طيلة الاعوام السابقة لكن عندما يفرض علينا الحرب سنكون بالمرصاد لكل محاولة اعتداء.وبلاشك ان أحداث الربيع العربي على الرغم من توقع الغرب المسبق لها كما بشرت بها كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية الاسبق في حرب تموز عام 2006 تمثل ميلادا جديدا لشرق اوسط جديد تاكيدات جاءت من (رايس) رمز من رموز المصالح الغربية في الشرق الاوسط و رأس الحربة في الادارة الامريكية آنذاك.. لذا بدأ التغيير تزحف الى عدة أقطار فهي ظاهرة أكثر منه حدثا كما انه نتيجة ونقلة نوعية للاوضاع في بعض الدول الشرق أوسطية ولم يكن لها ان تبدأ لولا اننا دخلنا في عصر الجماهير. اننا امام مشهد غير مسبوق قد يفتح الباب للشعوب المقهورة لتاسيس الدولة الديمقراطية العصرية.. ولو خصصنا بالذكر الشعبين الكردي والفلسطيني بالكلام فاننا نرى في كثير من الاحيان نعت البعض للدولة الكوردية بأنها اسرائيل ثانية في قلب الشرق الاوسط الى درجة ان شعور الرفض والكراهية ازاءها تتجاوز شعور الحقد والكراهية تجاه دولة اسرائيل والحق ان هذا السلوك السياسي الانطوائي يتضمن ازدواجية صارخة تجاه الحقوق المشروعة للشعبين الكوردي والفلسطيني معا. وذلك لان التعامل مع حقوق الشعب الكوردي لا يحتاج الي ادخال مصير هذا الشعب في معمعة وتفاعلات الصراع العربي الاسرائيلي بجميع جوانبها وتداعياتها بغض النظر عن توجههم في مسألة الاستفتاء التي تقام في غضون الايام القادمة في اقليم كردستان وهي صيغة اقرب الي صيغة واقعية تتفق مع حقيقة الاوضاع في عراق اليوم. وهذه المسألة المصيرية و بكل اسف عندما تطرح على بساط البحث والواقع تبدو أعقد من هذا التبسيط مع هذا فان الظرف التاريخي والمعطيات الدولية في المنظور القريب سوف يساعد أكراد العراق على تحقيق رؤاهم بقرب المنال..ومعروف للكل ان القيادة الكوردية في اقليم كردستان تقمصت صيغة من صيغ التعايش السلمي مع المكونات العراقية الاخرى مع الاخذ بنظر الاعتبار ان تاريخ وجغرافيا اقليم كردستان يفرضان مقتضياتهما وبامكان الدول العربية الشقيقة التعامل معها وقبولها...لان اقليم كردستان لايمكن ان يكون عراقية وعربية في آن واحد وهذا ما اقره مواد الدستور العراقي الجديد بقوله ان الشعب العربي في العراق جزء من الامة العربية واذا تحدثنا عن الجانب الامريكي بوصفه لاعبا ومحركا اساسيا في معادلة تتعامل مع المعطيات الموجودة في المنطقة فهي تعلم جيدا ان العراق مهم جدا وليس من السهل مغادرته علي عجلة. وتعامل الولايات المتحدة مع هذا الملف يقتصر علي اربعة محاور، المحور (العراقي الايراني التركي السوري) ففي المحور العراقي تحاول امريكا خلق قاعدة امريكية لنفوذ واشنطن في هذا البلد.. وهذه المحاور تنظر اليها واشنطن بعين الجد والاعتبار وتعطيها أهتماما واسعاً وتوفر لها جل أمكاناتها السياسية والعسكرية و الاقتصادية واللوجستية. وبينما يزداد الرمق الامريكي للنيل من مناوئيها سواء كانوا دولا أم حكومات أم جماعات اصولية متطرفة.وفي ظل هذا الانكماش المتأزم للأوضاع تسعى أمريكا الى بناء قواعد جديدة لها في بعض مناطق العالم كبناء الدرع الصاروخي في (بولندا).ويبدو أن هذا العدد من القواعد العسكرية لا يشفي غليل الادارة الامريكية فهي بحاجة الى العديد من الثكنات العسكرية المتطورة. وكردستان أحدى هذه المحاور المهمة التي تسعى امريكا الى البقاء فيها أطول مدة ممكنة بناء على أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية وموقعها الجغرافي الحساس. في حين أن الذي لا تطمئن اليه أمريكا في العراق نفوذ ونشاطات الجماعات الاصولية كالقاعدة وبقايا حزب البعث المنحل والمد الايراني في العراق بشكل خاص ومساعي بعض الدول المجاورة الى زلزلة وجود الامريكان في هذا البلد.وفي المقابل عندما تجد الولايات المتحدة لنفسها في العراق منطقة آمنة جدا وهي (كردستان) فهي امنة سياسياٍ لخلوها من القاعدة والتطرف و البعث وتتمتع باستقلال أداري لافت للنظر ولا يحمل سكانها تحسسا للوجود الامريكي في مناطقهم كرد فعل لما أصابهم في السابق من ويلات على يد الانظمة العراقية السابقة والاهم من ذلك أمتداد حدود أقليم كوردستان مع ايران ومع سوريا وتركيا والعراق الذ أصبح ايرانيا أما تركيا فقد بدات الجماعات الاسلامية فيها بالوصول الى دفة الحكم كحزب العدالة والتنمية ومحاولة بسط أفكارها في تركيا العلمانية المعتمدة على المساعدات الامريكية الى حد ما والتي بات ضئيلا خاصة بعدما لم تسمح تركيا لمرور القوات الامريكية عبر أراضيها لأسقاط نظام صدام مخافة أن يؤدي ذلك في المستقبل الى تأسيس دولة كوردية مستقلة والتي لايرجو الاتراك والايرانيين وعملاءهم في العراق وسوريا لقاءها في كل الاحوال.لكن السؤال المحوري هو: هل تحدث مواجهة سياسية بين تركيا والولايات المتحدة بسبب اصرار تركيا علي منع قيام دولة كوردية حاضنة لكورد العراق؟ في حين تصر امريكا علي مساندة الكورد لاسباب تخص الامن القومي الامريكي الحساسة جدا ازاء اي تصرف اوتحرك دولي تمليها ماكنة الرقابة السياسية في البنتاغون. وهل هذا الموقف التركي مساندة لسياسة امريكا في المنطقة؟ ام الحسابات الامريكية تفترق علـــــي الاولويــــة بالنسبة لكورد العراق ومن المفيد القول ان الكيان الكوردي القادم قد يكون جزءا من الصراع بين واشنطن وطهران أيضا.. وامأ الورقة الكوردية في سوريا فسوف تستخدم في سياسة الاستهداف الامريكي لسوريا (لكن عند اللزوم) وان كان اثرها محدودا بالنظر الي نسبة الكورد في سوريا مع النظر بالاعتبار اتصالهم مباشرة باكراد تركيا جغرافيا. برأينا ان بناء الدولة الكوردية خطوة بخطوة يفيد الجانب الأمريكي والعربي والتركي والاسرائيلي معا. ويفيد أمريكا للأسباب التي ذكرناها والذي بات أمرا ضروريا ملحاً بمرور الايام وكلما وجدت امريكا أمنها في خطر بحثت ماكنة الرقابة السياسية في واشنطن عن بدائل أخرى كضمانة مستقبلية للأمن القومي الامريكي. نعود ونقول أن الاخوة العرب عليهم الابتعاد عن مخاوف تأسيس الدولة الكوردية لأن الكورد لم يشكلوا ولن يشكلوا خطراً على الامن القومي العربي الان وفي المستقبل ودليلنا على ذلك أن الكورد وعلى مدى التاريخ قدموا خدمات جليلة جدا للدين الاسلامي الحنيف والثقافة العربية بدءاً بـ(كابان) الصحابي الجليل للرسول الأعظم (محمد) عليه أفضل الصلاة والسلام ومرورا بـ صلاح الدين الايوبي و مصطفى بارزاني والذي تمتع بعلاقات طيبة جدا مع العشائر العربية والقادة العرب وعلى رأسهم الرئيس جمال عبدالناصر وغيره من القادة العرب.. وفي نهاية المقال ليس لنا ألا القول:نحن بأنتظار ما تأتي به الأيام الحبلى من مفاجئات.