تمثل خاصية انشاء المجاميع في مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري احدى اهم الخصائص التي تتضمنها هذه المواقع والتطبيقات، اذ عن طريقها، وكما هو معروف للاغلبية من مشتركي هذه المنصات، يمكن ان يتجمع العديد من المشتركين في مكان افتراضي واحد يتم فيه مناقشة بعض القضايا والمشكلات والمواضيع، فضلا عن تبادل الصور ومقاطع الفيديوهات وغيرها من السمات الاخرى الموجودة في هذه المجاميع.

وتختلف هذه المجاميع، او الگروبات كما يحلو للبعض تسميتها، وتتباين في العديد من السمات كالمواضيع التي تتخصص بها، ومقدار اعداد المشتركين فيها، والقواعد التي تتبناها، فضلا عن حجم التفاعل الذي يحدث مع المشاركات التي يرفعها الاعضاء للمجموعة.

وفي هذه المقالة سنتحدث عن المجاميع الجنسية السرية والمغلقة التي يُنشئها بعض الافراد على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، اذ تعد هذه المجاميع الجنسية احد اهم المظاهر السيئة والخطيرة في العالم الافتراضي لمواقع التواصل نظرا للنتائج السلبية التي تعود على المستخدم الذي يشترك بها ويُدمن عليها.

المنهج الذي سنتاول فيه هذه المجموعات لن يكون بمنظار ديني بحت، بل برؤية وصفية تحليلية لما يجري في هذه المجاميع التي تشكل عالما سريا مغلقا على اصحابه ممن يتداولون ويتناقلون الصور والمقاطع الجنسية والاباحية بكل سرية وتحت جنح الظلام الرقمي !

ادناه بعض الملاحظات المتعلقة بهذه المجاميع، وقد استقرأتها شخصيا من هذه المجاميع من خلال اشتراكي في اكثر من عشرين مجموعة، وتابعت مايتم نشره فيها لعدة اسابيع .

١- تقوم هذه المجاميع بنشر بعض الصور الشخصية والعائلية المسربة من هواتف بعض الفتيات او الشبان بطريقة غير مقصودة وبالتالي تتسبب بمشاكل اجتماعية تصل لحد القتل للضحية التي عادة ماتكون بنتاً، في حين ينفذ الشاب بجلده ويخرج من الفضيحة بلا عقاب ! .

٢- تداول صور جنسية تتعلق بالاطفال والدعوة للقيام بمثل هكذا نوع من الانحراف والذي هو ممنوع قانونيا واخلاقيا في كل الدول بلا اي استثناء، ويجرم فاعله بالاعدام في الكثير من البلدان.

٣- الترويج لصور وفيديوات الشذوذ الجنسي بانواعه المختلفة، والدعوة لتبادل الازواج وجنس المحارم والخيانات الزوجية وجنس الحيوانات وكل انواع الرذائل المخزية .

٤- التسويق لمواقع اخرى على الشبكة العنكبوتية او لنكات لتطبيقات التراسل الفوري وخصوصا التيلغرام والتي تجري فيها نفس هذه السلوكيات الاباحية.

٥- نشر اعلانات لبيوت او شقق للدعارة والعلاقات السرية خارج حدود الزواج مع توفير الاماكن وتحديد حتى اسعار النساء.

٦- دخول بعض الفتيات المراهقات لهذه الكروبات باسماء مستعارة ومحاولة الدخول في علاقات جنسية من خلال الفضاء الافتراضي.

٧- محاولات القيام بعمليات نصب واحتيال من قبل بعض الرجال الذين يمارسون دور المرأة ويأخذون اموالا او "كارتات" شحن من بقية الرجال المخدوعين، او تقوم بهذه الخدعة بعض النساء ممن يقمن بالاحتيال على الشباب .

٨- تشكل مرتعا لممارسة الجنس السيبري، اذ يتم في هذه المجاميع التعارف بين البنت والشاب من خلال الدخول في دردشة على الخاص والتمهيد لممارسة هذا النوع من الجنس الذي ظهر مع اجتياح العالم الافتراضي لحياتنا.

٩- يتم فيه بث مباشر للقطات جنسية وافلام اباحية والتي تعد خرقا لمعايير الفيسبوك، ولكن ، لانها مجموعة سرية واغلب الموجودين يوافقون على مايجري ، فلا يتم الابلاغ عن مثل هكذا بث ويتم نشره واستمرار عرضه بلا اي ابلاغ عن فحواه المخالف للقانون.

١٠- عن طريق هذه المجاميع يتم انشاء مجموعات للشات بين الشباب او مجموعات اخرى على تطبيقات مختلفة للتراسل الفوري والتي يتم فيها تناقل الصور والفيديوات، وهذه المجموعات لايوجد فيها تبليغ عن محتواها مما يعني انها تنشر فيديوات وصورا بحرية مطلقة بعيدا عن اي رقيب .

١١- تقرأ فيها بعض الاعلانات المُريبة، امثال " متوفر خطوط اسيا اثير كورك بدون مستمسكات وفعّالات وفيها ضمان السعر ٢٠الف هدية سماعات واوكس .

 

١٢- بدأ يظهر اسم الادمنية او المشرفين على الصفحات بالنسبة لمن هو عضو في داخل المجموعة حصريا ، وبذلك يمكن بسهولة رصد من يقف وراء هذا الترويج الاباحي والفضائح التي تحصل فيها مخالفات قانونية لاشك فيها.

 

١٣- ينشر بعضهم فيها صورا فاضحة مع وضع سمايلات او ايقونات او رموز تعبيرية على المناطق الحساسة للصور ، ثم الطلب من المشاركين الدخول للخاص من اجل الاطلاع على الصور بصورة كاملة.

 

١٤- تم حذف الكثير من هذه المجاميع بسبب المحتوى الاباحي المخالف لقوانين الفيسبوك بعد ان تم الابلاغ عنها من داخل اعضاء في نفس المجموعات ، لذلك اصبحت هذه المجاميع اكثر حذرا في التعامل مع المنشورات خوفا من حذفها .

 

١٥- تتضمن هذه المجاميع العديد من الحسابات السرية لفتيات وشباب ممن يخشون الافتضاح والدخول باسمائهم الحقيقية، وبذلك تعيش هذه الشخصيات ازدواجية وبوجهين او “حسابين “ احدهما هو الحساب الحقيقي الصريح الذي يمثل شخصيته كما يعيش امام المجتمع، وحساب آخر سري يحاول فيه القيام بما يخجل ان يقوم به وهو في حسابه الاول الرسمي .

 

١٦- واضح جدا ان اغلب من يقف او يدير هذه الصفحات هم من المراهقين والشباب الذين لايدركون الاثار والنتائج الاخلاقية المدمرة الناتجة عن سلوكياتهم الاباحية.

 

ان الادمان على مشاهدة محتويات هذه المجموعات يؤدي لخلق خيالات جنسية واذواق اباحية شاذة لاتعكس الحياة الطبيعية الجنسية المفترضة التي يعيشها اي رجل او امرأة سوية ، فالترويج للجنس مع الحيوانات، والاطفال، فضلا عن التحريض على زنا المحارم يؤدي الى خلق ثقافة جنسية اباحية شاذة ومرضية يرفضها المجتمع والقانون، واي ضمير يعرف ماهي الانسانية، وفي الواقع ان انتشار مثل هكذا سلوكيات مشينة هو الذي ادى الى ان تكشف دراسة بحثية، بحسب الكاتب اسماعيل عرفة، أن “ حوالي 50% من التحميلات من المواقع الإباحية تتضمن ممارسة الجنس مع الحيوانات، أو زنا المحارم، أو ممارسة الجنس مع الأطفال” ، وهذا يعني ان الذائقة الجنسية في انحطاط خطير حيث لاتتم المتعة عند امثال هؤلاء الا مع هذا النوع من الجنس مما يؤثر على طبيعة العلاقة الجنسية .

 

التساهل مع هكذا انواع من المجاميع وعدم اتخاذ إجراءات صارمة بحقها، يتناقض مع اعتذار الفيسبوك الاخير ، والذي جاء على لسان السيد جاي روزين نائب مدير إدارة المنتجات فى شركة فيسبوك ، بعد ان طرح الموقع استبيانا يحتوي على سؤال يتعلق بالاستغلال الجنسي للاطفال ومدى مقبولية السماح للرجل البالغ بان يسأل فتاة عمرها 14 عاما عن صور جنسية غير لائقة ، وقد اعترف الفيسبوك بالخطأ وسحب الاستبيان من الموقع ، واكد ان مثل هذه المواضيع تبقى دوما غير مقبولة على الاطلاق، وان الفيسبوك قد حظر “ إغواء الأطفال على فيسبوك منذ أيامنا الأولى، وليس لدينا نية لتغيير هذا الأمر، ونحن نعمل بانتظام مع الشرطة لضمان تقديم أي شخص يتصرف بطريقة من هذا القبيل إلى العدالة".

 

على الدولة ان تحمي مواطنيها من امثال هذه المجموعات التي تُنشئ جيلا مريضا مضطربا ومختلا لاهمَّ له سوى الجنس والجري خلف اهوائه وشهواته مع عدم تقدير اي تبعات ونتائج غير اخلاقية لهذه الميول ، وبالتالي يتم بكل هدوء تدمير استقرار المجتمع، ولذا على الشركات التقنية المسؤولة عن هذه المواقع التعاون مع الدول من اجل تشخيص هذه المجموعات بعيدا عن البيروقراطية الرقمية التي لم يخلُ منها عمل هذه الشركات.

 

وللحديث بقية ...

 

 

 

مهند حبيب السماوي

باحث في مواقع التواصل الاجتماعي