كنت في المرحلة الإعدادية وكنت إحدى المتفوقات في مدرستي .. ولكن هذا لم يمنع معلمتي ( الأنثى ) في إحدى الحصص وبدون سبب أو سابق إنذار أن تصفعني ..و برغم أنني تحديت الكثير مما حولي خاصة للحصول على التعليم .. إلا أن الخوف من أي إتهام باطل خاصة وأن فكرة كفاها تعليما .. وماذا ستفعل بالتعليم وأن زواجها أستر وأفضل منعني من أن أشكوها سواء للمدرسة أو لوالدي . ولازالت تلك الصفعة تعتصرني غضبا وألما حين أتذكرها . ولم ولن أغفرها !!!

كنت في بريطانيا حين سمعت تبرير القرضاوي خلال زيارتة لهولندا في التسعينات وسؤاله عن ضرب المرأة وهو المعترف به ومقبول إجتماعيا خاصة للأب والأخ ثم المقدس من الزوج لوجود نص !!!.. والذي بررهالقرضاوي آنذاك بأنه للتوجية وبعصا صغيرة وليس على الوجة على ان لا يترك أثرا وغيرها من التبريرات .. وبرغم تغيير الكثير من الأمور الإجتماعية المعروفة سابقا .. ما يصعقني هو قبول المرأة العربية بأنه حق للرجل ؟؟ وإن تفاوتت النسبة من دولة لأخرى ففي إحدى الإحصائيات قبل سنوات .. اكدّت 85% من نساء الأردن على حق الرجل بدون أدنى إعتراض . سؤالي اليوم وفي ظل إنتقال الأفكار وعودة المجتمعات العربية للتمسك بالماضي والموروث .. هل تمدد هذا الحق بين الدول العربية ليصبح حقا يخرج من العائلة لكل ذكر في القبيلة والمجتمع ؟؟؟؟؟

الحادثة التي حصلت وقائعها في جامعة الأحفاد يوم الخميس في 10-1-2018 وهي أول جامعة ُبنيت للبنات في العاصمة الوطنية للسودان أم درمان, وقام ببطولة مشهد العنف رئيسها الدكتور قاسم بدري وهو أحد أحفاد العائلة التي أسست الجامعة عام 1903 على يد جدة الأستاذ بابكر بدري .. هي صورة من صور الفساد التي تحصل في كل الدول العربية بمشاريع مختلفة .. وإن تميزت حادثة الجامعة بتأكيد تجذير العنف ضد المرأة في الذهنية الذكورية برغم المستوى التعليمي والطبقي ..سبب الحادثة حين قامت بعض من الطالبات بالتظاهر لرفض الزيادة في أسعار وجبات الجامعة ؟؟؟؟ والتي رد عليها رئيس الجامعة بضرب هؤلاء الفتيات بحجة الخوف عليهن من الخروج من الجامعة . وبحجة حق الأخ في منع اخته من (ربما ) إيذاء نفسها إعتدى عليهن بالضرب ؟؟؟؟

الحادثة تؤكد الخلل السياسي والتعليمي والذهني في المجتمعات العربية ..

الخلل السياسي المعروف بالفساد الذي أدى لتميز طبقي يستغل نفوذه من خلال علاقاته مع النظام السياسي ويستغل علاقات كلاهما مع الدول الغربية لتمويل مشاريعة التي تعود بالفائدة على أسرته أولا .. سواء بالبعثات والمنح التي ُتقدّم للجامعة ثم بفرص العمل المفتوحة للأسرة . ودليلي أن الأستاذة التي قامت بالدفاع عنه أستاذه في جامعة الأحفاد بلقيس بدري ؟؟؟؟ 

الخلل التعليمي .. وإقتصار دوز الجامعة على الدراسات الأكاديمية فقط وحرمان الطلبة من عمل إتحاد و حقهن في التعبير في المظاهرة فالأول (إتحاد الطلبة ) ممنوع في هذه الجامعة . ونحن نعلم بأنه الحق الذي يؤهل الطلبة للتفهم السياسي لما يدور حولهم ويؤكد حقهم في حرية التعبير !!!

والخلل الذهني المتجذّر في كل الطبقات المجتمعية , بحق الرجل بإستعمال العنف ضد المرأة . وبإهانتها وعدم إحترام كرامتها . والأدهى تقبّل المرأة لهذا الإذلال .. كلاهما يقف عائقا في طريق التغيير المجتمعي المأمول للترسيخ لمجتمع غير عنفي وخروج المرأة من فقه تدجينها .. !! 

أمر محاكمتة متروك للسلطات القضائية في السودان وللرغبة الشعبية في رفض العنف وبدون تبرير .. ولكن فتح تحقيق في كيفية إدارة العائلة للجامعة .. ومقارنة عدد البعثات الممنوحة لأفراد عائلته ومن الطلاب الآخرين ؟؟ ومن هو الشخص أو الشركة التي حصلت على حق تقديم الوجبات وكل الأمور المادية المتصلة بإدارة الجامعة .. حق شعبي يجب على الحكومة القيام به ... 

ويبقى الشق الأخلاقي الذي أتمنى أن يقوم به السودانيون المقيمون في الخارج, والذي ينطلق من الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الدول الغربية التي تمول هذه الجامعة بالإتصال بالجهات الحكومية المختصة في التمويل في هذه الدول , وإعلامهم بالأمر وإتخاذ الإجراءات اللازمة في حرمانه من منصبة . ووضع شروط في التمويل للتأكد من توافق طرق التعليم مع الطرق الحديثة التي تعتمد الوثائق الدولية في حقوق المرأة ومنهاج تعليمي ُيبنى على الندية بين الجنسين وليس الإستعلاء الذكوري وهذا لا يمكن تحقيقة بدون العودة للإختلاط الطبيعي في المدارس والجامعات وحق الطلبة في إقامة إتحادات تطالب بحقوقهم يتساوى مع حقهم في التحصيل العلمي هو ما يؤهلهم لفهم الأمور السياسية التي تمس حياتهم والمجتمع حولهم فيما بعد .. وتوافق هذا المنهاج مع الوثائق العالمية لحقوق المرأة والتي وقعت عليها الدول العربية وإن أصرت على تحفظات معينة تحت بند الخصوصية الثقافية والإجتماعية ؟؟؟ . وتؤكد على أن حق الطلبة في تجهيزهم للحياة السياسية مساوي لحقهم في التعليم الأكاديمي.. خاصة وأن جامعة الأحفاد تمنع وجود إتحادات طلابية ؟؟؟؟؟ 

جامعة الأحفاد .. لم ُتبنى ولم ُتمول كمورد معيشي لحماية أحفاد عائلة مؤسس الجامعة ومديرها الحالي .. وُتمولها نقود دافع الضرائب الغربية للمساهمة في تقدم وتطور المرأة للمساهمة الفعالة في التطوير المجتمعي.. ومن غير المنطقي إدعاء الجامعة بالتخصص في الدراسات النسوية بينما يستعمل رئيسها العنف ضد النساء بدلآ من الحوار ...وُيصر على إستعمال العنف مرات ومرات إن حاولن التظاهر مرة أخرى ..

التعليم المثمر للمرأة هو التعليم الذي يبتدأ بتحرير عقلها وتجذير حقوقها كإنسانة غير ُمدجّنة ترفض عدم المساواة ولا تتقبل الإستعلاء الذكوري .. تأهيلها مع الرجل كشريكين لمواجهة أعباء الحياة كلها وهو ما يضمن كرامتها وُيعدها كإنسانة قادرة على تربية جيل جديد غير ُمدجن مجتمعيا وسياسيا يؤمن بحقه في الحياة والمساواة والعدل.