عندما استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية شاع عند الكثير أن البابا تواضروس لم يحمل الصليب! رغم أن الصليب مرسوم على لباسه الديني, تكرر نفس الأمر عند زيارة البطريرك اللبناني الماروني بشارة الراعي, ردود الأفعال السلبية كانت نتيجة لمعلومات مغلوطة تم ترسيخها لدى الكثير من المسلمين من معلمي المواد الدينية تجاه الديانة المسيحية, من جملة ذلك أن المسيحيين يعبدون الصليب! فهل نرضى بأن يقول عنَّا الآخرون بأننا نحن المسلمين نعبد الكعبة؟ بالطبع لا، فالكعبة مكان مقدَّس عندنا، وكذلك الصليب رمز مقدَّس عند المسيحيين، ولستُ هنا أدافع عن المسيحيين، وإنما خلافنا معهم لا يعطينا الحق لكي نفتري عليهم ونشوِّه صورتهم، فالمسيحيين لا يعبدون الصليب وإنما يفتخرون به لأنه وبحسب اعتقادهم رمز للخلاص ورمز لانتصار الرب على الشيطان(الرب هنا يعني الله الظاهر في الجسد حسب الاعتقاد المسيحي)، وهذا ما ورد في كتابهم المقدَّس في رسالة بولس: (وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح)، وهذا يقودنا إلى اعتقاد آخر خاطئ أيضاً، وهو أن يسوع(عيسى) هو ابن الله, أي أن الله تزوج ثم أنجب ابناً! وهذا ما يعتقده الكثير من المسلمين، لكن في الحقيقة المسيحيين لا يقولوا بذلك، وإنما الابن هو تعبير مجازي فقط، وأن هذا الابن(يسوع) هو الله الذي أخذ صورة الناسوت ليُصلب عن البشرية ويُكفِّر عن خطاياهم التي حملوها بسبب خطيئة آدم أبو البشر، فالابن هنا يشكِّل أقنوم من الأقانيم الثلاثة التي تُكِّون في مجملها إله واحد، ويمكن اعتبار هذه الأقانيم الثلاثة بمثابة وظائف مختلفة، وهذا الاعتقاد يدخل فيه أيضاً اعتقاد خاطئ، وهو أن المسيحيين يعبدون أكثر من إله، والواقع أنهم يعبدون إله واحد عبارة عن ثلاثة أقانيم، لذا نجد المسيحي قبل أي عمل يقول: باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين، فالآب عندهم هو الرب الموجود منذ الأزل، والابن هو الله الظاهر في الجسد، والروح القدس هو روح الله الذي يعزي المؤمنين ويعطيهم المواهب كالقوة والحكمة والمعرفة والتواضع وغيرها.
تلك عقيدتهم، وهذه عقيدتنا، من حقهم أن يفتخروا بدينهم، ومن حقنا أن نفتخر بديننا، يجب أن نحترمهم وكذلك هم يجب أن يحترموننا، تتعدد الأديان لكن تجمعنا كلمة(إنسان)، ثم إن الله كان يقدر أن يجعلنا جميعاً على دين واحد، لكن كانت هذه إرادته أن نختلف في أدياننا ولكن لا نختلف في إنسانيتنا.
(إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).