ذكرت في المقال السابق إن جزء من حل القضية الكردية حلا جذريا، يكمن بمجرد "تطبيق الدستور" وخاصة المادة الأولى منه التي تصف النظام في العراق ب"الإتحادي"، بينما النظام الحالي -كما ذكرت في مقالي السابق- ليس فيدراليا، وينبغي أن يكون للجزء العربي من العراق سلطات إقليمية ومن الإقليمين العربي والكردي تتكون السلطات الإتحادية كما يفترض بالنظام الفيدرالي. بعض الإعتراضات على هذه الفكرة التي هي مجرد تطبيق صحيح لمادة دستورية، تكمن في الأعباء المالية التي ستنشأ نتيجة إنشاء المؤسسات الخاصة بالإقليم العربي، مثل مجلس نواب الإقليم ومجلس وزراءه، والحقيقة إن هذا الموضوع يمكن علاجه من خلال تقليص أعضاء مجالس المحافظات إلى النصف، ومن خلال تقنين الرواتب في المؤسسات الرئاسية كافة والتي لازالت دون غطاء قانوني. ولازالت خيالية ولا زال ثمة من يأخذ أكثر من راتب من بينها.
الخطوة الأخرى التي تعزز النظام الإتحادي هي إنشاء مجلس الإتحاد الفيدرالي، ولغرض إنشاء هذا المجلس ينبغي اولا تعديل المادة (65) من الدستور الخاصة بسن قانون لتأسيس المجلس، على وفق المادة (126) من الدستور الخاصة بإجراء التعديلات الدستورية، وليس المادة (142) التي تتعلق بإجراء مجموعة كبيرة من التعديلات كان ينبغي أن تتم بالدورة الإنتخابية الأولى لمجلس النواب وهي من المواد الإنتقالية. والمقترح الذي أطرحه هنا لمجلس الإتحاد هو أن يتكون من الأشخاص الحاصلين على أعلى الأصوات في محافظاتهم بإنتخابات مجالس المحافظات بواقع عضو واحد لكل 500 الف نسمة-مثلا- وأن يضم في عضويته رؤساء الجمهورية، ورؤساء الوزاء، ورؤساء مجلس النواب السابقين ولدورتين إنتخابيتين حسب، وأن تحتسب عضويتهم من حصة محافظاتهم. بهذا نكون قد مثلنا محافظات الإقليمين في مجلس الإتحاد، وأنشأنا سلطاته الإتحادية، شريطة أن يرافق ذلك إنشاء المحكمة الإتحادية للفصل في تنازع الصلاحيات. وبمناسبة الصلاحيات، ينبغي أن يمنح مجلس الإتحاد صلاحيات حل أي مجلس من مجالس النواب في الإقليمين أو حل أي مجلس من مجالس المحافظات بناءا على طلب 25% من مواطني ذلك الإقليم او تلك المحافظة كي نضمن حق وصوته في الإعتراض على سلطاته المحلية حين تخفق في أداء واجباتها او حين ترتكب جرائم فساد وهدر أموال الإقليم أو المحافظة.
كنت قد كتبت بمساعدة اساتذة قانون وعلوم سياسية، مقترح دستور بديل عن الدستور الحالي، ونشرته كملحق في كتابي (العراق-دعوة للتغيير)، وقد نوقشت فيه كافة التفاصيل المتعلقة بتكوين مجلس الإتحاد وصلاحياته، وحله، وفيما يلي بعض المواد الخاصة بمجلس الإتحاد-للإستئناس بها- لمن يود الإطلاع:
المادة ( ):
أولا: تتكون السلطة التشريعية (البرلمان) من مجلسي الإتحاد والنواب يمثلون الشعب العراقي كافة وكما يلي:
1) مجلس الإتحاد:
ا) يتم إنتخاب أعضاء مجلس الإتحاد، من المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من أصوات الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات التي يتم إجراؤها في منتصف دورة مجلس النواب، وحسب النسبة السكانية لكل محافظة وبنسبة عضو لكل 500 الف نسمة من نفوس المحافظات، ودون تمييز على أساس القومية أو الدين أو المذهب أو الجنس، ويتم تعويض مقاعدهم في مجالس المحافظات من مرشحي نفس الحزب أو الكتلة التي ينتمون اليها، اما اذا كان المرشح مستقلا فيترشح بديل عنه لشغل مقعده في مجلس المحافظة الذي يليه بعدد الأصوات.
ب) يضم المجلس في عضويته كل من رؤساء الجمهورية السابقين ورؤساء الوزراء السابقين ورؤساء البرلمان ومجلسيه السابقين ولدورتين إنتخابيتين سابقتين حسب، ويتم إحتساب عددهم من حصة محافظاتهم، وفي حالة تجاوزالعدد حصة المحافظة يتم إدراج المتنافسين في القائمة الإنتخابية لأعضاء مجلس الإتحاد في تلك المحافظة.
ج) إذا كان الفائز في الفقرة (أ) لا تنطبق عليه شروط الترشيح فيتم إختيار الذي يليه بعدد الأصوات في تلك المحافظة،وإذا كان العضو المرشح في الفقرة (ب) لا تنطبق عليه شروط الترشيح، فيتم إستبعاده من عضوية المجلس.
د) يشترط في المرشح لعضوية مجلس الإتحاد ان يكون عراقياً كامل الأهلية، قد أتم الأربعين من عمره، وحاصل على الشهادة الجامعية الأولية.
ه) يقوم مجلس الإتحاد بكتابة نظامه الداخلي، ينظم فيه عملية إنتخاب رئيس المجلس ونائبيه، وطريقة عمله وعملية التصويت على القوانين ومناقشتها، وضوابط عمل أعضاءه ودوامهم في الفصول التشريعية المقررة والعقوبات التي يجيزها القانون على أعضاءه عند إرتكابهم مخالفات قانونية أو إدارية،ويعالج حالات استبدال اعضائه عند الاستقالة أو الاقالة أو الوفاة، ويكون للنظام قوة القانون.
و) لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الإتحاد، وأي عملٍ، أو منصبٍ رسمي آخر.
ز) يعتبر عضو مجلس الإتحاد ممثلا للشعب العراقي وليس لقوميته أو دينه أو مذهبه أو جنسه أو منطقته الإنتخابية.
ح) يعد عضو المجلس الذي يتغيب مدة شهربدون عذر مشروع مستقيلا، ويتم إستبداله فورا من محافظته بالمرشح الذي يليه بعدد الأصوات في الإنتخابات التي ترشح فيها.
يمكن الإطلاع على كامل مقترح الدستور البديل في كتابي المشار إليه أعلاه وعلى الموقع (www.morebooks.me)
بالطبع يبقى المقترح أعلاه خاضع للتعديل والإضافة من ذوي الإختصاص، على أن لا تتغلغل المصالح الفئوية في الحديث عن إيجاد حل حقيقي لوضع العراق الحرج بما في ذلك إقليم كردستان والعلاقة بينه وبين الجزء العربي من العراق.