(الإستقتاء او الموت) : 

إن مبادرة واشنطن لتاجيل الإستفتاء أعطت إشارات واضحة وصريحة تنم عن دعمها الكامل والرسمي للقيادة الكوردستانية في الإقليم و الى توجهاتها في المرحلة المقبلة على خط علاقاتها بالمركز على اساس (فيدرالية حقيقية ) أو نوعاً من (الكونفيدرالية أو الإستقلال )، اضافة إلى تأكيد واشنطن على تعاملها واستمرارها في العمل مع السيد مسعود البارزاني كرئيس للإقليم ( حتى في ما بعد داعش) , طبعا في حال موافقته على تاجيل الإستفتاء .. ! ولكن دون جدوى اصر السيد البارزاني على موقفه ورفع شعار (الإستقتاء او الموت) وسط معارضة محلية وإقليمية ودولية .

فيما يرى مراقبون و مطّلعون ان السيد البارزاني ارتكب اخطاء كبيرة جدا في التقدير و لم يتفاعل مع المبادرة الدولية لتاجيل موعد الإستفاء والتي تضمنت نقاط مهمة لمصلحة الإقليم منها :
1- التفاوض مع بغداد من أجل التوصل إلى تفاهم وإيجاد اتفاق مشترك على العلاقات المستقبلية بين إقليم كوردستان والحكومة العراقية، في اطار فيدرالية حقيقية أو (الكونفيدرالية أو الاستقلال) ، وذلك ضمن المحادثات السلمية بين اربيل وبغداد .

2- بقاء إقليم كوردستان والبيشمركة شركاءً رئيسيين ضمن التحالف الدولي لدحر داعش

3 ـ تصحيح حدود الإقليم عن طريق الحوارالجاد مع بغداد، وفق المادة 140 من الدستور، وبالتعاون مع واشنطن وبدعم من الأمم المتحدة .

4 ـ تعاون اقليم كوردستان مع الحكومة العراقية الحالية ، ومشاركته في الانتخابات العراقية المقبلة .

5 ـ تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بالسلطة والإيرادات , و تنفيذ المادة 140, واخيرا , معالجة المسائل الأخرى مثل البيشمركة والطيران الجوي المدني والممثليات الدبلوماسية والملفات الأخرى.

ومن الجدير بالذكر ان الوزير الخارجية الامريكية (تيلرسون ) كان قد اختتم رسالته بهذه الكلمات : 

(نؤمن بأن هذه الرسالة وقرارك الشجاع ( ويقصد قرار السيد البارزاني )بقبول تاجيل الإستفتاء سيصبح فرصة تاريخية بين أمريكا وإقليم كوردستان والحكومة العراقية، وهذا في مرحلة ما بعد تضحياتنا المشتركة وانتصاراتنا ضد داعش، باسم أمريكا، والرئيس دونالد ترمب، وجميع طاقم الأمن القومي فإنه لمن الفخر أننا نعمل معك ).

 

16 اكتوبر2017 وضع الإقليم امام حقائق مرّة أهمها :

1 ـ لم يستطيع إقليم كوردستان خلال 26 عام من الحكم شبه المستقل ان يحقق الوحدة الحقيقية ويبني جيشأ نظاميا وطنيا يكون ولائه للارض والوطن وليس للاحزاب الكوردية على الرغم من المطالبات الشعبية الملحة ..

2 ـ الضياع والتشتت والعبث بمصير الشعب الكوردستاني نتيجة إهمال الاعتبارات التاريخية والجغرافية والجيوسياسية والاستراتيجية والديموغرافية والاقتصادية المرتبطة باستقلال كوردستان .

3 ـ غياب الشراكة الوطنیة الخقيقية عن منهج وعمل الاحزاب الكوردستانية .

4 ـ الوضع الكوردستاني بحاجة إلى مخاض عسیر كي ینتظم في مساره المأمول الذي یعید للشعب الأمل ولقضیتھم العادلة الحیاة بعد اكثر من 26عام من الألم والجوع والاقتتال والصراعات الحزبية والانقسامات الداخلية الحقيقية ( بين الاخوة الاعداء ), قبل التفكير في الإستفتاء..

5 ـ حق تقرير المصير أكثر تعقيدًا من مجرد إرادة شعبية حرة، ومحاولة تحقيقه مرتبطة دائمًا بحسابات سياسية وتاريخية. على الرغم من ان حق تقرير المصير أحد الحقوق الأساسية التي يكفلها القانون الدولي، وتقره المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة، بهذا، يكون حق تقرير المصير، رغم كفالته من قبل القانون الدولي والجهود الدولية لإقراره، الا انه يبقى رهينًا بالواقع السياسي لكل منطقة ولكل دولة . 

6 ـ اتفاق وتفاهم غير رسمي بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني على تقسيم الاقليم وثرواته بينهما بحيث يحكم كل حزب في مناطق نفوذه دون عوائق ولكل حزب قواته العسكرية . 

7 ـ كشف الاستفتاء حجم الصراع ( القديم الجديد ) بين “الاتخاد الوطني الكوردستاني و”الديمقراطي الكوردستالني ”, من أجل السيطرة على موارد التمويل والنفوذ والهيمنة والمصالح الحزبية والذي وصل ذروته في التسعينيات حين تقاتل بيشمركة الحزبين وادى الى تقسيم الاقليم الى إقليمين تحكمهما إدارتين إحداهما فى أربيل والأخرى فى السليمانية كما الان .

8 ـ هشاشة الجبهة الداخلية ( سياسيا ,اقتصاديا وعسكريا ) أمام التحديات القادمة من خارج الإقليم

9 ـ خضوع البرلمان (المجلس الكارتوني ) للإملاءات الحزبية ولأوامر القيادة الكوردستانية .

اخيرا ... ان الحكومة العراقية استغلت الخلاف بين اربيل والسليمانية في التحالف مع طرف على حساب الآخر وبحكم أن مدينة كركوك هي من ضمن نفوذ حزب (الاتحاد الوطني الكوردستاني)، ومعظم قوات البيشمركه هناك المعروفة بـ(قوات وحدات 70 ـ تتبع لحزب طالباني)، وعليه إن قرارو فتح الطريق أمام القوات العراقية المساندة من الحشد الشعبي لدخول كركوك دون أن تلحق بالقوات المهاجمة أي خسائر ، كان كفيلاً بتسليم المدينة والمناطق المتنازع عليها ، دون قتال تقريباً، لبغداد, وعليه ان الانقسام الداخلي بين الكورد حال دون بلورة موقف وخطاب كوردي موحد كالعادة . 

يتبع