الثورة الإسلامية الإيرانية لا تعرف حدودا معينة: 
لم تكف إيران باعتبارها قوة إقليمية محملة بأحلام التوسع الفارسي في الشرق الاوسط يوما ما طيلة السنوات السابقة عن تدخلاتها السافرة في الشؤون العراق الداخلية والمنطقة بشكل عام، فمنذ إستقلال إقليم كوردستان العراق إداريا وسياسيا عن بغداد،حاولت إيران بكل جهدها تعكير وتخريب الوضع الأمني المستقر في الإقليم، وتشتيت القوى الكوردية وتمزيق النسيج الكوردي، وتاجيج الصراعات الداخلية في الإقليم بكل الإمكانيات المتاحة. 
بدأت إيران منذ عام 1991 بتنفيذ خطتها المسمومة والشريرة لزعزعة الوضع في إقليم كوردستان، من خلال تدخلاتها (السياسية والعسكرية وفرض هيمنتها الاقتصادية) التي ادت الى تدميروتخريب البنى التحية في الإقليم، وإشعال شرارة حرب داخلية بين الأحزاب الكوردستانية للقضاء على الاستقلال السياسي والاقتصادي الكوردي للأبد وتقسيم الاقليم الى (إدارتين و إرادتين )، كما نجحت طهران في تحويل العراق إلى دولة تابعة ضعيفة لها بحكم علاقاتها القوية مع بعض القوى السياسية المتنفذة داخل العراق، إضافة إلى تحويل ( سوريا واليمن ولبنان وأفغانستان وباكستان ) إلى ساحة لخدمة مشروعها التوسُّعي بمساعدة عدد من الأحزاب والجماعات والجهات المتنفذة والمتسلطة والموالية لها, على اساس أن (الثورة الإسلامية الإيرانية لا تعرف حدودا معينة ).
وحسب تصريح العقيد( أحمد غلامبور)، أحد أبرز قيادات الحرس الثوري الإيراني سابقا والأستاذ في جامعة عسكرية بطهران, فقد أكّد في مقابلة مع وكالة فارس نيوز: أنّ ( أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم)، وبناء على ذلك وبفضل الاستراتيجيات التي وضعها المرشد (خامنئي) فإننا نقلنا معركتنا مع العدو إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن وأفغانستان وباكستان، وعليه تمكنت طهران من إبعاد المواجهة مع العدو إلى آلاف الكيلومترات عن مركز الثورة الإسلامية إيران). 
ايران لم تلتزم بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل بشؤون الاخرين:
يعاني (إقليم كوردستان) بشكل خاص من الإرهاب الإيراني،وراح ضحية أعمال إيران الإجرامية كثير من الشهداء بين صفوف المدنيين ومئات من الجرحى في الإقليم وخاصة من سكان القرى الحدودية المغدورة الذين اصبحوا ضحية لصواريخ وراجمات (الجارة السيئة جدا )جمهورية إيران الإسلامية منذ عام 1991 ولحد هذه اللحظة بحجة وجود قوات المعارضة الايرانية في تلك المناطق، و على الرغم من استهجان واستنكار برلمان إقليم كوردستان لعمليات القصف المستمر التي تتعرض إليها قرى كوردستانية على الحدود مع تركيا وإيران والمطالبة بعدم تكرار مثل هذه الأعمال العدوانية التي تتناقض مع مبادئ حسن الجوار ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، الا إن إيران لم تكف عن تدخلاتها السافرة في الشؤون العراقية ولن تتوقف عن نشر الأيديولوجيا الطائفية والإرهاب في العراق ودعم الميليشيات التابعة لها في العراق، وبدل ان تتفرغ ايران لمشاكلها وأزماتها الداخلية التي تقمعها بقوة, اكد المرشد الإيراني علي خامنئي في كلمة القاها قبل فترة في ساحة (الخميني) في وسط طهران وبثها التلفزيون الحكومي مباشرة وقال نصا: ( ان جمهورية ايران الاسلامية لن تتخلى عن دعم اصدقائها في المنطقة، والشعبين المضطهدين في فلسطين واليمن والشعبين والحكومتين في سوريا والعراق والشعب المضطهد في البحرين والمقاتلين الابرار في المقاومة في لبنان وفلسطين ).
ومن الجدير بالذكر، ان ايران تدعم بشكل مباشروعلني حكومتي سوريا والعراق عسكريا كما انها تدعم المعارضة البحرينية وحزب الله اللبناني وفصائل اسلامية فلسطينية (حماس والجهاد الاسلامي)، والمتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن وفصائل الحشد الشعبي في العراق، تلك الجماعات المسلحة التي تعمل لحسابها في العراق. 
مناورات ( حيدر الكرار ): 
ان شبح الإستفتاء بدأ يطارد ايران كما طارد تركيا، وعليه بعد اعلان عن نتائج الاستفتاء الكوردستاني قامت ايران بمناوراتها العسكرية الثانية والتي سميت بمناورات ( حيدر الكرار ) على حدودها الغربية والمحاذية لإقليم كوردستان وتحديدا عند معبر (برويز خان )الحدودي القريب من بلدة (كلار) بمحافظة السليمانية،والذي يُعتبَر من أهم بوابات التواصل بين إيران والعراق). 
شاركت ايران في المناورة بوحدات التدخل السريع، والمدفعية وطائرات استطلاع مسيرة، وعدد من الوحدات المدرعة، كما أرسلت منظومات صاروخية متطورة إلى الحدود مع الإقليم،.وقد أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد (مسعود جزائري)، أن المناورات ا( الايرانية العراقية ) تأتي في إطار طلب الحكومة العراقية لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، بهدف سيطرة الحكومة المركزية على منافذ الاقليم،وتطبيق سياسة ( قطع الشرايين الاقتصادية والتي تغذي الإقليم بالسلع والمواد الغذائية، وتساهم في تبادله التجاري) بين (إيران وإقليم كوردستان )،كما تساهم في حركة الأشخاص من وإلى الإقليم. 
لم تكتفي ايران فقثط بالمناورات العسكرية على حدودها الغربية والمحاذية لإقليم كوردستان، وانما شاركت مع القوات ( العراقية والحشد الشعبي) في الهجوم على المناطق المتنازع عليها وكل المناطق و الأراضي التي سيطرت عليها قوات البيشمركة في صيف 2014، عقب انسحاب الجيش العراقي منها أمام اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي.
وبدل ان تُنفذ القوات المهاجمة الاجراءات الدستورية والقانونية (كما ادعت )، قامت هذه القوات بارتكاب جرائم بشعة بحق اهالي هذه المناطق المغدورة والمتضررة بالارهاب و سياسة التهميش والاقصاء والتبعيث والتهجير والتعريب منذ زمن الطاغية صدام الى يومنا هذا، اضافة الى اغلاق المنافذ الحدودية مع إقليم كوردستان بالتنسيق مع ايران وتركيا. 
من اهم بوابات التواصل بين إقليم كوردستان والجارة السيئة (إيران ): 
يرتبط إقليم كوردستان مع إيران بعدد من معابر او منافذ او شراين رسمية وبعشرات منافذ غير رسمية وهنا نتطرق الى المعابر الرسمية فقط: 
1 معبر (حاج عمران والذي يقع ضمن حدود قضاء جومان الــذي يبعـد 170كم عن مركز مدينة أربيل)، وهو من أكبر وأنشط منافذ الإقليم مع إيران، ويشهد تدفقا للسلع والبضائع على مدار الساعة، وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين العام الماضي نحو 800 مليون دولار، 2 معبر (باشماخ يقع على بعد 50 كيلومترا إلى الشرق من مدينة السليمانية)، وهو من المعابر الكبيرة، ويربط بين محافظة السليمانية وإيران، وبلغت إيرادات المعبر خلال العام الماضي 217 مليارا و57 مليون دينار,3 معبر ( برويز خان والذي يقع على بعد نحو 20 كم من قضاء "كلار" التابع لمحافظة السليمانية )، وهو معبر يربط محافظة السليمانية مع إيران، وقد بدأ العمل به بعد سقوط النظام العراقي في 2003،،وتبلغ إيرادات المعبر يوميا (200 إلى 250 مليون دينار ) 4 معبر ( سيرانبن التابع لمدينة بنجوين في محافظة السليمانية ) وبحسب مسؤولين حدوديين من الجانبين، يوفر المنفذ ( سيرابن ) بوابة لتصدير منتجات أربع مدن إيرانية حدودية هي (سنه، بانه، سقز، وسردشت)، وقد بلغ حجم تبادله التجاري منذ مطلع العام الجاري نحو 12 مليون دولار، 5 منفذ (ملخورد) يقع بين مدينة حلبجة والأراضي الإيرانية، كان موجوداً وغير رسمي، لكنه نال الصفة الرسمية في الاوانه الاخيرة وفق تصريح مدير ناحية (بيارا )التابعة لمدينة حلبجة في محافظة السليمانية. 
بالطبع، الكل يعلم تمام العلم، إن الرفض الإيراني لإستفتاء إنفصال كوردستان العراق ليس حبا في وحدة العراق وسلامة أراضيه, وانما خوفا من اثارة الأحاسيس القومية لدى الشعوب غير الفارسية في الداخل الإيراني وزعزعة استقرارها الداخلي وما يترتب عليه من مطالبة هذه الشعوب بشيء مماثل، وتطور الأمور الى ما لا تحمد عقباه بين الدولة الإيرانية والشعوب المضطهدة فيها، اضيف الى ذالك ان إن انبثاق كيان كوردي في المنطقة يقف حائلا دون تحقيق الطموح الإيراني في اتمام مشاريعها التوسعية في المنطقة وعلى رأسها الهلال الشيعي والذي اشرنا اليه في الاجزاء السابقة. فضلا على الخوف من انفجار القنبلة الكوردية في الداخل الايراني والتي يوشك فتيلها على الاشتعال مع استمرار االمظاهرات التي اندلعت في بعض المدن الإيرانية، بما في ذلك في مشهد ثاني أكبر المدن في البلاد، وعليه تعتبر إيران أن أي عمل يمس بالوحدة الوطنية الإيرانية، يُـعدُّ (خيانة عظمى لا تُغتفر).
يتبع