جنسيتي "عراقية " وبشهادتها بصمت على دستور البلاد.. جواز سفري " عراقي" به سافرت الى كل الدنيا.. بطاقتي الشخصية " عراقية " أضعها بجيبي وأتفقدها بين حين وآخر خوفا من ضياعها. لأنها وثيقة إنتماء الى بلد اسمه العراق..

 نعم، أنا عراقي بوثائق ولكن بلا إنتماء..أعيش ما وراء حدود العراق الوهمية في منطقة تسمى ( المتنازع عليها)!.والمنازعة ليست بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا بين إسرائيل ومصر، ولا بين الهند والباكستان، بل بين من وقعوا على عقد إسمه ( دستور العراق )!.

هذا الدستور ينص على أن الحكم في العراق، ديمقراطي تعددي برلماني.. ولكن في منطقتي، هو حكم دكتاتوري قمعي تسلطي رئاسي !.

الدستور يقول بأن النفط ملك للشعب، ولكن في منطقتي أصبح النفط ملكا لعائلة الرئيس وأبنائه وأحفاده !.

الدستور يقول بأن العراق كيان إتحادي من البصرة الى زاخو، ولكن في منطقتي نصبت سيطرات تفصل شرق كردستان عن غرب كردستان !.

أجرينا إستفتاء لفصل إقليم كردستان عن العراق ، ولكنه تسبب بفصل نصف كردستان عن ربع كردستان !.

أفقدنا الدكتاتور الكردي هويتنا الوطنية بشعارات قومجية، فخسرنا جميع مكاسبنا وحقوقنا الوطنية !.

آن الأوان لكي نستعيد تلك الهوية وذلك الإنتماء. فالإستفتاء أصبح من الماضي كما قال السيد العبادي، وتبين للشعب الكردي بأنه كان مجرد خدعة حاول بارزاني ومرتزقته من خلالها تثبيت وترسيخ سلطته الدكتاتورية الى الأبد.. والآن حان الوقت لنسأل: ماذا بعد؟؟ ماذا نفعل لكي لا تعود دكتاتورية آل بارزان الى حكم كردستان ؟. الجواب، بأعتقادي بأن الجزء الأكبر من المسؤولية تقع اليوم على عاتق السلطة الإتحادية، وعليها أن تسرع بإتخاذ الخطوات التالية:

1- إلغاء منصب رئاسة إقليم كردستان وذلك للحيلولة دون وقوع كوارث مستقبلية بنشوء الدكتاتورية والإكتفاء بالسلطتين التشريعية( البرلمان) والحكومة الإقليمية كما كان الأمر قبل عام 2005، حيث أن منصب رئيس الإقليم تم صنعه فقط ليكون مسعود البارزاني القائد الأوحد ورئيسا فوق جميع سلطات الإقليم التنفيذية والتشريعية والقضائية.

2- الإسراع بتنظيم إنتخابات برلمانية بإقليم كردستان بالتزامن مع الانتخابات العراقية القادمة عام 2018، وذلك تحت إشراف مفوضية الإنتخابات العليا المستقلة بالعراق وبالتعاون مع مفوضية كردستان لضمان شفافيتها وعدم حصول التزويرات التي إعتدنا عليها من قبل حزب بارزاني.

3- وقف جميع أوجه التعامل مع حكومة الإقليم الحالية بقيادة نيجيرفان البارزاني الى حين تشكيل حكومة إنقاذ وطني خارج سلطة البارزانيين ودعاة الإنفصال، أو تشكيل حكومة ديمقراطية حقيقية منتخبة من قبل الشعب.

4- يجب التفريق بين القوى السياسية المتطرفة التي تسعى لتمزيق العراق، وبين الجهات التي تريد التعايش ضمن البلد الواحد. ويجب محاكمة كل الذين دعوا الى إنفصال الإقليم عن العراق ، ومصادرة أموالهم المسروقة من ثروات الشعب وإعادة توزيعها على المواطنين الذين تجرعوا معاناة قطع أقوات أطفالهم طوال السنوات الماضية.

5- التحقيق في كل جرائم قتل الصحفيين والكتاب والمثقفين الكرد على يد أجهزة مخابرات نظام البارزاني وبالأخص جهاز ( الباراستن ) الذي يترأسه مسرور البارزاني والذي يعتقد ضلوعه في تلك الجرائم ، وإلغاء مجلس أمن الإقليم الذي تأسس لمصادرة الحريات وقتل معارضي نظام البارزاني..

6- يجب على الأجهزة الإتحادية أن تعود الى محافظات كردستان وتنسق العمل مع الأجهزة والمنظمات والهيئات الرديفة لكي يكون هناك تنسيق وإشراف ومراقبة مباشرة من الهيئات الإتحادية مثل ( مفوضية الإنتخابات، حقوق الإنسان، النزاهة، الرقابة المالية ، الإعلام والمنظمات الثقافية) للهيئات الفرعية بالإقليم.

7- يجب أن تتعاون السلطة القضائية العليا العراقية مع الجهات القضائية بكردستان من أجل إنقاذ قضاء كردستان من تحت هيمنة الأحزاب السياسية، والعمل بجدية من أجل تأمين إستقلاليته ليكون جهازا فعالا في مراقبة مؤسسات الحكم بكردستان وليس جهازا مكرسا لخدمة أهداف الأحزاب

8- من المعيب جدا أن يطلق على إقليم كردستان العراق توصيف " شمال العراق" لأن الدستور العراقي يعتبر المنطقة إقليما معترفا وفق الدستور، وأن الشعب الكردي ناضل لثمانية عقود من خلال ثورات متعاقبة لتثبيت هذا الكيان " الإقليم" بدستور العراق، فلا يحق لأي كان أن يصف كردستان بشمال العراق، بل يجب إحترام مشاعر الشعب الكردي وعدم إذلاله والإلتزام التام بنصوص الدستور والتخلي عن التوصيفات العنصرية الحاقدة لأنها تثير الإشمئزاز وتزيد الشحن القومي.

ان الوضع المرتبك الحالي يحتاج الى حلول عاجلة والى ضمانات من السلطة الإتحادية بصدق نواياها ومضيها نحو إجراء تغيير حقيقي في الأوضاع المزرية بإقليم كردستان بعد عودة السلطة الدستورية لكي يقتنع المواطن الكردي بأنه تم طي صفحة الدكتاتورية والقمع السلطوي وأصبح هناك فرصة لبناء ديمقراطية حقيقية في الإقليم بعيدا عن أيدي البارزاني ومرتزقته